استبشر المصريون خيرا بتوقيع الرئيس عبدالفتاح السيسي ورئيس الوزراء الأثيوبي ديسالين والرئيس السوداني عمر البشير في مارس الماضي اتفاقية حول إعلان مبادئ بين مصر وأثيوبيا والسودان حول مشروع سد النهضة الأثيوبي، الذي تم توقيعها في الخرطوم لتكون نهاية لمخاوفهم من بناء السد فكان من المفترض في تلك الفترة أن تتم الدراسات الفنية للسد لكنها توقفت بعد انسحاب المكتب الفني الهولندي وإعلان أثيوبيا الانتهاء من بناء 47% من الجسم الخرساني للسد لتشتعل الأزمة مجدداً. ولإيجاد حل للأزمة التقي الرئيس السيسي برئيس الوزراء الأثيوبي ديسالين، علي هامش اجتماعات الأممالمتحدة وأكد أهمية الإسراع في تنفيذ الإجراءات الفنية المتفق عليها في إعلان المبادئ الخاص بسد النهضة ليكون رد ديسالين أن الملف معلق الآن بالحكومة الجاري تشكيلها في أثيوبيا والخطوات التي سيتخذها مسئولوها بخصوص سد النهضة، وشدد ديسالين علي أن بلاده لن تغير التزاماتها، وأن هذا الموضوع سيكون في مقدمة أولويات الحكومة الأثيوبية الجديدة التي ستتولي مهامها في 4 أكتوبر المقبل. فيما أعلن الدكتور حسام مغازي، وزير الموارد المائية والري، أن اللجنة الوطنية المصرية لسد النهضة وجهت الدعوة لكل من السودان وأثيوبيا للاجتماع بالقاهرة يومي 4 و5 أكتوبر علي مستوي الخبراء، وبحضور الشركتين الاستشاريتين الفرنسية والهولندية، لمناقشة النقاط الخلافية بينهما، تمهيدا لإجراء الدراسات لتحديد تأثيرات إنشاء السد علي مصر والسودان، وفي انتظار تأكيد الدولتين علي الحضور. بقراءة إعلان المبادئ بين مصر وأثيوبيا والسودان حول مشروع سد النهضة نلاحظ أن المبدأ الأساسي الذي تقوم عليه الوثيقة هو مبدأ حسن النوايا فالمبدأ الأول يقول التعاون علي أساس التفاهم المشترك، المنفعة المشتركة، حسن النوايا، المكاسب للجميع، ومبادئ القانون الدولي. التعاون في تفهم الاحتياجات المائية لدول المنبع والمصب بمختلف مناحيها. والمبدأ التاسع يقول مبدأ السيادة ووحدة إقليم الدولة: سوف تتعاون الدول الثلاث علي أساس السيادة المتساوية، وحدة إقليم الدولة، المنفعة المشتركة وحسن النوايا، بهدف تحقيق الاستخدام الأمثل والحماية المناسبة للنهر. والمبدأ العاشر تقوم الدول الثلاث بتسوية منازعاتهم الناشئة عن تفسير أو تطبيق هذا الاتفاق بالتوافق من خلال المشاورات أو التفاوض وفقاً لمبدأ حسن النوايا. إذا لم تنجح الأطراف في حل الخلاف من خلال المشاورات أو المفاوضات، فيمكن لهم مجتمعين طلب التوفيق، الوساطة أو إحالة الأمر لعناية رؤساء الدول - رئيس الحكومة. وتعثرت مفاوضات "سد النهضة"، بسبب انسحاب المكتب الاستشاري الهولندي "دلتارس" المكلف بإعداد الدراسات الفنية حول مشروع السد، بالتعاون مع المكتب الاستشاري الفرنسي "بي آر إل" ، بسبب اعتراض الأول علي الشروط التي وضعتها اللجنة الوطنية الثلاثية. وذكرت مصادر لCNN أن انسحاب المكتب الهولندي من شأنه أن يترك الساحة أمام مكتب "بي آر إل" الفرنسي، الأمر الذي كانت تصر عليه أثيوبيا، بينما عارضت كل من مصر والسودان قيام الأخير بإجراء الدراسات الفنية للمشروع منفرداً. يقول الدكتور نور أحمد عبدالمنعم الخبير الاستراتيجي في شؤون المياه في تصريحات ل"آخرساعة" إنه لا حل أمام مصر سوي المفاوضات التي يدفع بها الرئيس السيسي الذي أعاد الأثيوبيين مرة أخري للمفاوضات بعد توقفها في عام 2011 بتوقيع اتفاقية حول إعلان مبادئ بين مصر وأثيوبيا والسودان حول مشروع سد النهضة وهنا نحن نعاود التفاوض مرة أخري بعد لقاء الرئيس برئيس الوزراء الأثيوبي علي هامش اجتماعات الأممالمتحدة. وعن أسباب انسحاب المكتب الهولندي يقول نور أحمد عقدت بالفعل 10 جلسات بعد إعلان المبادئ في مارس 2015 وتم الاتفاق علي مكتبين فنيين يقوموا بتقيم المشروع وتحديد حجم الضرر الذي سيقع علي مصر والسودان، واقترحت مصر المكتب الهولندي واقترحت أثيوبيا المكتب الفرنسي ولكن المكتب الهولندي انسحب لأن المكتب الفرنسي يتدخل في عمله. ويضيف نور أحمد: الجانب المصري يحاول حل النقاط الخلافية بين المكتبين لاستكمال الدراسة الفنية، مصر متمسكة بالمكتب الهولندي المسئول عن النواحي المائية هو مكتب محايد ويتمتع بخبرة عالمية بعكس المكتب الفرنسي المنحاز لأثيوبيا. ويوضح نور أحمد أن الشهر السابق أعلنت أثيوبيا أنها انتهت من 47% من الجسم الخرساني للسد المادة 3 من إعلان المبادئ وهي مبدأ عدم التسبب في ضرر ذي شأن: سوف تتخذ الدول الثلاث كافة الإجراءات المناسبة لتجنب التسبب في ضرر ذي شأن خلال استخدامها للنيل الأزرق/ النهر الرئيسي. علي الرغم من ذلك، ففي حالة حدوث ضرر ذي شأن لإحدي الدول، فإن الدولة المتسببة في إحداث هذا الضرر عليها، في غياب اتفاق حول هذا الفعل، اتخاذ كافة الإجراءات المناسبة بالتنسيق مع الدولة المتضررة لتخفيف أو منع هذا الضرر، ومناقشة مسألة التعويض كلما كان ذلك مناسباً. ويضيف خلال 15 شهراً هي مدة إعداد التقرير الفني ستكون أثيوبيا قد انتهت من بناء السد وهنا تكون أثيوبيا أمام الاختبار الصعب هل ستلزم بالتقرير أم لا.. المبدأ العاشر ينص علي أنه تقوم الدول الثلاث بتسوية منازعاتهم الناشئة عن تفسير أو تطبيق هذا الاتفاق بالتوافق من خلال المشاورات أو التفاوض وفقاً لمبدأ حسن النوايا، إذا لم تنجح الأطراف في حل الخلاف من خلال المشاورات أو المفاوضات، فيمكن لهم مجتمعين طلب التوفيق، الوساطة أو إحالة الأمر لعناية رؤساء الدول/رئيس الحكومة. من جانبه، يقول الدكتور نادر نور الدين أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، في تصريحات خاصة ل"آخرساعة" مشكلتنا مع أثيوبيا ليست في السد ولكن لابد من توقيع اتفاقية تحدد حصة مصر في مياه نهر النيل، الدول لا تتفاوض علي بناء السدود ولكن علي حصتها إذا كانت أثيوبيا لم توافق علي اتفاقية 1902 أو 1959 فلنوقع اتفاقية جديدة.. نهر النيل نهر دولي وليس نهرا أثيوبيا. يضيف: يجب أن يكون الوفد متعدد التخصصات خبراء في قانون دولي للمياه ودبلوماسيين حتي يتوصلوا إلي حلول وسط إذا تأزمت المفاوضات وممثل العسكري وأستاذه في إدارة الأزمات.. ويذكر نور الدين أن أثيوبيا قامت ببناء 47% من السد الأسمنتي الذي يحجز 14 مليار متر مكعب ولكن الخوف من السد الجانبي الذي سيحجز 60 مليار مكعب يجب أن نجعلهم يتوقفون عن بناء السد الجانبي ونقنعهم ببناء سد أسمنتي آخر يحجز 14 مليار متر مكعب ستكون قدرته علي توليد الكهرباء أكبر. . في حين، يقول الدكتور أحمد فوزي دياب، أستاذ المياه بمركز بحوث الصحراء وخبير المياه بالأممالمتحدة ما تقوم به أثيوبيا هو إدارة للصراع علي المستوي الإقليمي، أثيوبيا تماطل لوضع مصر أمام الأمر الواقع لتفرض شروطها، مضيفاً: الدراسات الفنية إذا قام بها أي مكتب فني عالمي لا تستغرق أكثر من 4 أشهر، لا أعلم لماذا وضع 15 شهرا لعمل الدراسات المتوقفة حتي الآن بسبب انسحاب المكتب الفني الهولندي. وأشار دياب إلي أنه لن يحل الأمر إلا بتدخل مؤسسة الرئاسة كما حدث في نيويورك منذ أيام، يجب أن يتولي هذا الملف الجهات المسئولة عن الأمن القومي المصري فهي ليست مسألة فنية تتولاها وزارة الري.