أخيراً وبعد 4 سنوات من التجميد، تستعد الحكومة لإجراء انتخابات المجالس المحلية، بعد إقرار مجلس النواب مشروع القانون الجديد الخاص بالمحليات خلال أيام، والمنتظر أن يعالج المشكلات المزمنة التي أعاقت خلال السنوات الماضية دور هذه المجالس في الرقابة علي المحليات، وعرض المشكلات التي تعاني منها القري والمدن وإيجاد سُبل لحلها. اتفق الجميع علي أن المحليات أكثر الأماكن المنتشر فيها الفساد، والذي نتج عن سوء اختيار بعض قيادات المحليات، التي سمح لها القانون الحالي أن تفعل ما تشاء دون محاسبة أو رقابة من المجالس الشعبية، مما أدي لتدمير المرافق والخدمات وإهمال مصالح الناس وانتشار الأمراض ونقص الخدمات التعليمية وانتشار البطالة.. أسباب الخلل في عمل الإدارة المحلية في مصر متشابكة ومتداخلة منها ما يتعلق بالقانون الذي ينظمها وهو القانون الحالي رقم 43 لسنة 1979 ومنها ما يتعلق بأمراض الإدارة التي أصابت الجهاز الإداري للدولة بشكل عام والتي تمكنت منه بالشكل الذي يجعل عملية إصلاحه أكثر تعقيداً.. والسؤال الآن، هل إقرار القانون الجديد، والذي يسمح بمحاسبة المقصرين من المسئولين وسحب الثقة منهم حتي المحافظين، سيقضي علي مقولة "الفساد للركب". إبراهيم صابر، رئيس حي المعادي بالقاهرة، قال إن عدم تطبيق اللامركزية قد يكون السبب في عدم رضا البعض لافتاً إلي وجود مشكلة رئيسية تواجه رؤساء الأحياء وتتمثل في ازدواجية وتعدد جهات اتخاذ القرار الأمر الذي أدي إلي التضارب، فتبدو أجهزة الحكومة كأنها تعمل ضد بعضها البعض لذلك إذا قمت مثلاً بتشميع كافيه لعدم حصوله علي ترخيص فنلاحظ قيام صاحب الكافيه بفض الشمع وفتح الكافيه مرة أخري وهذه جنحة عقوبتها تقدر ب50 جنيهاً وهذا المبلغ هزيل جداً أيضاً إذا قمت بقطع التيار الكهربائي عنه يلجأ لشركة الكهرباء ويطالب بعمل ما يعرف بالممارسة وهذا إجراء تتجه له شركة الكهرباء لمنع سرقة التيار الكهربائي. يضيف، هناك أكثر من جهاز رقابي علي الوحدات المحلية أبرزها الرقابة الإدارية والنيابة الإدارية ونيابة الأموال العامة ومباحث المرافق ومباحث قسم الشرطة والجهاز المركزي للمحاسبات والجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، مشيرا إلي أن المجالس الشعبية والمجتمع المدني والمواطن الذي يحمل علي عاتقه دوراً أكبر في عدم الرضوخ لأي ابتزاز وهذه الرقابة لها أهمية هذا جانب وهناك جانب آخر يتمثل في إعادة النظر في أجور موظفي المحليات لأنهم الأقل بين موظفي الدولة. سحب الثقة صابر، أوضح أن المجالس الشعبية كانت دائماً علي خلاف مع المجالس التنفيذية، مطالباً بإعادة النظر في شروط الترشح للمجالس المحلية، خاصةً أن الدستور أعطاها حق سحب الثقة من القيادات التنفيذية وهو ما يتطلب توافر الخبرة في العمل المحلي لمن يرغب في الترشح في انتخابات المجالس المحلية، فلا يكفي إخضاع المسئول الجديد لدورة مدتها ثلاثة أيام ثم يبدأ عمله بعدها مباشرة كما يجب أن تكون هناك معايير معروفة ومعلنة للجميع لاختيار القيادات. ويري أسامة السقعان، رئيس حي بولاق الدكرور، أنه توجد بعض القوانين التي تحتاج إلي تعديلات أهمها قانون 119 الخاص بالتراخيص والإزالات ويشترط وجود عقد مسجل وتوجد إشكالية تتمثل في المنازل القديمة والتي مر علي إنشائها مائة عام ويريد ملاكها الحصول علي ترخيص إزالة حيث يطلب منهم تقديم عقود مسجلة وهذا في حد ذاته أمر صعب علي ترخيص المواطن ومن هنا يلجأ إلي المخالفة رغماً عنه ويدفع رشاوي كبيرة بديلاً عن التراخيص والدخول في متاهات توصيل المياه والكهرباء بتكلفة تزيد علي تكلفة استصدار الرخصة. ويتفق الدكتور حمدي عرفة، خبير الإدارة المحلية، مع الرأي السابق، مطالباً بنقل جميع الإدارات الهندسية التابعة لوحدات الإدارة المحلية، والتي تضم مدناً وأحياء وقري ومراكز في جميع المحافظات إلي مديريات وزارة الإسكان المنتشرة في المحافظات حتي يتم تطوير وتطهير الإدارات الهندسية ومنعاً لزيادة العقارات المخالفة، لافتاً إلي وجود دراسات بحثية تؤكد ضرورة نقل جميع الإدارات الهندسية في الوحدات المحلية إلي وزارة الإسكان، لذلك فبسبب عدم اختصاص القائمين علي تلك الإدارات الهندسية يهدر علي الدولة نحو 88 مليار جنيه سنوياً فغالبية العاملين من الإدارات الهندسية السبب الرئيسي في انهيار المنازل والعقارات المخالفة. صلاحيات أوسع اللواء محسن النعماني، وزير التنمية المحلية الأسبق، يري أن القانون الجديد يعطي صلاحيات أوسع للمجالس الشعبية المحلية لمساءلة المسئولين التنفيذيين بحيث تكون الرقابة حقيقية وليست شكلية، مشيراً إلي أن وجود أكثر من مستوي محلي يعيق عملية اتخاذ القرار وربما يحدث تعارضاً ومن هنا أراهن علي الشباب في انتخابات المحليات المقبلة. ويؤكد المستشار عدلي حسين، محافظ القليوبية الأسبق، أن انتخابات المجالس المحلية المقبلة ستكون مثار اهتمام المواطنين، خاصة أن الدستور اشترط أن يكون ربع المجلس المحلي للشباب وربع آخر للمرأة كما اشترط وجود نسبة للأقباط، لافتا إلي أن الحديث عن الفساد في المحليات ناتج عن غموض القوانين علي وجه العموم وعدم تحديد الصلاحيات والاختصاصات بدقة مما يفتح المجال للتأويلات والاستثناءات. من جهة أخري، يري الدكتور علي عبدالرحمن، محافظ الجيزة السابق، أن القانون الجديد سيوقف عشوائية الاعتمادات الخاصة بالخدمات ويضع خططاً لمشكلات المحافظات وأولويات تنفيذها بمشاركة أعضاء المجالس المحلية ودون وجود أي أغراض شخصية أو مصالح، لافتاً إلي وجود نسبة من الأعضاء يبحثون عن مصالح شخصية تتمثل في طلب وظيفة أو إنشاء مخبز أو طلب بإعفاء من مخالفة أو الحصول علي استثناء وهذا راجع بسبب سوء اختيارهم من قبل المواطنين، لافتاً إلي أن القانون الجديد يلزم بأن تكون هناك نسبة لكل من المرأة والشباب مع العمل علي تقليص أعداد المجلس الكبيرة.