في أسوان روح التاريخ.. وقلب الفن النابض كان هناك صراع بين الفنانين وأحجار الجرانيت الصلبة في محراب النحت.. يحاورون الحجر، ويلهون فوق سطحه الصلد العتيد كأطفال يلهون بلعبة محببة إليهم.. يرسمون بالأزميل والمطرقة ظلالها وخطوطها وأشكالها.. حتي صارت لوحة.. هناك في أقصي جنوب مصر 16 نحاتاً عربياً وأجنبياً شاركوا في الدورة 21 لسمبوزيوم أسوان الدولي للنحت.. وبالرغم من موقعها في أقصي جنوب الوادي من مصر، إلا أنها كانت قلباً نابضاً بالحياة. كانت موطن التحدي الذي صنع فيه الفراعنة تاريخهم وكانت قلب الفن عندما استلهمت تراث فن النحت القديم من أعماق التاريخ لتصنع منه إرثاً معاصراً يحول الجرانيت إلي نماذج من الفن والجمال. في ليلة ختام سمبوزيوم أسوان الدولي للنحت تجمع الفنانون حول قطع الجرانيت التي دخلوا معها في صراع حتي أصبحت قطعة لينة وهم ينحتونها، فنانات تحدين صلابة الحجر وشكلن أحلامهن التي ستخلد في المتحف المفتوح بأسوان. وأصبح هذا المشروع الإبداعي الأكثر حيوية دليلاً حياً يؤكد قدرة مصر علي فهم واحتضان ثقافات وفنون الآخر. حيث اجتذب سمبوزيوم أسوان نخبة من الفنانين المبدعين؛ نحاتين محترفين ينتمون لثقافات متعددة، لهم أفكارهم وانطباعاتهم التي تجعل من هذه الرحلة الفنية مغامرة إبداعية نادرة المتعة والبهجة والإثارة، حتي يمكننا أن نقرر مطمئنين باعتبار سمبوزيوم أسوان اليوم أشهر وأضخم الملتقيات الدولية للنحت، التي يسعي كل فنان عالمي للاشتراك فيه.إنه حالة كبري من الاهتمام المتجدد بالتاريخ والفن. قالت الدكتور نفين الكيلاني رئيسة اللجنة العليا للسمبوزيوم والمشرفة علي قطاع صندوق التنمية الثقافية إن الدورة ال21 شارك فيها فنانون من المكسيك والبرازيل والأرجنتين ومن السودان خالد عبد الله ميرغني أما مصر فيملثها ستة فنانين كما يشارك ستة آخرون في ورش عمل طوال فترة السمبوزيوم. وقال طارق زبادي المنسق العام للسمبوزيوم إن الدورات العشرين السابقة استضافت نحو 150 «من أهم النحاتين في العالم» وأنهم قدموا مئات الأعمال الفنية التي يعرض منها 184 قطعة مختلفة الأحجام في المتحف المفتوح بأسوان. وتوضع عشرات التماثيل من أعمال النحاتين المشاركين في الدورات السابقة في حدائق وميادين بعض المدن المصرية أما بقية التماثيل فتوجد في المتحف المفتوح الذي يقع علي مساحة 33 فداناً فوق هضبة تطل علي بحيرة نيلية في المسافة بين خزان أسوان والسد العالي. وخلال إقامة السمبوزيوم قام الفنان فاروق حسني وزير الثقافة الأسبق ومعه الفنان آدم حنين بزيارة موقع ورشة النحت للاطمئنان عليه وتفقد الوزير الأسبق فعاليات السمبوزيوم العالمي ملتقيا الفنانين المشاركين فيه من عدة دول من أنحاء العالم وأصروا علي اصطحاب الفنان فاروق حسني إلي موقع العمل كما اصطحبه الفنان طارق زبادي قوميسيرعام السمبوزيوم في الجولة التي حرص فيها كل الفنانين علي أن يطلعوا حسني علي ما أنجزوه من أعمال فنية ملتقطين معه الصور التذكارية. خلال أكثر من شهر ونصف شارك في هذه الدورة فنانون من المكسيك ورومانيا والبرازيل والسودان، بالإضافة إلي مشاركة ستة فنانين مصريين، وستة من شباب النحاتين بورشة السمبوزيوم.