يطلق مجازا علي أي مشكلة مستعصية لا يوجد لها حلول مشكلة إسرائيل وفلسطين. والقرآن الكريم أكد علي استمرارية القضية في العديد من الآيات الكريمة، وأكد علي زوال الاحتلال الصهيوني من الأراضي الفلسطينية، ومن هذا المنطلق بدأت منظمات إسرائيلية خطة عمل لتهويد القدس والأراضي الفلسطينيةالمحتلة، وكان أحدث هذه الألاعيب خمس ترجمات عبرية للقرآن، ووفق التفاسير العبرية تلك نشرت صحيفة إسرائيلية خبراً يزعم يهودية القدس في القرآن، وفي سياق التحقيق التالي رد قاطع من جانب خبراء في الشؤون الإسرائيلية يثبت زيف هذه المزاعم. وفيما يرجح خبراء الإسرائيليات أن يكون مصدر هذا الخبر كتابا إسرائيليا أثبت أن فلسطين من حق اليهود من خلال نص توراتي محرف وترجمة عبرية لثلاث آيات قرآنية اختطفت من سياقها لإثبات حق اليهود في القدس، ناقشنا خبراء في الشؤون الإسرائيلية لإثبات تحريف النص التوراتي الموجود الآن، ولأن يد منظمات صهيونية امتدت لتحريف النص القرآني أيضا نناقش رجال الدين لتقديم الدلائل العلمية والتاريخية التي تثبت إسلامية القدس. يقول الدكتور أحمد فؤاد أنور أستاذ الفكر العبري الحديث والفكر الصهيوني بجامعة الإسكندرية: تقوم منظمات إسرائيلية بعمل ترجمات للقرآن الكريم بلغ عددها حتي الآن خمس ترجمات وذلك بهدف تطويع هذه الترجمة العبرية مع الرواية التوراتية لجعلها متطابقة. هذه المنظمات تعمل علي قدم وساق وبتنسيق مع أطراف أخري في إطار خطط طويلة المدي من أجل التهويد، ففي الوقت الذي تقوم فيه منظمات بهدم الجدار الغربي للقدس من خلال عمليات الحفر الدائم تهتم منظمات أخري بعدم السماح للفلسطينيين بالبناء علي أراضيهم في فلسطين وأخري تعمل علي إخلاء القدس من المرابطين الفلسطينيين. يتابع: جهود اليسار في هذا الشأن لا تقل عن جهود اليمين، فالكل يعمل في حلقات متصلة، وهناك أعمال عسكرية لقمع الفلسطينيين ومنعهم من دخول المسجد الأقصي وهناك محاولات لكي نتكيف علي قبول صلاة اليهود لأول مرة داخل الأقصي، رغم أنه ممنوع رفع العلم الإسرائيلي هناك، لكن كل ذلك مدرج عند الإسرائيليين منذ عام 1903 أي قبل قيام الدولة ضمن مخطط مئوي كامل. ويؤكد الدكتور أحمد حماد أستاذ الدراسات الإسرائيلية بجامعة عين شمس، أن هذا خبر مغلوط لأسباب كثيرة جدا أولها أن الدين لا يورث أرضاً لأحد. ثم إن اليهودية ليست جنسا وإنما ديانة لأجناس مختلفة، وهذه المعلومات التي يروّجون لها قد تكون وردت ضمن "وصية دينية يهودية محرفة" والحقيقة أن هذا ما هو إلا فرض يهودي لكن من خلال الشعوب وليس من خلال الدين. ويشير إلي أن هذه جماعات آمنت بسيدنا موسي وخرجت معه من مصر إلي أرض كنعان ولكن للأسف هم يعانون من مشاكل نفسية بسبب شعورهم بأنهم بلا أرض، بلا ماض وبلا مستقبل. وبسبب ذلك تكوّن لديهم اعتقاد بأنهم سيرثون هذه الأرض مرة أخري وذلك برغم أن فكرة الحق اليهودي لأرض فلسطين مرفوضة من أساسها من الديانة اليهودية . يضيف: أما عن النص التوراتي (التوراة، سفر العدد 33 . 56-50 )، فجاء فيه علي هيئة أمر رباني قاله الله لموسي: (كلم الرب موسي في عربات مواب علي أردن أريحا قائلا: «كلم بني إسرائيل وقل لهم إنكم عابرون الأردن إلي أرض كنعان، فتطردون كل سكان الأرض من أمامكم، وتمحون جميع تصاويرهم، وتبيدون كل أصنامهم المسبوكة، وتخرّبون جميع مرتفعاتهم. تملكون الأرض وتسكنون فيها لأني قد أعطيتكم الأرض لكي تملكوها، وتقتسمون الأرض بالقرعة حسب عشائركم، الكثير تكثّرون له نصيبه، والقليل تقّللون له نصيبه حيث خرجت له القرعة، فهناك يكون له حسب أسباط آبائكم تقتسمون. وإن لم تطردوا سكان الأرض من أمامكم يكون الذين تستبقون منهم أشواكا في أعينكم ومناخس في جوانبكم ويضايقونكم علي الأرض التي أنتم ساكنون فيها، فيكون أني أفعل بكم كما هممت أن أفعل بهم» هذه الفقرة عليها جدل كبير جدا بين المهتمين بالنقد النصي للكتاب المقدس في أوروبا وبين المستشرقين في الغرب أو اليهود المتدينين علي أن هذا نص توراتي وارد في الكتاب المقدس أو أن هناك تحريفا قد حدث به. ويؤكد حماد: لا ننكر التوراة ولكن إنكارنا للنص المتاح، فلا يمكن أن تأمر السماء بإبادة عباد الله كما لا يمكن أن يأمر الله موسي أو أنبياءه بالقتل أو بالإبادة فالتعاليم السماوية تحث فقط علي تعاليم الأخلاق المطلقة. مؤكدا أن اليهود استخدموا الذكاء في إدخال النص التاريخي في إطار مقدس ليصبح أي إجراء بحث علمي عنه مستحيلا. أما عمرو زكريا الباحث في الشئون الإسرائيلية فيرجح أن يكون مصدر هذا الخبر هو كتاب نشر بالفعل ويثبت أن فلسطين من حق اليهود من الناحية التاريخية والتوراة ووعد سيدنا موسي بالأرض. مضيفا أنه في المقابل قام بترجمة كتاب "من كتب التوراة؟" تأليف ريتشارد فريدمان هذا الكتاب يقدم دلائل من النص التوراتي الحالي هذه الدلائل تثبت اختلافا واضحا في قصص التوراة وروايتها. مضيفا أن هؤلاء يقومون بتحريف التوراة ويختطفون منها ما يتماشي مع أهوائهم التطرفية مثلما تفعل مجموعات "داعش" عندما تختطف ما يتماشي مع أفكارهم التطرفية من القرآن الكريم. ولكي نعرف كيف اختلط التفسير عند هؤلاء "المحرفين" نناقش رجال الدين، حيث يقول الدكتور مصطفي مراد أستاذ العقيدة والأديان بجامعة الأزهر: هذه دعوة كاذبة ليس لها أساس من الصحة ولا سند لها من منقول أو معقول أو أصول فإن الشرع الإسلامي كله قرآنا وسنة وتاريخا وهديا ينفي هذه الأكذوبة ويدحض هذا الزعم. كما أن أفعال النبي ([) والصحابة من بعدة دليل قاطع علي أن القدس إسلامية وإلا ما قدم المسلمون علي فتحها وما بذلوا النفيس من أجل أن تكون راية الله مرتفعة عليها. أما قوله تعالي في سورة المائدة (يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا علي أدباركم فتنقلبوا خاسرين) وردا علي زعم هؤلاء الله كتب هذه الآية لليهود. والدليل أن سيدنا موسي يكلم المؤمنين الذين آمنوا بالله ورسله وهؤلاء مسلمون سواء في أيام موسي أو عيسي أو الرسول عليه الصلاة والسلام لأن دعوة الأنبياء واحدة. ولأن يد هؤلاء امتدت لتحريف تفسير النص القرآني في هذا البحث حيث يتجرأ البيان علي القرآن الكريم، ويقتطع منه آيات يستخدمها في سياق مختلف عن سياقها المناسب، حيث ذكر ما يلي: "في القرآن الكريم: سورة الإسراء: (وقلنا من بعده لبني إسرائيل أسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا). وفي سورة الأحقاف: (ومن قبله كتاب موسي إماما ورحمة وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا لينذر الذين ظلموا وبشري للمحسنين). وفي سورة المائدة : (إنا أنزلنا التوراة فيها هديً ونور يحكم بها النبيّون الذين أسلموا للذين هادوا والربّانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل الله فاؤلئك هم الكافرون)، وبعد هذا التظاهر بالاستناد إلي نصوص إسلامية يفصح البيان عما يريدونه وهو إخراج الفلسطينيين. يرد دكتور مراد :بالنسبة لسورة الإسراء فهذه الآية القرآنية جاءت في مطلع السورة وتحدثت عن الإسراء في أول السورة. كما أكدت الآية أن المسجد الأقصي للمسلمين حيث وردت كلمة مسجد ولم ترد كلمة معبد مؤكدا أنه إذا كان هؤلاء صادقين كان يجب عليهم كتابة الآية من أولها وليس من آخرها. ويؤكد الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر أنه لن يحدث أبدا وجود آيات قرآنية تثبت تهويد القدس فالقرآن والسنة وجميع النصوص الشرعية تثبت زوال الكيان الصهيوني الغاصب بعد أن يتجمعوا في فلسطينالمحتلة (جئنا بكم لفيفا). كما تؤكد سورة الإسراء الوعد الأخير في زوال بني إسرائيل بسبب استيلائهم واغتصابهم لأرض فلسطين وليس للقدس فقط. وأيضا معراج النبي ([) يدل علي إسلامية القدس وليس يهوديتها فكيف لهم أن يدعوا علي الإسلام كذبا.