متخصصون في مجال حقوق الطفل بالحكم الذي أصدرته محكمة القضاء الإداري قبل أيام، بإلزام الجهة الإدارية المختصة بقيد نجل سيدة من "زواج عرفي" في سجلات مصلحة الأحوال المدنية بصفة مؤقتة بالاسم الذي ذكرته الأم، إلي أن تقضي المحكمة المختصة في واقعة ثبوت نسبه إلي والده، واعتبروها خطوة جيدة نحو الاعتراف بحقوق الأطفال عبر قيدهم في السجلات المدنية والمدارس، وبما يرسخ لما جاء في القانون والدستور الذي يؤكد علي حق الطفل في الحصول علي أوراق ثبوتية. رئيس شبكة الدفاع عن الأطفال: الحكم لم ينشئ قاعدة جديدة بل أكد ما جاء في الدستور وكانت المحكمة اعتبرت في حكمها الصادر الأحد الماضي، أن وزارة التربية والتعليم ملتزمة بقبول الطفل في إحدي المدارس التي تتناسب مع مرحلته العمرية، مستندة في حكمها إلي أن "المشرع في أحكام الدستور المصري وقانون الطفل وقانون الأحوال المدنية، أعلي حق الطفل في نسبه إلي والديه وحصوله علي اسم يميزه في المجتمع، ويحفظ له كرامته وإنسانيته ويتمتع بكل الحقوق ومنها الحق في التعليم والصحة، وهو حق أولي بالرعاية والحماية لكون الصغير يقع في مركز قانوني أعلي مما قد يثور من خلاف حول صحة العلاقة الزوجية أو ثبوت النسب لوالديه أو أحدهما". وأضافت المحكمة أنها "تقرع باب المشرع والمنظمات المعنية بشؤون الطفل أن تتقصي بالبحث والدراسة المشكلات الناتجة عن الزواج العرفي الذي تتخلي فيه الأم عن حقها في إثباته إما جهلاً أو قهراً ومع ضعف الخلق والدين تكون ثمرته ضحية الحرمان من حق يلتصق بالحق في الحياة". وأكدت أن "المشرع الدستوري حرص علي التأكيد علي حقوق الطفل بحسبانه أضعف حلقات الأسرة وثمرة قيامها، فتلك الحقوق تشكل التزاماً علي الدولة وعلي الوالدين كلا في إطار المسؤولية الملقاة علي عاتقه، وذلك علي نحو قاطع لا لبس فيه وأولي هذه الحقوق، حقه في الحصول علي اسم وأوراق ثبوتية حماية له ولبنيان المجتمع، وكذا تطعيم مجاني، ورعاية صحية وأسرية أو بديلة، وتغذية أساسية ومأوي وأمن وغيرها من الحقوق. ومن ثم بات علي الدولة أن يكون هاجسها ومحركها الأساسي في كل ما تتخذه من إجراءات حيال الطفل هو تحقيق المصلحة الفُضلي له ورعاية حقوقه المقررة دستورياً، والتي غدت حقوقا شخصية للطفل بوصفه كذلك لا يجوز الانتقاص منها أو التعدي عليها بأي قانون تتخذه الدولة". وأوضحت، في سياق حكمها، أن "قانون الطفل حرص علي ضبط عملية قيد الأطفال وحمايتهم بنسبة الطفل إلي والديه باعتباره أحد حقوق الطفل الدستورية التي تدعم حقه في الحياة الآمنة في بيئة اجتماعية ودينية صالحة، فأوجب الإبلاغ عن واقعة الميلاد خلال 15 يوما من تاريخ حدوثها وحدد حصرياُ الأشخاص المكلفين بالتبليغ عن الولادة ومنهم والد الطفل إذا كان حاضراً أو والدته شريطة إثبات العلاقة الزوجية". وتابعت المحكمة، أن "اللائحة التنفيذية للقانون أبانت الإجراءات الواجب إتباعها في حالة عدم قيام الأم بإثبات تلك العلاقة، وتتمثل في تقديمها إقرارا كتابيا منها بأن الطفل وليدها وبشهادة القائم بالتوليد بواقعة الميلاد، ويتم في هذه الحالة قيد المولود بسجلات المواليد وبدون اسم الأم في الخانة المخصصة لذلك، ويثبت للمولود اسم أب رباعي يختاره المسؤول عن القيد ولا يعتد بهذه الشهادة في غير إثبات واقعة الميلاد، مع إثبات ذلك بمحضر إداري يحرره المسؤول عن القيد، ويرفق بنموذج التبليغ، علي النحو الذي يصدر به قرار من وزارة الداخلية بالتنسيق مع وزارة الصحة حسبما تقضي اللائحة التنفيذية لقانون الطفل المشار إليه، والتي حددت البيانات التي يجب أن يشملها الإبلاغ عن واقعة الميلاد، والتي يتم إدراجها في النموذج المعد لذلك". من جانبه، قال رئيس شبكة الدفاع عن الأطفال في نقابة الصحفيين، إن هذا الحكم لا يمثل اعترافاً بالزواج العرفي أو بالحالة الزوجية، لكنه يمثل حماية للطفل نفسه الناتج عن مثل هذا الزواج، موضحاً أن الحكم لا يُنشئ جديداً، فما أكده من حقوق للطفل واردة في قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 وكذلك ما ورد في المادة 80 من الدستور، والتي تؤكد أحقية الطفل في الحصول علي أوراق ثبوتية، أي حقه في وثيقة تثبت هويته. وأضاف في تصريحات ل"آخرساعة" أن أهمية الحكم تكمن في كم المشكلات التي تنجم عن وجود أعداد هائلة من الأطفال في مصر من دون أوراق ثبوتية، حيث يظل الطفل بدون "فاقد قيد" طوال حياته، وتواجهه مشكلات كبيرة مستقبلاً من بينها عدم وجود أي أوراق تثبت هويته حين يفكر في الزواج مثلاً، كما أن هذه الفئة من الأطفال تظل في الشارع، وتكون عرضة لارتكاب الجرائم، وبالتالي يكون من الصعب إثبات حقه أو حتي إدانته، مشيراً إلي أن عدد أطفال الشوارع والعشوائيات غير المقيدين لأسباب عدة ضخم للغاية ما يجعل الحكم الأخير مهماً، لكن مع الإشارة هنا إلي أن الحكم ينتصر لحق الطفل في الحصول علي أوراق ثبوتية، بينما تظل مسألة نسبه خاضعة لأحكام المحاكم المختصة في هذا الشأن، وهي المختصة في الفصل في مسألة نسبه إلي أب معين.