حاملة الطائرات «ميسترال» مناقشة الشراكة الإستراتيجية بين مصر وفرنسا، كانت حاضرة علي شرف حفل افتتاح قناة السويس الجديدة، فقد كان الرئيسان المصري، عبدالفتاح السيسي، والفرنسي فرانسوا أولاند، جنباً إلي جنب، بينما طائرات الرافال الفرنسية تحلق في سماء الإسماعيلية، وفي نفس الوقت الفرقاطات فريم متعددة المهام، التي باعتها باريس للقاهرة مع الرافال في فبراير الماضي، تعبر في عمق القناة، ويبدو أن هذا لن يكون كل شيء بين البلدين، إذ تباحث السيسي وأولاند في تعميق هذه الشراكة، ويبدو أن القاهرة أقرب أكثر من أي بلد آخر للحصول علي حاملتي طائرات من طراز ميسترال، كانت فرنسا أنشأتهما خصيصا لروسيا، بل وتسلمت من موسكو مقدم الصفقة التي كان من المفترض تسليمها خلال العام الجاري. الكلمات السابقة، وردت في سياق تقرير حصري لصحيفة "لوموند" الفرنسية اليومية، وفي سياق نفس التقرير، أفاد مصدر دبلوماسي فرنسي لم يفصح عن اسمه أن، مصر والمملكة العربية السعودية مستعدتان لفعل أي شيء للحصول سويا علي الميسترال، وإنها رغبة مشتركة بين القاهرةوالرياض من أجل امتلاك قوة ردع بحرية في البحرين الأحمر والأبيض، وفيما بدا وكأنه رغبة في تزيين بضاعتهم أكمل نفس المصدر، "هناك عدة دول بالمنطقة ترغب في الحصول علي الميسترال من أجل بناء قوة بحرية، إنها معدات عسكرية أثبتت كفاءة عالية". ويبدو ما نشرته "اللوموند" منطقيا ومتماشيا مع الأحداث الأخيرة، حيث كان توقيع الرئيس السيسي مع ولي ولي العهد، ووزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان، علي اتفاق تعاون أمني واقتصادي يسير في هذا الاتجاه ويشكل خطوة جديدة نحو بناء قوة تحالف عربي مشترك، وكانت نواة هذا التحالف قد وُضعت في السادس والعشرين من مارس الماضي إبان التدخل العربي في اليمن لدعم شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي ولوقف تقدم الميلشيات الحوثية المدعومة من إيران، كما ستشهد القاهرة في السابع والعشرين من أغسطس الجاري اجتماعا وزاريا عربيا سيكون مناقشة قوة عربية علي رأس جدول أعماله. وعلي العكس مما تردده وسائل الإعلام التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية عن تغيير سلبي في العلاقات بين القاهرةوالرياض منذ تولي الملك سلمان لسدة الحكم في المملكة، تؤكد اللوموند أن العلاقة بين البلدين كما بنفس درجة الحرارة منذ ثورة 30 يونيو التي أطاحت بمحمد مرسي من الحكم، حيث قدمت الرياض للقاهرة دعماً قيمته 4 مليارات دولار فيما ساندتها مصر في مواجهة خطر الحوثيين في اليمن من خلال نشر قطع بحرية في البحر الأحمر قطعت علي الحوثيين خطوط التزود بالسلاح. وفي مطلع أغسطس الجاري قامت مصر بإصدار قرار يمدد فترة نشر عناصر من قواتها المسلحة في الخليج والبحر الأحمر ومضيق باب المندب من أجل حماية مصالح وطنية وعربية. ويُعد امتلاك حاملة الطائرات BPC ميسترال للإسقاط والقيادة القادرة علي نقل 1000 جندي ومدرعات وطائرات هليكوبتر، ضرورة ملحة لمصر والسعودية لمواجهة أي أخطار محتملة في اليمن، وربما كذلك تكون هامة من أجل تدخل عربي مشترك يبدو قريبا في ليبيا من أجل مواجهة تنظيم داعش الإرهابي. وتشير اللوموند إلي أن المحادثات الثنائية التي دارت بين السيسي وأولاند في الوقت الذي استغرقته المسافة من المنصة الرئاسية وحتي القارب الذي أقلهما للتجول في القناة الجديدة ثم العشاء سويا، قد غيرت الكثير من الأشياء، إذ كانت باريس متحفظة علي ملف بيع الميسترال بعد إلغاء تسليمها لروسيا، وكانت تريد التأني قبل الإعلان عن الجهة التي ستحصل علي حاملتي الطائرات، وكان نوفمبر من العام الماضي شهد زيارة قام بها الرئيس السيسي لفرنسا ونجح خلالها في إقناع نظيره الفرنسي في الحصول علي 24 طائرة مقاتلة من طراز رافال إضافة للفرقاطة فريم متعددة المهام. من جانبه قال الرئيس فرانسوا أولاند لدي عودته إلي بلاده إن "هناك عدة بلدان تقدمت بطلبات لشراء الميسترال، ولن يكون هناك أي صعوبة في الحصول علي من يشتري الحاملتين"، فيما ألمحت مصادر أخري في قصر الإليزيه إلي أن هناك مفاوضات تدور مع مصر مثل أي دولة أخري وذكر المصدر كندا وسنغافورة كمثال. أما إرفيه جويو رئيس مجلس إدارة مجموعة DCNS البحرية التي باعت لمصر فرقاطة فريم و3 حراقات من طراز جويند، فقد رفض الإدلاء بأي تصريح، بينما أشار مصدر دبلوماسي فرنسي للوموند "المفاوضات مع مصر سرية وتسير بوتيرة متسارعة". تأكيد الصحيفة بأن مصر بمساندة سعودية، ستحصل علي حاملتي الميسترال يرتكز علي أن حضور أولاند لحفل افتتاح قناة السويس الجديدة، كان بصحبة وزير دفاعه جان إيف لودريان، وأن الرئيس الفرنسي أعاد ما ألقاه علي سمع صحفيي بلاده من قبل بأن "لدي فرنسا الإرادة لمنح مصر ما يعطيها القدرة علي التصرف"، كما أن مصر، والكلام ما زال للوموند، تحارب إرهابا طال فرنسا بالفعل وتمدد داعش في ليبيا علي حدود مصر الغربية أطلق موجات هجرة غير شرعية صوب جنوب أوروبا وتتضرر منها فرنسا علي وجه الخصوص بشكل كبير، وكان أولاند قال عقب تسليم مصر صفقة الرافال "سيستمر التعاون مع مصر، وسنعمل علي تعزيزه الفترة المقبلة سنسلمهم فرقاطات أخري، نريد أن تصبح مصر قادرة علي مواجهة الإرهاب بشكل أكبر". كان وزير الدفاع لودريان، قد سبق وصول الرئيس أولاند، إلي القاهرة في الخامس والعشرين، والسادس والعشرين، من يوليو الماضي، وطبقا لمصدر دبلوماسي فرنسي لوكالة الصحافة الفرنسية فإن القاهرة تقدمت لمجموعة شركات DCNS بعرض لشراء حراقتين. اللوموند نشرت علي لسان الرئيس الفرنسي قوله عن مصر أيضا أن علاقة مصر وفرنسا قائمة علي المصلحة المشتركة الأمن والحرب علي الإرهاب، وهنا عرج أولاند علي الخطر الإرهابي في سوريا وليبيا والعراق واليمن وفي مصر نفسها، كما شدد أولاند علي أن مصر شريك مُفضل لدي باريس ولاعب دبلوماسي لا يمكن تجاوزه. كان مسلسل بيع فرنسا لحاملتي ميسترال لروسيا قد شهد حلقاته الأخيرة، قبل يوم واحد من افتتاح قناة السويس الجديدة، بعد توتر شديد في العلاقات لمدة أشهر بين باريسوموسكو. وصدر بيان عن الرئاسة الفرنسية جاء فيه أن فرنساوروسيا توصلتا إلي اتفاق لوضع حد للعقد الذي وقّع سنة 2011 والذي يتضمن تسليم سفينتي ميسترال وبعد فترة وجيزة، أكد الجانب الروسي في بيان منفصل أن موسكو تعتبر أن ملف الميسترال تمت تسويته. وتسارعت الأحداث، بعد أن أكد الوزير الفرنسي مانويل فالس قبل بضعة أيام بأن "قرارات هامة ستتخذ في نهاية فصل الصيف"، ويبدو أن الرئيسين الفرنسي والروسي وضعا اللمسات الأخيرة حول تفاصيل الاتفاق خلال اتصال هاتفي بعد ظهر الخامس من أغسطس. ويبدو أن هذا التسارع كان لصالح الجانب الفرنسي؛ حيث لا يذكر البيان الصادر عن قصر الإليزيه، علي غرار بيان الكرملين، أي أرقام ولكن يوضح أنه سيتم تسديد كامل المبالغ التي دفعها الاتحاد الروسي كمقدم بموجب العقد. وقررت باريس تأجيل تسليم أول سفينة ميسترال في قاعدة فلاديفوستوك البحرية الروسية - حتي إشعار آخر. ونهاية هذا المسلسل تعتبر خبرًا سارًا للرئيس الفرنسي أولاند، حيث إن الصفقة لم تمنع الدبلوماسية الفرنسية من قيامها بأدوار قيادية في النزاع الأوكراني، لكنها لم تتوقف عن تعقيد العلاقات الفرنسية الروسية، ودعم مصر الحليف الذي تكن له باريس مكانة خاصة. ولم ترغب باريس في تسليم موسكو هذه السفن الحربية التي يمكنها أن تحمل مروحيات ودبابات مع وجود مستشفي علي متنها، فمنذ بداية المناقشات، في عام 2009، بعد مرور عام علي الحرب بين روسيا وجورجيا، عارضت هيئة الأركان العامة الفرنسية وبشدة هذه الصفقة؛ إلا أن كلًا من رئيس الوزراء فرانسوا فيون، ووزير الدفاع، هيرفيه موران، تمكنا من الغلبة في نهاية المطاف باسم العلاقات الطيبة بين فرنساوروسيا.