باتت وزارة الثقافة علي صفيح ساخن، المؤشرات كلها تؤكد عدم الإبقاء علي عبدالواحد النبوي، وزيراً للثقافة، في التغييرات الوزارية المرتقبة، خاصة بعد استقالة الكاتب طارق حجي، من المجلس الأعلي للثقافة، واشتعال الحرب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بين المثقفين ومحمد أبوالفضل، رئيس المجلس الأعلي للثقافة، بسبب تصريحات الأخير، التي يري البعض أنها تعود بالثقافة إلي عصور الظلام، خاصة عندما صرح بأن كلمة "تنوير" لفظ سيئ السمعة، وبعدها خرج بتصريح آخر قال فيه "انتهي زمن العواجيز". الحرب بين الطرفين وصلت إلي حد الردح وتبادل اتهامات بالفساد، وكانت البداية عندما علق طارق حجي، قبل تقديم استقالته، علي تصريح محمد أبوالفضل، الأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة، بإن مصطلح "التنوير"، سيئ السمعة، وقال حجي إن هذا الكلام يعد دعوة إلي الانحلال، وهكذا يكون فولتير، وديدرو، وروسو، ومونتسكيو، هم دعاة وأئمة الانحلال حسب مفهوم الأمين العام للمجلس الاعلي للثقافة، وأشار حجي إلي أن التداعيات تؤكد صحة ما ذكرناه عن العواقب الوخيمة لوجود عبدالواحد النبوي، وزيرا للثقافة. حجي، كتب عبر صفحته الشخصية ب"فيس بوك"، يقول "الظاهر يا جماعة إننا اتخمينا في المصطلح، وإحنا اللي كنا فاكرينه شيء جيد". وبعد الضجة التي أثارتها تصريحاته حول مصطلح التنوير، قال أبوالفضل، إنه لم يصرح بأن مصطلح التنوير سيئ السمعة، وإنما قال إن أعداء التنوير هم من جعلوا المصطلح سيئاً، وواجب المثقفين أن يصلحوا من سمعته ويدعموه، قائلا: "كيف لي أن أقول هذا عن مصطلح التنوير ونحن دعاته الأصليون؟". في المقابل، نشر طارق حجي، استقالته عبر "فيس بوك"، وقال إن مصر بحاجة إلي أن يكون ربانا سفينتي الثقافة والتعليم فيها أكثر أبنائها ثقافة، وقدرات، وسجل خبرات، ونجاحات دولية، وإنتاج ثقافي وفكري، وواقع الحال هو نقيض ذلك تماما، ووصل بنا الانهيار والانحدار إلي أن يكون خليفة العظيم ثروت عكاشة، غير قادر علي قراءة ورقة واحدة باللغة غير اللغة العريية. واستعرض حجي بعضًا من أسباب استقالته، وقال "إن قيام وزير الثقافة بإقصاء ثلاثة من كبار مساعديه، واصفًا إياهم بأكثر المصريين ثقافة، واستبدالهم بشخصيات لا إنتاج ثقافياً لها، أحد أبرز أسباب استقالته"، منوهاً إلي أن خطة الوزير أكدت له أن ربان سفينة الثقافة يتجه في اتجاه لا ترضاه ولا تقبله مصر. كما أرجع حجي أسباب استقالته إلي الانحدار الذي وصل إليه أمين عام المجلس الأعلي للثقافة، والذي تمثل في وصفه لمصطلح "التنوير" بأنه مصطلح سييء السمعة، وأنه أمام ذلك لا يملك سوي الاستقالة من عضوية لجنة العلوم الإدارية بالمجلس، وأضاف أنه كمؤلف لعشرات الكتب ومئات المقالات محورها "التنوير" فإنه يشعر بالإهانة لشخصه وفكره لمجرد تواجده بأي شكل من الأشكال بوزارة علي قمتها شخص في حالة تضاد مع الحداثة أو بمجلس أمينه العام لا يؤمن بأهم القيم التي يؤمن بها، ويسعي منذ صدور أول مؤلفاته منذ 37 عاما لترسيخها في المناخ الثقافي. حجي، أضاف إنه في النهاية ينتسب - وهذا شرف عظيم له -، لرموز مثل طه حسين، وسلامة موسي، وحسين فوزي، وتوفيق الحكيم، ونجيب محفوظ، ومن ينتسب لمثل هؤلاء العمالقة لا يمكن أن يجمعه شيء بمن يتبرأون من التنوير وكأنهم يقولون نحن نتبرأ من فولتير وديدرو وننتسب إلي حسن البنا وسيد قطب. تصريح آخر لمحمد أبوالفضل، أشعل صراع المثقفين ضد وزير الثقافة، عندما قال "انتهي زمن العواجيز"، ونفي الأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة التصريح، وقال إن التصريح تداولته بعض المواقع الإلكترونية، ورددت عبارة "انتهي زمن العواجيز" منسوبة له، وقال إن ما قاله في هذا الإطار أنه يثمن القامات الكبيرة من رواد الثقافة، وأعضاء المجلس الأعلي للثقافة، وإنه إذا ما خلا مكان داخل لجان المجلس الأعلي للثقافة بالوفاة أو الإعارة للعمل بالخارج فمن الممكن أن يحل محل العضو شاب أو فتاة، وأكد، أنه يكن كل تقدير واحترام لكل أعضاء لجان المجلس لأنهم يثرون المجلس علما وفكرا وأدباً. شائعة أخري تداولها البعض تؤكد أن الدكتور أبوالفضل، أمر برفع تمثال العلامة رفاعة الطهطاوي من أمام المركز القومي للترجمة، وشدد أبوالفضل علي أن هذا الكلام لا أساس له من الصحة، فالتمثال لا يزال في مكانه، باعتبار أن رفاعة الطهطاوي أحد أعلام الثقافة والتنوير، ولا يمكن أن يقال هذا الكلام ولو علي سبيل المزاح لأن رفاعة الطهطاوي قيمة أرقي من أن يكون مجالا للمزاح. كما ردد البعض مقولة منسوبة للأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة، وهي أن رجال الدين هم الذين يجددون الخطاب الثقافي، وقال أبوالفضل رداً علي ذلك "هذا كلام لا أساس له من الصحة، وأن ما قيل عكس ذلك، فقد قلت إن المثقفين عليهم أن يجددوا الخطاب الثقافي حتي يصل إلي المدن والقري والنجوع، ونتمني أن يتحري الجميع الدقة فيما يتم نقله، فمصرنا وهي تعيش فرحة انتصار شق قناة السويس الجديدة بحاجة إلي نشر التنوير ليكون التفكير فريضة بدلا من التكفير والتفجير. ورغم نفي الأمين العام لكل تصريحاته، إلا أن المثقفين كانوا قد قرروا شن الحرب علي صفحات التواصل الاجتماعي مطالبين باستقالات جماعية رداً علي كلام أبوالفضل، حيث دعا الفنان التشكيلي محمد عبلة، المثقفين أعضاء لجان المجلس الأعلي للثقافة، للاستقالة ردا علي تصريح الأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة بأن "التنوير" مصطلح سييء السمعة. بينما كتب صلاح المعداوي، عن حوار الوزير في أحد البرامج الحوارية، إن النبوي ذكر كلمه وزير الثقافه 15 مرة وكانه لا يصدق أنه في غفله من الزمن والمسئولين أصبح وزيرا لثقافه مصر بفعل فاعل، بينما كتب محمد العدي يقول "الكرسي الذي جلس عليه ثروت عكاشة، يجلس عليه واحد ينصب المجرور، ويرفع المنصوب، ويقول "كيادات" الوزارة". الكاتب إبراهيم عبدالمجيد، كتب يقول علي صفحته "الوزير قال لي مش معقول الأوقاف عندها 60 ألف واعظ ولا نفتح لهم قصور الثقافة، وأرد عليه اولا هي لم تغلق في وجههم، وثانيا يروحوا يا أخويا وياريت تعملوا زاوية في كل قصر ثقافة يبقي احسن". باسم شرف، كتب يقول "كل المؤشرات بتقول إن عندنا وزير ثقافة يحاول يؤسس لثقافة أصولية ومرجعية دينية لإدارة الثقافة في مصر، البداية من أول تصريح ليه بإنه سيعرض علي منتجين السينما قصصا ينفذونها للارتقاء بالذوق وهذا ضد حرية الإبداع، أنت مالك أصلا، لما يكون عنده محمد عفيفي، وأنور مغيث، ويمشيهم من مناصبهم، وهما اللي بدأوا في تحريك الثقافة وأعادوا ثقة المثقفين فيهم، يبقي عنده مشكلة في استيعاب إدارة مختلفة عن فكره، مع أن اولي خطوات النجاح أن يكون عنده كوادر فاهمة وتقدم رؤية مختلفة". محمد السباعي، كتب يقول "كلما سمعت فضيلة الشيخ محمد أبوالفضل يدور ذهان واحد في ذهني، كيف تترك وزارة الأوقاف مثل هذا الرجل، يتحدث الفصحي بلكنة الأبنودي، ويعطش ال"ج"، ويصدق أن عبدالواحد النبوي أستاذ دكتور".