يتميز الحكام كل في عصره بسمة يتصف بها عهده وتظل مرتبطة باسمه في صفحات التاريخ . وإذا كان الرئيس حسني مبارك حقق من الإنجازات الكثير في مجالات عديدة، إلا أن من أهم سمات عصره، حرية التعبير . كان من سمات محمد علي، بزوغ النهضة المصرية في العصر الحديث واتساع رقعة التأثير المصري في المنطقة العربية والأفريقية، وتبعها نهضة أخري تتمثل في اتخاذ النمط الأوروبي للحياة في مصر، فأنشأ الخديو إسماعيل دار الأوبرا والبرلمان وغير ذلك . جاء سعد زغلول ليرسخ معالم الليبرالية المصرية . أما جمال عبد الناصر فقد أشعل الثورة ودفع بمصر إلي آفاق عالمية، فأصبح لها دورها المؤثر في كل دوائر العالم . وجاء السادات ليقود الجيش لتحقيق النصر في أكتوبر . وكان مبارك دائما في خدمة مصر وشعبها، منذ أن بدأ خدمته في الجيش المصري، تاريخ طويل من السيرة الوطنية العطرة التي لم تشبها شائبة، فلم يعرف عنه أي نوع من أنواع السلبية ولم يعرف عنه المحاباة في عمله أو التمييز أو أي شيء مما قد يشوب تصرفات الحكام الذين يختلف عليهم الناس والمؤرخون . أنجز الرئيس مبارك الكثير لمصر فقد كان رجل الحرب الذي ساهم في النصر وأعاد لمصر أرضها، كما أنه رجل السلام الذي حافظ علي الأرض والإنسان ودفع بالتنمية لكي يعيش المواطن عيشة كريمة . وفي عهد مبارك عاشت مصر فترة من أطول فترات السلام في تاريخها . لكن تعد حرية التعبير من أهم إنجازات مبارك، ففي عصر مبارك شهدت الصحافة طفرة غير مسبوقة، فعدد الإصدارات ونوعها أمر لم يتكرر من قبل، ولم يعد هناك سقف لحرية القنوات الفضائية، وطرقت صحف الأحزاب كل نقطة يمكن أن تنقد من خلالها النظام والحكومة وحزب الأغلبية. لا تقتصر حرية التعبير علي ذلك، بل انتشرت منظمات المجتمع المدني تدافع عن الحقوق وتدعم الرأي . كلام كثير قيل عن انتهاك الحقوق وحرية التعبير، وقد يكون هناك مخالفات وانتهاكات بالفعل من قلة لا تدرك مدي فداحة ما ترتكبه، ولكن عصر مبارك يؤرخ له بعصر الانفتاح السياسي والإعلامي، ولنا فيما نعيش فيه من صرخات إعلامية من كل الاتجاهات دليل علي الحيوية التي وجدت في مناخ ديمقراطي أوجده مبارك ورسخه علي مدي فترة حكمه . زادت الحرية لدرجة أن بعض مراهقيها ممن يطلون علينا من القنوات الفضائية أو الصحف الخاصة قد أفسدوها وصاروا مهددين للوطن ببث الفتنة أو الشك أو الصراخ لمجرد الصراخ وابتزاز النظام والحكومة والحزب الحاكم، وللأسف يخشاهم الكثيرون فصاروا مراكز قوي منحرفة يفعلون أي شيء للحفاظ علي دخلهم المالي المتضخم يوما بعد يوم مستغلين مناخ الحرية والديمقراطية الذي تعيشه مصر في عهد مبارك . لقد تبجح البعض كثيرا ضد الدولة وضد النظام معتبرين البجاحة سبوبة ترفع من أجورهم لدي القنوات التي تبحث عن أي وسيلة للرواج ولدي الصحف التي لا تستطيع أن تعيش بأسلوب مهني محترم، لقد استغلوا سقف الحرية المرتفع وارتدوا مسوح الأبطال وفعلوا كما فعل دون كيشوت بسيفه الخشبي الذي حارب به طواحين الهواء، فهم ليسوا أبطالا ولا يمكنهم حمل السيوف، لكنه استغلال للمواقف وللحالة المفتوحة التي تعيشها الدولة . لطالما تعرض مبارك نفسه لبعض البجاحات والاستفزازات ولكنه أبدا لم يستجب لذلك، فهو يدرك تماما أن البعض يحاول أن يجد لنفسه دورا بطوليا وليس أفضل من مثل هذا الدور علي حساب رئيس الجمهورية، لأن هؤلاء سيحرصون علي ارتداء ثوب الضحية وادعاء النضال في مواجهة أكبر رأس في البلاد. لقد تغاضي مبارك عن الكثير من الاستفزازات متحملا ومعتبرا ذلك ضريبة الديمقراطية التي يحرص علي أن يعيشها الشعب في مصر ومدركا أن التاريخ لن يقف أمام التفاهات والاستفزازات ولكنه سيسجل بحروف من نور كل جهد قدمه مبارك لبلاده وأهم هذه الجهود مساندة ودعم حرية التعبير .