بعد توقف 116 دقيقة.. تشيلسي يفوز برباعية ويتأهل لربع نهائي مونديال الأندية على حساب بنفيكا    الدوماني: المدير الفني الجديد سيكون مفاجأة..والزمالك يسير في الطريق الصحيح    حادث أشمون.. متحدث محافظة المنوفية: الطريق ليس تحت ولايتنا.. وتسميته بالموت مجرد تريند    بعد فشل توربينات سد النهضة، خبير جيولوجي يحذر من حدوث فيضانات بالخرطوم قريبا    تنسيق الجامعات 2025، تعرف على أقسام كلية علوم الرياضة قبل اختبارات القدرات    أسعار الذهب اليوم الأحد 2025.6.29    سعر التفاح والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم الأحد 29 يونيو 2025    بعد حادث المنوفية.. طلب إحاطة لحظر نقل الركاب داخل «البيك أب» ومصادرتها    تعويضات حادث الطريق الإقليمي وتطوير المطارات، تكليفات رئاسية حاسمة للحكومة (فيديو)    في ذكرى 30 يونيو.. مسيرة البناء والتنمية لا تتوقف في "الإنتاج الحربي".. تنفيذ مشروعات استثمارية وتطوير خطوط الإنتاج.. والمشاركة في معارض التسليح الدولية للإطلاع على أحدث التقنيات    يديعوت أحرونوت: ترامب يريد إنهاء الحرب في غزة بسرعة    الأطباء يجرونها ليلًا لتجنب الملاحقة.. موضة «حقن الشفاة» للرجال تكتسح هذه الدولة    الدفاع المدني بغزة: ما يجري بالقطاع قتل ممنهج واستهداف مباشر للمدنيين    نقيب إسرائيلي: أشعر بالفزع لما يحدث في غزة.. ولا استطيع الاستمرار في العمل    تنسيق الثانوية العامة 2025 محافظة كفر الشيخ.. الحد الأدنى للقبول    فقرات فنية وتكريم المتفوقين في حفل خريجي مدرسة المنيا الرسمية للغات.. صور    كأس أوروبا للشباب، إنجلترا تهزم ألمانيا وتحصد كأس البطولة    كأس أوروبا للشباب، تعادل بين إنجلترا وألمانيا ووقت إضافي لحسم الصراع    بعد توصية طارق مصطفى.. رئيس البنك الأهلي يعلن رحيل نجم الأهلي السابق (خاص)    احتمالية مشاركة الزمالك في كأس العالم للأندية.. مهيب عبد الهادي يكشف مفاجأة    بيراميدز يكشف مصير ماييلي.. ويضع شرطا لرحيل إبراهيم عادل    ثبات حتى الرحيل .. "أحمد سليمان".. قاضٍ ووزير وقف في وجه الطابور الخامس    طارق الشناوي يعلق على اتهام أحمد السقا بضرب طليقته مها الصغير    الصعيد يتجاوز الأربعينات، حالة الطقس اليوم الأحد    بتوجيه من الإمام الأكبر.. وفد أزهري يعزي أهالي فتيات كفر السنابسة بالمنوفية    انطلاق اختبارات الموسم الثاني لمشروع "مواهبنا مستقبلنا " بثقافة الغربية    حادث أشمون.. خيري رمضان: ملعون أبو الفقر ألف مرة.. دفع الفتيات للعمل ب 130 جنيها    ماجدة الرومي تتألق خلال حفلها بختام مهرجان موازين (فيديو)    لتفادي الصداع والدوخة.. أطعمة ترفع الضغط المنخفض لطلبة الثانوية العامة    ورم واختراق.. شوكة سمكة تتسبب في مخاطر صحية غير متوقعة لسيدة (صورة)    لتخفيف الأعراض والتخلص من الألم.. 5 مشروبات فعالة لتهدئة القولون العصبي    فوائد البنجر الأحمر، كنز طبيعي لتعزيز صحة الجسم    إنتر ميلان يحسم صفقة يوان بوني مقابل 26 مليون يورو    حادث الطريق الإقليمي والاستراتيجية "صفر"؟!    «القومي لحقوق الإنسان»: حادث المنوفية يسلط الضوء على ضرورة توفير بيئة عمل آمنة ولائقة للفتيات    «وقعوا في الترعة».. إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم بالقليوبية    موعد اعتماد نتيجة الشهادة الإعدادية بمحافظة قنا    سيدة في دعوى خلع: «بخيل ويماطل في الإنفاق على طفلتينا»    تعامل بعنف مع الانفصال.. طارق الشناوي يعلق على اتهام أحمد السقا بضرب طليقته مها الصغير    «الغالي ثمنه فيه».. مؤتمر لابناء المرحلة الإعدادية بإيبارشية طيبة (صور)    عيار 21 الآن.. أسعار الذهب في السودان اليوم الأحد 29 يونيو 2025    على باب الوزير    تشويش ذهني ومعلومات جديدة.. برج العقرب اليوم 29 يونيو    شارك صحافة من وإلى المواطن    أصوات خارج نطاق الخدمة!!    المهندس يوسف عمر جودة يحتفل بزفافه على الآنسة بسملة    نشأت الديهي يوجه عتابا لرئيس الوزراء بعد حادث المنوفية: كان عليه تقديم واجب العزاء    شهيدان جراء استهداف الاحتلال الإسرائيلي دراجة نارية جنوب لبنان    الحكومة الإيرانية: مقتل 72 امرأة وطفل إثر العدوان الإسرائيلي على البلاد    القيعى: 4 ركلات ترجيح غيرت مصير الأهلى فى الموسم الماضى.. وما تم غباء اصطناعى    بنفيكا ضد تشيلسي.. جيمس يفتتح أهداف البلوز فى الدقيقة 64 "فيديو"    أخبار× 24 ساعة.. إعفاء أبناء الشهداء والمصابين بعجز كلى من مصروفات الجامعات    هل سيدنا الخضر نبي أم ولي؟.. الدكتور عالم أزهري يفجر مفاجأة    ما حكم تيمّم المرأة التي تضع مستحضرات التجميل (المكياج)؟    عيبك أولى بالإصلاح من عيوب الآخرين    أسفار الحج (6)..الصفا والمروة وزهرة اللوتس    محافظ القليوبية يتفقد مركز الدم المتنقل بشبرا الخيمة.. صور    رسميًا.. موعد صيام يوم عاشوراء 2025 وأفضل الأدعية المستحبة لمحو ذنوب عام كامل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفكر العراقي فاضل الربيعي يفجر قنبلة جديدة في وجه الصهيونية :
نشر في أخبار الأدب يوم 09 - 12 - 2012

فاضل الربيعي مفكر عراقي مقيم في هولندا له ما يزيد عن ثلاثين مؤلفا، وهو شخصية استثنائية يجمع بين الباحث في أصول التاريخ وتشابك مصادره الزمنية والسياسية، وبين كاتب الرواية والمقال، يصدر له عن المجلس الأعلي للثقافة »حول مسألة مصر في التوراة والنقوش الآشورية واليمنية«، وعن الهيئة العامة للكتاب مؤلفه الشهير» القدس ليست أورشليم» الذي نحاوره عنه الآن، متحدثا حول أسانيده التي اعتمد عليها.
ما الذي استندت عليه لإثبات قولك أن القدس ليست أورشليم؟
ما تقوله أطروحتي النظرية هو أن التوراة في نصها العبري المعتمد رسميا لا تقول بأي صورة من الصور أن القدس هي أورشليم، ولا يوجد أي نص أو جملة أو إشارة في التوراة تقول أن مدينة القدس هي نفسها مدينة أورشليم، وعلي العكس من ذلك، التوراة وهي تصف مكانا بعينه تسميه قدس بدون ألف ولام، تصفه بأنه جبل وتستخدم نصوص التوراة في وصف هذا المكان كلمة»صعد» بما يؤكد أن المكان الموصوف هو مكان جبلي، كما أن نصوص التوراة كلها التي يرد فيها هذا الاسم تصف المكان محاطا بسلسلة من الجبال والوديان، وهي تسمي هذه الاماكن بالتسلسل مثلا وادي »دبرة»، جبل «صنة» وسلسلة جبلية تسميها»جنب»، بينما تصف التوراة مكانا آخر تسميه أورشليم تصفه بأنه مدينة ولا تقول أنه جبل، وتقدم لهذة المدينة وصفا مختلفا عن وصف جبل قدس، فهذه المدينة المسماة أورشليم هي قرب حصن جبلي إسمه «صهيون» وحصن جبلي آخر اسمه بيت بوس، كل هذا يعني أننا لدينا مكانان مختلفان كليه عن الوصف، أحدهما جبل والثانية مدينة، ولكل منهما وصف مختلف عن الآخر.
هناك دليل آخر أن اسم القدس الألف واللام هو اسم حديث لا يرقي لأبعد من فترة الفتوحات الإسلامية ببلاد الشام، وفي عام 51 هجرية عندما دخل عمر بن الخطاب بلاد الشام كتب العهدة الشهيرة المسماة بالعهدة العمرية، وفيها يقول هذا ما عاهد عليه عمر بن الخطاب أهل «إيليا» ولم يقل القدس، لأن العرب والمسلمين لم يكونوا يعرفون هذا المكان باسم القدس، وكانوا يستخدمون الإسم الروماني للمدينة المسيحية في جنوب بلاد الشام »إيليا»، ولذلك فمن غير المنطقي أن تكون التوراة التي كتبت تقريبا نحو خمسمائة سنة قبل الميلاد أن تكون ذكرت انه سوف يظهر بعد 51 هجرية، ولذلك مرة أخري ما تقوله التوراة لاعلاقة له بفلسطين.
العبرية ولهجات اليمن
لكن في سورة الإسراء ورد أن النبي أسري به من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي.
النص القرآني يقول المسجد الأقصي و لم يقل القدس، الآن يجب أن أوضح الأمور التالية منعا لأي التباس، أو أن اليهودية دين عربي قديم، وظهرت في اليمن، وهو أمر معروف لا يحتاج نقاش، لأن الأديان الكبري الثلاثة لازالت في هذه المنطقة في العالم في الجزيرة العربية، أي أن اليهودية ليست دينا وافدا من خارج الجزيرة العربية، بل ولد في اليمن، وبالتالي فاللغة التي كتب بها الكتاب المقدس هي لغة عربية قديمة، والأدق لهجة عربية قديمة من لهجات أهل اليمن وهي العبرية، ولذلك أيضا فالأحداث والقصص والمرويات التي تتحدث بها التوراة لها علاقة بتلك البيئة اليمنية، ولا علاقة لها بفلسطين، ما فعله علماء الآثار من التيار التوراتي والمستشرقين طوال أكثر من ثلاثمائة سنة، هو أنهم طابقوا بطريقة تعسفية بين ما ورد من أسماء في التوراة، جغرافية فلسطين لتبرير اغتصابها، وفي سياق هذة المطابقة التعسفية ترجموا كلمة »هافشلم« بمعني الفلسطينيين، وهذا لا أساس له لأن الاسم ينصرف إلي جماعة وثنية تعرف باسم الفلستيين من عباد الفلس وهو إله وثني قديم من معبودات اليمن، والأمر المثير الذي يؤكد صلة اللهجة العبرية بلهجات اليمن القديم، أن العبرية الرسمية اليوم في إسرائيل تسمي العبرية الصنعانية نسبة إلي صنعاء أو العبرية السبأية، ولأن كل ما يدور في التوراة من قصص ومرويات لاعلاقة له لاجغرافيا ولا تاريخيا بفلسطين، فقد أصبح من واجبنا الآن أن نبين أكذوبة أن فلسطين هي أرض الميعاد، التي انطلت علي بعضنا للأسف، و اليوم هناك مايعد ولا يحصي من اللقي الأثرية والمكتشفات والمخطوطات القديمة والنقوش المكتوبة باللغة العبرية، وهي موجودة باليمن ومحفوظه هناك.
ليس كل مسلم من قريش!
الآن قد يقول قائل إنك تريد بهذه الأطروحة أن يستولي الصهاينة علي أرض اليهود.
للرد علي هذا أقول: أولا: إن كثيرا من الناس يخلطون بين بني إسرائيل و اليهود، و يعتقدون أنهما شيء واحد، وهو غير صحيح مفهوميا، لأن بني إسرائيل قبيلة واليهودية دين، ولذلك فليس كل من انتسب إلي أو اعتنقه أو تهود أصبح من بني إسرائيل،وهذا شبيه تماما بما هو حال الإسلام، فالإسلام دين وقريش قبيلة، فليس كل مسلم من قريش، هناك مسلم صيني، فلبيني، باكستاني إيراني...لكنه لاينتسب تلقائيا لأنه أصبح مسلما إلي قريش، واليهودي الفرنسي هو يهودي لكنه فرنسي و ليس من بني إسرائيل، لأن بني إسرائيل قبيلة عربية قديمة، وبذلك لا يحق للمسلم الصيني أن يطالب بإرث أو حقوق في الأرض بمكة أو الحجاز أو المدينة لمجرد أنه أصبح مسلما.
ثانيا: إن الإلحاح و الإصرار علي القول إن اليهود الغربيين من فرنسا و بريطانيا و أمريكا و سواها، هم تلقائيا من بني إسرائيل، يعني من بين ما يعني أن هؤلاء أصبح لهم حق الإستيلاء علي تراث بني إسرائيل، عبر الإنتساب إليه.
ثالثا: لذلك يجب أن نفك الإرتباط بين هذه المفاهيم، نحن نعترف بيهوديتهم فهذا دين من أديان السماء، ولد في أرض العرب، ولكننا لا نعترف بأن معتنقي هذا الدين من الشعوب غير العربية لهم أي حق ديني أو تاريخي، وإلا سوف يتعين علينا أن نقبل بأن كل مسلمي الأرض وهم قد يتجاوزون المليار، تلقائيا من قريش لمجرد أنهم مسلمين، ولهؤلاء الحق في أرض العرب.
رابعا: يجب أيضا أن نميز بين العبرانيين وبني إسرائيل، فليس صحيحا ما يقال أن هاتين الجماعتين جماعة واحدة، والصحيح أنهما جماعتان مختلفتان، والقول بوجود أوجه شبه بسبب تماثل إسم العبرانيين مع اسم اللغة العبرية، لكن هذا التماثل لاعلاقة له بوجود قرابات أسرية أو روابط دم، لقد استخدمت هذة الأكذوبة لتبرير فكرة أن بني إسرائيل عبروا نهر الأردن ووصلوا فلسطين، وأنهم لهذا السبب عبرانيون، وهي أكذوبة روج لها علماء آثار ومستشرقون وكتّاب تاريخ.
الغريب أن التوراة تتحدث عن جبل أريحا الذي استولي عليه يوشع بن نون عندما عبر الأردن، بينما نعلم أن أريحا فلسطين هي أكثر بلدان العالم انخفاضا، هذا يدلل علي أن هناك قراءة خاطئة و مغرضة للنص التوراتي، قسمت و فهمت بموجبها الأسماء و الوقائع لغرض مطابقتها مع جغرافية فلسطين.
موقف إسرائيل
هل جابه كتابك» القدس ليست أورشليم» رد فعل من إسرائيل؟ وماذا كنت تتوقعه بعد صدوره؟
عندما صدر الكتاب منذ سنوات وثارت حوله نقاشات مختلفة جوبه بالصمت من جانب الإسرائيليين، كتبت فيه أنني أتحدي علماء الآثار و خبراء اللغة العبرية والمؤمنين جميعا بالتوراة، أن يعطوني نصا واحدا أو جملة واحدة أن القدس هي أورشليم، تلك خدعة انطلت علينا وصدقناها، وكرست للأسف أقلام عربية تجادل في الله بغير علم، لكن ما أثار انتباهي في ردود الأفعال الإسرائيلية، هو القرار الأخير الذي صدر عن مجلس الوزراء الإسرائيلي برئاسة نتنياهو وقرر بموجبه إعتبار القدس مدينة توراتية،ولم يقولوا أورشليم، كما أن قرار وزارة المواصلات الإسرائيلية لشطب كلمة القدس العربية من اللافتات التي كتب عليها أورشليم، قرار مثير للإنتباه ويدل علي مبلغ الحرج في استمرار هذه الإكذوبة، القدس العربية الإسلامية قدسنا و هذه أرضنا وما ورد في التوراة ليس مقصودا به علي الإطلاق القدس العربية.
أين القدس التي تتحدث عنها؟
طبقا للوصف التوراتي، المقصود من كلمة قدس الجبل، إنما هو جبل قدس المبارك الذي يبعد جنوب تعز باتجاه عدن نحو ثمانين كيلو متر لا، وهو جبل عظيم وشامخ ومقدس منذ آلاف السنين، وتحيط به محمية طبيعية تسمي »بُرع« وفيه وادي شهير إسمه وادي المفاليس أي الفلس وهؤلاء هم الفلسة الذين هاجروا إلي الحبشة، ويعرفون اليوم بإشم»يهود الفلاشا»، وإليك الإكتشاف المذهل التالي، لقد احتار علماء الآثار وكتاب التاريخ في التعبير الذي يرد في الكثير من نصوص التوراة و يسمي قدس بإسم قدس برنيع، وهذا الإسم ظل لغزا يستعصي علي الحل، فما المقصود به؟ ببساطة سنجد الجواب عند سكان القري في جبل قدس، الذي يقدسون حتي اللحظه جبل قدس و يتبركون به ويغنون بأغانيه، ويقولون: قدس يا ذا البرع نسب إلي جبل برع ومحميته الطبيعية الجميلة، أما حرف النون الزائد في كلمة برنع أو برينع فهو حرف النون الذي يعرف في لهجات اليمن بأنه النون الكلاعية، التي استخدمت كآداة تعريف منقرضة، يستعان عنها بألف ولام حديثة الآن، وفي الاصل كانوا يستعيضون عنها بكلما ذاأو ذو أو ذي، ولهذا يقولون قدس ذا البرع، المدهش في الأمر أن هناك جماعة يمنية متطرفة في إسرائيل تسمة نفسها»أمناء جبل الهيكل« لأنها تؤمن أن هيكل سليمان بني في جبل قدس، و القدس العربية الإسلامية ليست فوق الجبل، ولا قرب الجبل و ليست جبلا.
أورشليم صعدة!
لكن أين تقع أورشليم؟
طبقا لما ورد في نصوص التوراة فلقد استولي الملك داوود علي أورشليم بعد سلسلة معارك خاضها في سلسلة جبلية، وفي هذه السلسلة هناك جبل تسميه التوراة جبل صهيون، تقول التوراة أن داوود استولي عليه من مكان تسميه التوراة حرفيا »صعدة« وهذا اسم صعدة اليمنية الشهيرة، الغريب أن النص التوراتي يقول أن داوود بعد أن استولي علي حصن جبل صهيون إنطلاقا من مدينة صعدة سماه جبل»دود»، وهذا يعني داوود في العبرية، وحتي اليوم هذا الجبل لايزال يحمل الاسم القديم نفسه، ويسميه الناس جبل الدود، ويعتقدون أنه جبل يحمل فيه حشرات الأرض.
الأكثر إثارة أن التوراة تسمي الوادي في صعدة بإسم وادي»كتاف» وهو نفس اسمه اليوم، تقول التوراة:« بعد أن استولي داوود علي صهيون وسمي الحصن بإسم دود، اتجه إلي حصن آخر اسمع بيت بوس، وهذا هو الحصن العظيم الذي لايزال حتي هذه اللحظة يحمل نفس الإسم، وقد زرت هذا المكان وهو فوق جبل شامخ حصنه منيع قديم يعيش فيه يهود اليمن، وطبقا لوصف التوراة فقد كان بيت بوس هي أورشليم، ولذلك من الواضح الآن أننا نتحدث عن مكانين أحدهما أورشليم وهو بيت بوس شرق صنعاء، ومكان آخر جبل اسمه قدس جنوب تعز.لكن ليس بالضرورة أن يكون بيت المقدس في «قدس« كيف تحفرون تحت قبة الصخرة تفتشوا عن هيكل الرب مدفونا في باطن الأرض بينما التوراة تقول أن بيت الرب بني فوق جبل قدس، لذلك هذه الجماعة اليمنية المتطرفة »أمناء جبل الهيكل« يؤمنون بحرفيه ما ورد بالتوراة، وما ورد فيها يقول أن هيكل سليمان في الجبل، الحفريات التي تجري اليوم تحت قبة الصخرة لاعلاقة لها بأكذوبة البحث عن الهيكل، بل تدمير مسجد قبة الصخرة، بحيث ينهار تلقائيا بسبب الحفريات، وكيف يكون هناك هيكل لسليمان تحت صخرة بني فوقها الأمويون مسجدا، هذه أكذوبة.
قصص التوراة دارت في اليمن و ليس عسير
ما تقييمك لتجربة كمال صليبي واعتباره مكة والمدينة مدن يهودية، وتأليف كتاب طبع بجميع لغات الأرض أصبح مرجعا؟
برأيي أن تجربة الدكتور الراحل العالم الجليل الدكتور كمال صليبي في كتابه الشهير »التوراة جاءت من جزيرة العرب» مثلت إنعطافة كبري في البحث التاريخي وقدمت كشوفات علمية جديدة، هذه الكشوفات غيرت الإتجاه الذي كان سائدا في البحث فيما يتعلق بقصص التوراه لأنها أعادت وضع هذه القصص ضمن البيئة العربية، ولكن مشكلة هذة التجربة أنها وقعت في مشكلتين جوهرتيتن، الأولي أنها وضعت كل مرويات التوراة في مسرح ضيق لا يتعدي منطقة عسير، وهذا برأيي مجاف للحقيقة ومخالف لها، لأن قصص التوراة ترسم مسرحا أكبر من هذا الشريط الجبلي الضيق، المشكلة الثانية أن صليبي كان مضطرا لإثبات نظريته أن قصص التوراة في عسير إلي القيام بلعبة لغوية عندما قام بتأويل أسماء قري في الجزيرة العربية تأويلا تعسفيا لكي تتطابق مع ما ورد في التوراة من أسماء، بالطبع تمثل مدرسة الصليبي استطرادا في أفكار المدرسة الألمانية، وهو تلميذها في النهاية، ولكن يبدو لي أن الألمان الذين تبنوا مشروع صليبي لم يزودوه بنقوش ومعطيات صحيحة، و المدرسة الألمانية تعرف جيدا من خلال تجربة علماء آثار مثل هاليبي وجلاسر وفليبي وجان أن قصص التوراة دارت في اليمن وليس في عسير، ثم تبنت كما هو معروف «دير شبيجل» مؤلف صليبي وبترجمات للغات متعددة، ما تقوله نظريتي مختلف تماما فأنا استندت إلي ثلاث أدوات منهجية، الأولي: إعادة ترجمة النص العبري من التوراة، وتقديم ترجمة بديلة أبين فيها نوع الأخطاء والتزييف والترجمة العربية، الثانية: استخدا الوصف الذي قدمه الهمداني في كتابه »صفة جزيرة العرب« وهو مؤلف جغرافي شهير صدر قبل أكثر من الف عام، وهو يقدم وصفا لجغرافية اليمن وأسماء الأماكن فيها والقبائل والجماعات القديمة تتطابق كلية و بدون أي تغيير مع ما ورد في التوراة، الثالثة: استخدام الشعر الجاهلي الذي سجل أسماء معظم الأماكن التي وردت في التوراة، طبقا لهذة المنهجية قمت بإعادة بناء الرواية التاريخية من قصص التوراة لأبرهن أنها تنتسب لتراث ديني يخص يهود اليمن، وبالتالي فأنا أدعو إلي البناء علي هذة التصورات، ومن خلال استعادة النقوش اليمنية التي سرقها علماء الآثار طوال أكثر من مائتي عام من البحث و التنقيب في أرض اليمن، و أذكر أنني في زيارات متتابعة إلي صنعاء التقيت خلالها بعلماء يمنيين إنني طلبت منهم أن نرفع دعوي قضائية لاسترداد هذة النقوش لأنها سوف تحسم الجدل، مثلا سألتهم أين نقوش جبل قدس ونقوش جبل أريحا ونقوش بيت لحم؟ وكلها أسماء جبال ووديان باليمن، ووصفها يتطابق مع الوصف الذي ورد في التوراة، هذا يعني أننا لا نفتش عن مجرد تطابق في الأسماء، بل نتحدث عن تماثل في الوصف الجغرافي و بالتسلسل نفسه للأسماء و المواضع و القبائل و الوديان، وحتي في نسيج اللغة التي تسمي العبرية.
ماذا أنت قائل عن مكان وجود المسجد الأقصي؟
- لقد قيل الكثير من الأفكار و التصورات حول مسألة المسجد الأقصي، برأيي يجب أن نبتعد عن مطابقة النصوص القرآنية مع جغرافية فلسطين، لأن هذا سوف يؤدي إلي خلق مشكلة شبيهة بمشكلة مطابقة قصص التوراة مع جغرافية فلسطين، ما قصدته الآية التي ورد فيها ذكر المسجد الأقصي تم تأويله تعسفيا أن المقصود به فلسطين، تماما كما جري تأويل الآيات الخاصة بقصص موسي النبي عن سيناء.
في سفر الخروج
الغريب أن كلمة سيناء في التوراة وردت في ثلاث صيغ: «سينط و»صين» و»السينة»، وهذه الصيغ لايمكن اعتبارها صيغة واحدة، كما أن أسماء الأماكن التي وردت في التوراة وقيل أنها هي الأماكن التي مر بها بنو إسرائيل أثناء خروجهم من مصر لاوجود لها في سيناء المصرية برغم كل عمليات التنقيب والبحث الأثري ، ولذلك يجب أن نعيد النظر في سفر الخروج وهذا هو مشروعي القادم وعنوانه» موسي و فرعون: بنوا إسرائيل لم يخرجوا من مصر»، وفيما يتعلق بإسم مصر في التوراة هناك عدد كبير من الصيغ التي ورد فيها الإسم في التوراة، وقد قدمت الأسبوع الماضي إلي المجلس الأعلي للثقافة في القاهرة كتابا شرحت فيه بالتفصيل هذه المسألة بعنوان» حول مسألة مصر في النقوش الآشورية و التوراة و النقوش اليمنية»، وفيه أدلة قاطعة أن إسم مصر في التوراة ورد في صيغ متعددة لاتنطبق إلا في حالات محدودة علي إسم مصر البلد والإقليم، بينما بقية الصيغ قصد بها مواضع وجماعات مثل صيغة»مشفحت هامصريم» التي تترجم إلي عشائر المصريين، و»مصريم» ويقصد بها مصري، لقد جري خلط كل هذه الصيغ بصورة متعمدة، بحيث نشأ اعتقاد عند علماء الآثار و التاريخ أن المصريين القدماء طبقا لما ورد في التوراة عرفوا كعشائر وهذا مخالف للحقيقة التاريخية، الأمر ذاته ينطبق علي أي محاولة لمطابقة بعض الآيات القرآنية علي جغرافية فلسطين، ومن الإجحاف غير المبرر أن نعتبر وجود إسم المسجد الأقصي علي أنه يعني القدس، ولو كان هناك مسجد أقصي في فترة الفتوحات الإسلامية وشاهده أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لصلي فيه ولم يفتش عن مكان للصلاة، ولو كان هناك مسجد أقصي في هذا الوقت لقام الأمويون ببنائه أو ترميمه أو توسعته، بدلا من بناء مسجد قبة الصخرة والمسجد العمري والمصلي المرواني، اليوم عندما نسأل علماء الدين عن المسجد الأقصي يقولون لنا هو كل هذه الأماكن، لكننا نعلم أن هذه المساجد بنيت في العصر الأموي، لذلك برأيي فيما يتعلق بهذة النقطة يجب أن تُقرأ الآيه في سياقها الديني التاريخي و ليس في سياق مطابقتها مع جغرافية فلسطين.
إحياء اللهجات القديمة!
ما رأيكم في محاولات إحياء اللغات القديمة مثل لغة عاد و غيرها وما يسمي أرض الميعاد؟
من الناحية العلمية من المهم للغاية إعادة اكتشاف اللهجات العربية القديمة فيها آثار التاريخ، لدينا ملفات ضائعة في التاريخ، ولم نتمكن من الحصول علي حلوا لبعض المشاكل التي تصادفنا، إلا بالعودة لإحياء هذة اللغات واللهجات القديمة، لكنني أحذر من تحويل هذا العمل العلمي الصرف إلي موضوع تعليمي، أقصد أن تصبح هذة اللهجات بفضل التعليم لهجات محكية، فعمل من هذا النوع سيكون مدمرا للغة العربية لذلك يجب أن نميز بين نوعين من العمل، أولهما العمل العلمي الذي يهدف إلي استخدام المخزون التاريخي في اللهجات القديمة، والعمل الذي يقصد به تدمير اللغة العربية عن طريق إحياء لهجات ميتة، هذا هو التمييز المطلوب، ولو تمكنا من تحقيق هذا الهدف العلمي فسوف نحصل علي كنوز مذهلة و معلومات لاتقدر بثمن عن تاريخنا، فما تركته قبائل عاد وثمود فوق الصخور من مخربشات ونقوش يتضمن الكثير من الأسرار التي لا نعرفها، خصوصا وأن عاد أقامت في منطقة جغرافية تمتد من حضرموت حتي أطراف عمان، وفي هذه المساحة الجغرافية أقامت جماعات قليلة تركت الكثير من الكنوز الثقافية..
وما يسمي أرض الميعاد في التراث اليهودي هو تلفيق استشراقي لفكرة دينية قديمة تتعلق بثقافات كانت تقوم في الأصل علي البحث عن مواطن استقرار لجماعات جبلية مهاجرة، وقصص الوراة التي تدور حول فكرة أرض الميعاد هي من تراث كل الجماعات العربية القديمة التي كانت تفتش عن مواضع لاستقرارها، الغريب أن هذه الصور عن أرص الميعاد تتلازم مع صورة نمطية من أرض تفيض لبنا وعسلا، وفلسطين القديمة أو الحديثة ليس فيها قطرة عسل، بينما تفيض أرض اليمن القديم وما تزال بأجود أنواع العسل في العالم، وفيها مالا يعد ولا يحصي من المراعي الخصبة.
سألته حول بتحريف التوراة قال:
التوراة ليست محرفة كما يقال، هذه خرافة، التوراه في لغتها العبرية مثلها مثل النصوص الدينية الأخري، التوراة هي التوراة، ما قصدته الآية القرآنية عن تحريف التوراة في»يحرفون الكلم» فهمت بطريقة خاطئة وخارج سياق أسباب النزول، فالآية تقصد تعطيل الشريعة اليهودية فيما يتصل بواقعة الزنا، وقد فهمت الآية خارج سياق واقعة تاريخية روتها كتب التاريخ بالتفصيل، وتتصل بقصة زنا وقعت في يثرب، وجاء أحبار يهود للنبي»ص» يسألونه عن أحكام الزنا في الإسلام، فقال لهم ما ترون في التوراة؟ قالو:لانري فيها حكما، فطلب منهم أن ينشروا التوراة و أن يقرأوها أمامه، لكن أحدهم وضع يده علي آية الرجم، فضربه عبدالله بن سلام علي يديه وقال:هاهنا يارسوال الله آية الرجم، كان الأمر يتعلق بكهنة اليهود في مجتمع يثرب، الذين عطلوا أحكام الدين اليهودي في موضوع الرجم، ولذلك نزلت الآية لتندد بالتلاعب في تطبيق الشريعة، لكن العامة المسلمون اليوم يعتقدون أن الأمر يتعلق بتحريف التوراة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.