قال الباحث العراقي فاضل الربيعي إن النص العبري للتوراة لا يحمل إشارة إلى أن القدس التاريخية تسمى "أورشليم"، مذكرًا بأن القدس هو اسم حديث للمدينة وليس قديمًا. وأضاف إنه حتى مع بدء الفتوحات الإسلامية لم تعرف المدينة بهذا الاسم.. وأن العهدة العمرية سمتها "إيلياء" وأن تسمية المدينة باسم "بيت المقدس" جاء بعد فترة من الفتوحات الإسلامية". وأكد الربيعي، في جلسة حوارية استضافتها رابطة الكتاب الأردنيين ونشرتها صحيفة "العرب اليوم" الأردنية اليوم "السبت" تحت عنوان "القدس ليست أورشليم" أن نظريته في نقد الرواية التوراتية لا تستند إلى تشابه أسماء بل إلى حقيقة أن الرواية التوراتية تستند إلى مسرح مختلف عن الجغرافيا الموجودة في فلسطين التاريخية عمومًا وفي مدينة القدس على وجه الخصوص، مشيرًا إلى قناعته بأن النص التوراتي لا يتحدث عن أماكن في فلسطين. وأعرب الربيعي عن تقديره بأن مواد النص التوراتي من أسماء أماكن وأشعار وأشخاص تفارق المسرح الفلسطيني التاريخي وتبدو أقرب في تركيبتها إلى اليمن وأن الرواية الاستشراقية وظفت المروية التوراتية في فلسطين ما أنتج إشكالية ظهرت بعدم وجود تطابق بين سياق المروية التوراتية وتاريخ فلسطين المدون. وأشار الربيعي إلى غياب أي سجلات أو وثائق أو نقوش تسمي المدينة باسم القدس وأنه وحتى أيام النبي محمد صلى الله عليه وسلم لم يعرف أهل الجزيرة سوى مكانين باسم قدس واحد في اليمن وآخر في وادي الرمة في الجزيرة العربية. وأوضح الربيعي أن النص العبري يورد ثلاثة أماكن يسميها قدس هي "قدس برنيع"، و"قدس"، و"قدس جبل نفتالي" في الجليل، وأن النص العبري لا يربط بين هذه الأسماء وبين مدينة أورشليم، مشيرًا أن الصيغة الأولى لا علاقة لها يإيلياء، والصيغة الثانية هي اسم لمنطقة يمنية تحمل اسم "قدس البراع"، ولا علاقة لها بالسجلات، أو صيغ اللغات التي عرفت في فلسطين التاريخية. ولفت الربيعي إلى حقيقة أن القدسالفلسطينية ليست جبلاً، ولا شبه جبل، ولا قرب جبل، وعليه لا يمكن منطقيًا أن تكون هي مدينة أورشليم التي تتحدث عنها المروية التوراتية. واختتم الربيعي بالقول أن الصراع مع الصهيونية هو في جوهره صراع بين المروية التاريخية للعرب والمروية التوراتية التي تم تكييفها لخدمة مشروع استعماري وخديعة العالم، مشيرًا إلى أن اكتشافات علم الآثار الحديث التي يغفلها مؤيدو المروية التوراتية تطيح بصدقية تلك المروية. يذكر أن الباحث العراقي فاضل الربيعي اشتهر باسهاماته المتعددة في مجالات كتابة القصة والرواية والدراسات النقدية في الأدب قبل أن ينتقل لدراسة التاريخ القديم والأسطورة.