أثارت أزمة أطباء مستشفي المطرية، وقبلها أزمة الممرضين والعمال بمستشفي معهد ناصر، التي وصلت إلي ذروتها لحد الإضراب، وإغلاق المستشفيات، ومنع دخول المرضي والحالات الحرجة غرف العمليات، موجة من الاستياء العارم بين المواطنين. الأمر الذي يطرح تساؤلات حول مدي أحقية الموظفين والعمال الحصول علي حقوقهم بالإضراب علي حساب المواطنين وتعطيل العمل. البرعي : المفاوضات والحوار أفضل من تعطيل مصالح الناس السويدي : لا يوجد قانون في العالم يعطي الحق في الإضراب عن العمل علام: قانون العمل الجديد يهدد الاستثمار ويؤدي لهروب المستثمر وهب الله: الدستور يعطي العامل حق الإضراب السلمي فقط إضراب الأطباء سبقه إضراب عمال شركات الغزل والنسيج بمحافظات الإسكندرية والمنوفية وقيامهم بقطع طرق رئيسية احتجاجاً علي عدم صرف مستحقاتهم المالية المتأخرة، وتأتي هذه الإضرابات قبل أيام من إقرار قانون العمل الجديد بعد مناقشته داخل أروقة مجلس النواب، الذي ينتظر هو الآخر إحداث ردود فعل متباينة فيما يتعلق ببند حق الإضراب والاعتصام، الذي يلاقي اعتراضات من قبل رجال الأعمال بينما ترحب به القيادات العمالية. وبحسب خبراء يوجد عاملان للحد من الإضرابات والاعتصامات، يتمثلان في أمان الوظيفة والأجر العادل، فالحاجة باتت ملحة إلي إعادة ضبط العلاقة بين العامل وصاحب العمل وتحسين ظروف وبيئة العمل بحيث يكون هناك حد أدني وأقصي للأجور والمعاشات مع رفع معدلات الدخل بشكل عام. أحمد البرعي وزير القوي العاملة الأسبق، يقول إن هناك حلولاً للقضاء علي ظاهرة الاعتصامات والإضرابات تتمثل في المفاوضات والحوار الاجتماعي بين العامل وصاحب العمل باعتبارهم طرفي الإنتاج حتي يمكن إيجاد حلول للمشاكل ترضي الطرفين وبعيداً عن تعطيل مصالح المواطنين والإنتاج، لافتاً إلي أن العمال بعد المعاناة وفشل المفاوضات سواء مع أصحاب الأعمال أو الحكومة يلجأون للإضراب عن العمل والاحتجاجات. بينما يؤكد محمود الشندويلي رئيس جمعية مستثمري سوهاج، أن أصحاب الأعمال والمستثمرين في حاجة ماسة لتنظيم العلاقة التعاقدية مع العمال دون الإجحاف بحقوق العمال لافتاً إلي ضرورة عرض مسودة مشروع القانون بكل شفافية علي المستثمرين وأصحاب الأعمال والعمال حتي لا نفاجأ نحن أصحاب الأعمال بإقرار قانون من الممكن ألا يكون في صالح الاستثمار والمستثمرين ويكون فقط في صالح العمال. ويضيف، أتمني أن يتضمن القانون الجديد مادة تحافظ علي العمالة الفنية الماهرة المدربة التي قمنا كمستثمرين بعقد برامج تدريب لهم داخل وخارج مصر، وأنه ليس من المعقول أن يقوم مستثمر آخر بخطف هذه العمالة المدربة إضافة إلي ضرورة أن يتضمن القانون بنوداً تساعد المستثمرين وأصحاب المصانع علي عدم تحمل العمالة غيرالمنسجمة مع طبيعة العمل لأن مثل هذه العمالة تكون عبئاً علي صاحب العمل. ويطالب الشندويلي بالاستعانة بالعمالة المتدربة الملائمة لطبيعة العمل وليس الاستعانة بالعمالة غير الملائمة والزائدة عن طاقة العمل التي لا تعمل ولا تنجز مما يجعلها تلوح دائماً بالاحتجاجات والاعتصامات والإضرابات وهذه الأمور من الممكن أن يكتشفها أصحاب الأعمال بعد مرور فترة من ممارسة العامل لعمله، كما طالب أن يتضمن القانون بنداً يلزم العامل بالتوقيع علي عقد يحتوي علي شروط تحقق مصلحة العامل وصاحب العمل وتضمن لكلٍ منهما الحقوق وألا يقوم العامل بالإضراب ويتضرر صاحب العمل بتوقف منشآته ومصنعه بسبب الإضراب وبالتالي لابد من القانون لمراعاة مصلحة الطرفين وتحقيق المصلحة المشتركة وحق العامل في الإضراب. ويري محمد السويدي رئيس اتحاد الصناعات، أن قانون العمل الجديد يتضمن بعض البنود التي تلحق الضرر بالإنتاج وتؤدي إلي وقف عجلة الإنتاج كالبند الخاص بحق العامل في الإضراب عن العمل حتي يجبر صاحب العمل للانصياع لمطالبه والموافقة عليها فهذا النص غير موجود في أي قانون عمل في أي دولة من دول العالم ومن هنا يجب طرح القانون للمناقشة قبل إقراره لأنه إذا تم إقراره بهذه الصيغة سيؤدي لعوائق خطيرة وهروب المستثمرين، لافتاً إلي وجود بند آخر في القانون الجديد ينص علي الرجوع للقانون القديم إذا كان هذا من مصلحة العامل مما يدل علي أن اتجاه وزارة القوي العاملة ينحاز لمصلحة العامل ولا ينظر إلي مصلحة المستثمر وإزالة معوقات الاستثمار التي تنتج عن التحسن في وضع العمال والتشغيل أو القضاء علي نسبة البطالة وزيادة الاستثمارات لتحسين الاقتصاد. وشدد السويدي، علي ضرورة طرح القانون الجديد للمناقشة والحوارالمجتمعي ومعرفة آراء اتحاد الصناعات واتحادات الغرف التجارية والنقابات العمالية والبنوك والغرف السياحية والاتحاد المصري للتشييد والبناء حتي يتم تدارك ما به من عيوب وأخطاء وتصحيحها حتي يخرج القانون بتوافق بين طرفي الإنتاج العامل وصاحب العمل. ويتفق سمير علام رئيس لجنة العمل باتحاد الصناعات، مع الرأي السابق في وجود بندين أساسيين في قانون العمل الجديد يلحقان الضرر بالإنتاج، البند الخاص بحق العامل في الإضراب والبند الخاص بعقد العمل بين العامل وصاحب العمل وهذه البنود تهدد الاستثمار وتؤدي إلي هروب المستثمرين وتقلق أي مستثمر سواء محلي أو أجنبي، وبالتالي لابد من الوصول لصيغة قانونية يتوافق عليها الطرفان صاحب العمل والعامل بما يحقق العدالة والمصلحة بينهما وبما يضمن عدم التفريط في حقوق العمال وعدم خسارة أصحاب الأعمال، لافتاً إلي ضرورة مراجعة مسودة القانون التي لم تنص علي ربط عقد العمل بمدة محددة لكي لا يتحول العقد إلي علاقة تعاقدية دائمة مدي الحياة، ومن هنا يجب أن تكون مدة العقد محددة وتُجدد بالتراضي بين الطرفين ويضيف علام، إن البند الخاص بحق الإضراب السلمي يجب أن يكون لصاحب العمل معرفة تامة بأسباب الإضراب والحصول علي موافقة وتصريح قانوني قبل الإضراب إضافة إلي إخطارالجهات الأمنية بأي إضراب مدني في الشارع وإخطار أصحاب الأعمال بكل ما يرتبط بالإضراب حتي لا تتوقف عجلة الإنتاج ويتوقف سير العمل مما يلحق الضرر بالمستثمر. بينما يري حمادة القليوبي رئيس جمعية مستثمري ومصدري المحلة، أن مسودة قانون العمل الجديد في مصلحة العمال وليس لأصحاب الأعمال أي دور أو إجراء يمكن اتخاذه ضد العمال إذا أخطأوا، مشيراً إلي أن بنود القانون لا تتضمن أي بند لصالح صاحب العمل كمسئول تجاه العمال الذين يعملون في مصنعه أو مؤسسته، متسائلاً : «أين الثواب والعقاب والجزاءات في مسودة القانون؟». أما محمد وهب الله رئيس النقابة العامة للعاملين بالتجارة، فيقول إن قانون العمل الجديد من أهم القوانين فهو يهم قاعدة عريضة من العمال وأصحاب الأعمال ويستمد أهميته من أهمية العمل كقيمة إنسانية واجتماعية واقتصادية لافتا إلي أن الدستور والقانون والمواثيق تنص علي حق العامل في الإضراب السلمي بشرط أن تكون هناك آلية تنظم وتضبط الإضراب وأحقية العامل في الإضراب، لافتا إلي أنه قد تمت إضافة تعريف محدد للإضراب سواء كان كليا او جزئيا أو اعتصاما إضافة إلي أنه تم بالتوافق بين العمال وأصحاب العمل علي تعريف الإضراب بأنه التوقف السلمي لجميع العمال أو بعضهم عن أداء اعمالهم المكلفين بأدائها سواء المتفق عليها سابقا أو لاحقا بغرض حث أصحاب الأعمال علي استئناف المفاوضات لتحقيق مطالب مشروعة قد سبق رفضها. يضيف، أن مشروع القانون قد عرّف الاعتصام بأنه الوقوف السلمي للعمال أو البعض منهم في أماكن العمل بعد أداء الأعمال المكلفين بها كتعبير عن رغبتهم في تحقيق مطالبهم المشروعة، مشيراً إلي أنه قد تم التوافق علي أن تكون فترة الاختبار في عقد العمل غير محدد المدة وأن تكون المدة المحددة لعقد العمل لأكثرمن عام لا تزيدعن ثلاثة أشهر، وبالنسبة للعقد محدد المدة فقد تمت الموافقة علي ألا تتجاوز فترة الاختبار شهرا في حالة إذا كانت مدة العقد عاما فأقل، وأنه لا يجوز تعيين العامل تحت الاختبار أكثر من مرة واحدة عند صاحب عمل واحد. وشدد وهب الله، علي أن قانون العمل الجديد سيقضي علي جميع المشاكل التي يواجهها العامل في القطاع الخاص كالفصل التعسفي وغيرها من المشاكل، لافتا إلي محاولات رجال الأعمال لإلغاء الحقوق الأساسية التي نص عليها الدستور ومنها حق الإضراب فهم لا يحاولون الانقلاب علي القانون، فهناك حقوق أساسية للعمال مثل الأجر وساعات العمل والتأمين الصحي. ويري هشام فؤاد عضو حملة «نحو قانون عادل للعمل»، أن تباين ردود الأفعال تجاه الاحتجاجات العمالية يعود إلي مدي تأثير الإضرابات علي حركة المواطنين مثال عمال السكة الحديد الذين أضربوا إضرابا تباطئياً حيث تم الاستجابة لمطالبهم، أو يعود إلي مدي تلاحم المنشأة مع المحيط الاجتماعي حولة كعمال مصانع الألومنيوم بنجع حمادي، وهذا ما يتطلب مشاركة غالبية العاملين في الإضراب، لافتا إلي أن من ضمن استجابة الدولة للعاملين تحليهم بسياسة النفس الطويل وأن تكون الاحتجاجات قطاعية مثل توحد عمال البترول فكلهم وراء مطلب واحد أو عمال مجموعة شركات وانضمام قطاعات للإضرابات كتأييد لعمال قطاعات أخري. يضيف، أن المغزي من الإضرابات والاحتجاجات شعور رجال الأعمال أو الحكومة أن تكلفة التوقف عن العمل أعلي من تكلفة الاستجابة لمطالب العاملين، مشيراً إلي أن الدستور أتاح للعامل الاحتجاج والإضراب السلمي كنوع من المطالبة بحقوقه.