د. وحيد سعودى انشغل المصريون خلال الأسابيع الأخيرة بمتابعة حالة الطقس وتغيرات المناخ بالتزامن مع هبوب موجة رياح شديدة البرودة صاحبتها أمطار وثلوج، ورغم أن معظم المصريين لم يكن ينشغل بمتابعة النشرة الجوية، بدأ الكثيرون يركزون في متابعة توقعات الهيئة العامة للأرصاد الجوية التي خرجت بمعلومات دقيقة بشأن الطقس والمناخ، وهو ما دفع "آخرساعة" للاقتراب من هذا العالم بزيارة إلي الهيئة للتعرف علي أحدث الأجهزة المستخدمة في التنبؤ بدرجات الحرارة والتحولات المناخية، ومعرفة سبب الشائعات التي أطلقتها وكالة ناسا مؤخراً عن سوء الأحوال الجوية في مصر والمنطقة العربية عموماً. وكان لنا هذا الحوار مع المتحدث الرسمي باسم الهيئة رئيس إدارة التحاليل الدكتور وحيد سعودي، فإلي نص الحوار. كيف يتم التنبؤ بالظواهر الطبيعية. - نستخدم الأجهزة اعتماداً علي خبرة الإخصائيين ومخرجات الأنظمة مثل الخرائط التي يتم توقيعها وتحليلها لإصدار النشرات الجوية، ومصر ضمن 192 دولة مشتركة في المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التي مقرها جنيف بسويسرا، وعلي رأس كل ساعة نتبادل كل المعلومات مع كل بلدان العالم ويتم تحديدها علي الخرائط برموز في حوالي 500 نقطة تمثل كل نقطة محطة بمنطقة مناخية وبها إحداثيات مثل درجة الحرارة والضغط وسرعة الرياح والظواهر الجوية المصاحبة لدرجة الحرارة في صيغة أرقام مشفرة ويتم فك هذه الشفرات وتحليلها لتحديد أماكن المنخفضات والمرتفعات علي الخريطة ونقوم بهذه العملية كل 6 ساعات. ما أقصي مدة للتنبؤ بالظواهر الطبيعية قبل حدوثها؟ - يمكن التنبؤ بحدوث الظاهرة قبل حدوثها بحوالي من 3 إلي 5 أيام، وقد تصل إلي شهر بالنسبة لسوء الأحوال الجوية مثل السيول في بعض المناطق في فصل الخريف قبل الظاهرة بأسبوع أو أكثر أتصل بالشبكات في بعض المناطق مثل سيناء وبعض مناطق بالبحر الأحمر وجنوب الصعيد وأرسل لهم إنذارات مبكرة بأن الموسم مصاحب السيول ثم قبل حدوثها بأربعة أيام أكرر الإنذار ويومياً وأعلن في الإذاعة والتليفزيون لأخذ احتياطاتهم في مخرات السيول. ما أهم الجهات التي تخدمها الهيئة العامة للأرصاد الجوية؟ - الهدف من هذه العملية تأمين حركة الطائرات لأن الهيئة العامة للأرصاد الجوية ليست مهمتها النشرة الجوية، لأن مهمتنا الحقيقية تقليل الآثار الناجمة عن سوء الأحوال الجوية بالتنبيه والإنذار للحفاظ علي أرواح وسلامة الأفراد والمنشآت، بالإضافة إلي تأمين وسلامة الملاحة البحرية والجوية، لأن أي مطار عسكري أو مدني لابد أن يحتوي علي مركز للتنبؤات لابد يمكن أي مشروع في الجيش يتم إلا بتنبؤات هيئة الأرصاد، لأن الطائرة تستطيع التحرك بدون الخرائط واستشارة الإخصائي الجوي قبل الاقلاع ب6 ساعات فنحن نتبأ بالظواهر علي الأقل قبل حدوثها ب 72 ساعة، وذلك لرؤية الممرات والظواهر الجوية الحرجة وننصحه بالممرات البديلة وهنا وزارة الطيران بيدها القرار لهبوط الطائرة في مطار بديل في حالة سوء الأحوال الجوية ، بالإضافة إلي دور الهيئة في تأمين وسلامة الملاحة البحرية والبرية ووزارة الداخلية في المرور، ونحن نتعامل مع كل وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمقروء إن استعانوا بنا وهناك شبكة تواصل بين كل شبكات هيئة الأرصاد في المحطات المختلفة في مصر فنحن نخدم حوالي 147 جهة مختلفة، ولنا رقم يعمل 24 ساعة للاستفسار عن حالة الطقس وسوف نحوله إلي خط ساخن مجاني قريباً. هل من الوارد أن تكون التنبؤات غير صحيحة؟ - لا يمكن أن يحدث ذلك لأننا منذ حوالي 10 سنوات ونتائج التنبؤات تتجاوز 97 % بدليل أن النشرة الجوية أصبحت جميع وسائل الإعلام وأن آخر موجة شديدة تنبأنا بها قبل حدوثها بأسبوع، حيث تم تنمية العنصر بالبشري بشكل كبير فإننا قبل تعيين إخصائي الأرصاد لابد من تخرجه من كلية العلوم قسم فيزياء أو رياضة بتقدير جيد علي الأقل ثم إرساله لأخذ دبلومة الفلك والأرصاد من كلية العلوم بجامعة القاهرة ثم يتم تدريبه في المركز الإقليمي للتدريب بالهيئة العامة للأرصاد المنوط بها تدريب جميع العرب والأفارقة لتأهيل إخصائيين وفنيين للأرصاد ثم تدريبه بقطاع التحاليل ثم إيفاده كل عام إلي أي دولة أوروبية بهدف الاستفادة من خبرات الدول الأخري، وتم استقدام الأنظمة الحديثة في علوم الأرصاد مثل الولاياتالمتحدة واليابان والصين ولهم فضل كبير في الحصول علي دقة عالية. ما رأيك في التقارير التي تصدرها وكالة "ناسا" الفضائية الأمريكية عن سوء المناخ في منطقة الشرق الأوسط؟ - ناسا تطلق بعض الشائعات مثل هبوب عواصف ثلجية علي المنطقة وأن الشتاء الحالي الأكثر برودة في العالم وغيرها من الإشاعات بهدف ضرب السياحة في بعض البلدان، لأنه من المعروف أن هناك بلدانا منها مصر جوها معتدل صيفاً دافئ شتاء، لذا يأتي إلينا السائحون من الدول الأوروبية للاستمتاع بالجو الدافئ، لكن في حالة إصدار هذه الإشاعات فلن يأتي إلينا سائحون لبرودة الجو بالإضافة إلي شلل حركة الملاحة البحرية نتيجة الإشاعات الزائفة مما يكبد مصر خسائر اقتصادية فادحة، ولكن بفضل الكفاءات والخبرات بالهيئة العامة للأرصاد الجوية والتي تعتمد علي عدة قطاعات وهي الإدارة العامة للتحاليل وهي المنوطة بإصدار النشرات والتحذيرات الجوية، الإدارة المركزية للبحث العلمي كل ما يشغلها ما بين ماجستير ودكتوراه ودورها في نفي الإشاعات التي تصدر بالأدلة والبراهين العلمية ونحن من خلال خبرة الإخصائيين والأنظمة المعمول بها في الدول الأوروبية والآسيوية للأرصاد الجوية بالإضافة الي قاعدة البيانات لأكثر من 50 سنة بالهيئة ننفي هذه الاشاعات لتجنب الخسائر الاقتصادية، وشلل حركة الملاحة البحرية. علمياً ما سبب موجة البرد التي شهدتها البلاد مؤخراً؟ - هذه موجة واحدة وقد حدثت مرات عديدة من قبل ودرجات الحرارة التي سجلت كانت أقل من ذلك بكثير، وسبب هذه الموجة الآن أنها منخفض في حوض شرق البحر المتوسط في منخفض اليونان وبما أن الرياح تهب في المنخفضات عكس عقارب الساعة تزامن معه وجود رياح آتية من منخفض جوي آخر علي ارتفاع 6 كيلو مترات من سطح الأرض فهذا المنخفض في طبقات الجو العليا يصاحبه تيار نفاث محمل بالبرودة قادم من المناطق القطبية هذا بدوره أدي إلي الانخفاض الملحوظ في درجات الحرارة ثم نشاط الرياح المثيرة للرمال والأتربة المصاحبة معها والتي وصلت إلي حد العواصف وانعدام الرؤية في بعض المناطق وتكاثر السحب. ولكن مع ذلك فتعد مصر الأقل تأثرا من بلدان الشام وتركيا، التي حدث بها شلل تام في حركة الموانئ والحياة اليومية بسبب تراكم الثلوج لأكثر من متر ونصف في تركيا وسوريا وفلسطين، ومع ذلك فلم تنخفض درجة الحرارة في القاهرة لأكثر من 9 درجات مئوية فقط، وفي الأيام القادمة ستنخفض درجة الحرارة تدريجياً مرة أخري ومن الممكن حدوث موجة باردة أخري ولكن لم تثبت الخرائط بعد صحتها. ماذا عن تطبيقات الهواتف الذكية التي يمكنها التنبؤ بدرجة الحرارة لمدة شهر؟ - هذا التطبيقات مجرد "نصب" لأن التنبؤ أقصي مدة له خمسة أيام وهناك نظرية في الأرصاد توضح أنه كلما قصرت فترة التنبؤ زادت دقته وكلما زادت الفترة قلت دقته لذلك كلما زادت الفترة قلت المصداقية، ولكن قد تصدق لأنها يمكن أن تكون متعاقدة مع دول أخري فكما قلت ان مصر ضمن 192 دولة تتبادل معلومات حول حالة الأرصاد في مصر فيمكن أن تكون متعاقدة مع إحداها ولكن فكرة التنبؤ لمدة طويلة تقلل من المصداقية.