انتشرت خلال الفترة الأخيرة أنواع كثيرة من العطور المزيفة والمقلدة للماركات العالمية، والتي تحولت إلي تجارة رائجة ومربحة للبعض، وفي ظل ثورة الاتصالات والمعلومات انتشرت ظاهرة بيع العطور وأدوات التجميل عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي بين الشباب باعتبارها فرصة عمل ومصدر رزق لهم، وأيضاً للتغلب علي البطالة وعدم وجود فرص عمل إضافة إلي أنها تجارة لا تتطلب تكاليف عالية. أطباء: تسبب أضراراً جسيمة علي الصحة خبراء عطور: موادها تدخل ضمن تركيبات المبيدات الحشرية أصحاب المحلات: رخيصة الثمن والمواطن لا يفرقها عن الأصلي وتمتلك سوق العطور في مصر إمكانات تسهم بشكل فعال في النمو الاقتصادي فبحسب خبراء أن حجم ما تصنعه المصانع وشركات مستحضرات التجميل في مصر يقدر بنحو 7 مليارات جنيه منها ما يقدر بنحو 5 مليارات و80 مليون جنيه كاستهلاك محلي ونحو مليار و200 مليون جنيه يتم تصديره للخارج. وقد وضعت الحكومة خطة تستهدف مضاعفة حجم منتجات التجميل بحيث تصل الصادرات إلي نحو 6 مليارات جنيه خلال الثلاث سنوات القادمة. وتعد قرية شبرا بلولة بمحافظة الغربية من أشهر المناطق في مصر في زراعة وتصدير أغلي خامات العطور في العالم كالياسمين والبنفسج والريحان حيث يصل إنتاجها من زيت الياسمين إلي نحو أكثر من 40 في المائة علي مستوي العالم. في الوقت الذي يقدر إنتاج العالم من الياسمين بنحو 14 طناً منها 7 أطنان نصيب مصر حيث تسهم قرية شبرا بلولة وحدها بنحو 4 ملايين وتقوم القرية بتصدير هذه الخامات إلي الأسواق الأمريكية والأوروبية. كما تعد قرية قطور بمحافظة الغربية من المناطق المشتهرة بزراعة نباتات الياسمين وبها 10 مصانع لصناعة العطور وتعبئتها، وتعد شجرة العود والتي تستخدم في صناعة العطور خاصة العود الأزرق من أغلي أنواع العطور علي مستوي العالم، كما تعد أحياء الأزهر والحسين وخان الخليلي والعتبة من أشهر مناطق محلات بيع العطور، حيث تعلو اللافتات بعض المحلات التجارية والتي لا تزيد مساحتها علي بضعة أمتار تفوح منها روائح أغلي العطور العالمية. الغش والتدليس وقد اشتهرت بعض العائلات في حي الأزهر والحسين بتجارة تركيب العطور منذ سنوات طويلة منها عائلة الحناوي والتي احترفت تجارة تركيب العطور منذ أكثر من 60 عاماً، لكن هذه التجارة انتشرت خلال الفترة الأخيرة بشكل لافت للنظر، وأصبحت لا تخلو من الغش والتدليس علي الناس. وانتشرت المحلات الممتلئة بالعطور المقلدة والمغشوشة والتي تعددت أساليب غشها، وقد استغل أصحاب هذه المحلات رغبة أبناء الطبقات المتوسطة في التعطر بأشهر أنواع العطور، حتي إن كانت مقلدة، لأنهم لا يستطيعون اقتناء الأنواع الأصلية لارتفاع سعرها، وقد بلغ حجم العطور المزيفة والمقلدة نحو 500 مليون جنيه. يقول وائل الحناوي من أفراد عائلة الحناوي؛ أشهر العائلات في مجال تركيب العطور في حي الأزهر، إن انتشار ظاهرة تركيب العطور المقلدة راجع لسهولة تقليد العطور الأصلية وعدم معرفة المواطن واختيارة ما بين المقلد والأصلي، إضافة إلي رخص سعرها في ظل ارتفاع أسعار العطور الأصلية، فنوعية المنتجات التي تستخدم في صنع العطر المركب والأسانس المركز ونوع الكحول ونسبة التركيز كل هذا يتحكم في سعر زجاجة العطر. تجارة رابحة ويري محمد رمضان تاجر عطور بخان الخليلي، أن خامات العطور الأصلية معظمها مصرية مثل الياسمين والريحان والبنفسج والورد البلدي وغيرها من الخامات التي يتم تصديرها إلي العديد من دول العالم خاصة أمريكا وأوروبا حيث يتم عملية تقطير لها حتي تصبح خاماً فالكيلو جرام منها يحتوي علي العديد من الكيلو جرامات. يضيف أن انتشار العديد من محلات بيع العطور المقلدة والمغشوشة يرجع إلي أنها تجارة رابحة وغير مكلفة، ومن المؤسف إقبال العديد من الناس علي شراء هذه العطور المقلدة وهذا بسبب رخص سعرها إضافة إلي عدم تمييزهم ما بين العطور الأصلية والمقلدة. يقول الدكتور أحمد عبدالهادي خبير صناعة العطور، إن العطور المقلدة تحتوي علي بعض المواد غير معروفة الخصائص إلي 25 في المائة من هذه المواد إضافة إلي 75 في المائة من المكونات تركيبية غير واضحة وغير معروفة، لافتا إلي أن أغلب المواد التي تدخل في تركيب المبيدات الحشرية الضارة تدخل في تركيب العطور المزيفة والتي لها آثار جسيمة وضارة علي جسم الإنسان وتسبب الأمراض كالإصابة بالربو والإجهاض وغيرها من الأمراض. أضرار خطيرة يوضح أن هناك عطوراً تحتوي علي مثبت للرائحة إضافة إلي مادة الكحول وبعض المرطبات الضارة والمزيفة، والتي لها أضرار خطيرة لمن يستخدمها، حيث تظهر بعض الأعراض منها الإصابة بمرض الجهاز التنفسي والهرموني وأحيانا الإصابة بأعراض الجهاز العصبي حيث تظهر علي الإنسان المستخدم لتلك الأنواع من العطور الحساسية المفرطة ودموع العينين ووجع الدماغ وأحيانا الدوخة، لذلك نلاحظ أن الشركات العالمية تتفادي خطر هذه الأنواع من العطور المزيفة وتركز استخدامها لإنتاج العطور الشفافة لتتجنب الآثار الضارة عند استخدامها مشيراً إلي أن العطور الطبيعية تختلف عن المقلدة والمزيفة فهي تتمتع بالرائحة الزكية الخالية من أي مواد ضارة إضافة إلي أن العطور الطبيعية تحتوي علي الورد والزهر. ويري الدكتور تامر سعيد صالح بالمركز القومي للبحوث تخصص مواد كيميائية خضراء، أن صناعة العطور الأصلية تحتوي علي مواد أساسية تتكون من الزيت العطري سواء كان نباتاً طبيعياً أو مواد مصنعة والكحول الإيثيلي ومزيل لرائحة الكحول ومثبت لرائحة العطر ومطهر لهذه الرائحة، لافتا إلي أن ما نشاهده في بعض محلات تركيب العطور المقلدة يختلف بشكل كبير لأن التزييف والتقليد يصل إلي أكثر من 90 في المائة من هذه العطور عند عملية التركيب، حيث يبدأ من المستورد للزيت العطري والذي يقوم بإضافة بعض الزيوت المعدنية البترولية وذلك لزيادة الكمية وتحقيق مكاسب كبيرة. الحساسية الضوئية أما الدكتور محمود فوزي عبد الحميد متخصص الأمراض الجلدية والتناسلية بالمركز القومي للبحوث، فيؤكد أن استخدام العطور المركبة التي تحتوي علي الميثانول يسبب أضراراً خطيرة علي الإنسان فالكحول الميثيلي الذي يعرف بالميثانول أو خشب الكحول سائل عديم اللون يحتوي علي رائحة نفاذة والذي يستخدم كمذيب وسريع الاشتعال له درجة سمية عالية ويسبب أضراراً علي معظم أجهزة الجسم ويسبب تهيجاً في الجلد وسد الحيز التنفسي للخلايا الجلدية وسعالاً في حالة استنشاقه كما تؤدي الزيوت العطرية الاصطناعية إلي ظهور بقع داكنة لاحتوائها علي زيت البرجموت والذي يعمل علي تنشيط خلايا الميلانوسيف وهي الخلايا التي تحمل مادة الميلانيل المستقرة للجلد. ويحذر د.عبد الحميد من استخدام العطر والتعرض لأشعة الشمس لأن ذلك قد يؤدي إلي الحساسية الضوئية والتي قد تتطور أحياناً إلي حروق خاصة أن أشعة الشمس تحتوي علي أشعة الترافيوليت المسببة لسرطان الجلد إضافة إلي البعد عن استخدام الزيوت العطرية الاصطناعية خاصة مرضي الكلف الجلدي لافتا إلي أن الكحول الميثيلي يؤدي إلي جفاف الشعر وتشقق في فروة الرأس وذلك لإذابته للمواد الدهنية الموجودة بالشعر لذا نلاحظ وضع شركات مستحضرات التجميل والعناية بالشعر عبارة «خال من الكحول» علي منتجاتها إضافة إلي ظهور بعض الآثار المزمنة نتيجة التعرض المستمر للكحول الميثيلي وتظهر هذه الآثار عادة علي العاملين في محلات تركيب العطور حيث تظهر في جفاف البشرة وتشققات في الجلد وقصور في الجهاز العصبي وتليف في الكبد وذلك لامتصاص الكحول عن طريق الجلد ووصولة إلي الدم ثم إلي الكبد فالكحول يحتوي علي مادة سامة تصيب الكبد بالتليف. ويؤكد ضرورة قيام العاملين في محلات تركيب العطور بإجراء بعض الفحوصات الدورية لكل من وظائف الكبد إضافة إلي ضرورة لبس واق للرأس وقفازات ونظارات طبية في حالة التعرض للمواد الكيميائية وذلك للحد من هذه الأضرار الناشئة من الكحول الميثيلي والذي له أضرار خطيرة علي مرضي الكبد والبهاق والجلد. ويحذر الدكتور عبدالسلام الظواهري أستاذ الأمراض الجلدية بطب قصر العيني، من الآثار الجانبية التي يتعرض لها الإنسان عند استخدامه لهذه العطور المركبة، لافتاً إلي أن الأصل في العطور أنها مستخرجة من مصادر طبيعية نباتية أو حيوانية، وهذا ما يجعل سعر هذه العطور الأصلية مرتفعاً أما العطور المركبة فتدخل في تركيبها بعض المواد الكيميائية، مما يحدث أثراً شديد الضرر علي الجلد، فقد يحدث انسداد في مسام الجلد نتيجة لكثرة استخدام المواد الكيميائية، ناهيك عن أن استخدام العطور المركبة مع التعرض لأشعة الشمس يؤدي إلي سواد طبقات الجلد.