القول إن شرعية الرئيس اليمني عبد ربه هادي منصور سقطت، بعدما فقد السيطرة علي كل مؤسسات الدولة بشكل فعلي، تحت سطوة سلاح الحوثيين المعتنقين للمذهب الشيعي الزيدي، الذين تحركهم إيران دون أدني شك، لتحكم طهران سيطرتها بالكامل علي أهم مضيقين ملاحيين في الخليج العربي. وبالتأكيد لم تكن مصادفة أن يحضر إلي القاهرة في أسبوع واحد رئيس تحرير صحيفة عكاظ السعودية ورئيس تحرير وكالة الأنباء الكويتية، للقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبنظرة سريعة علي الحوارين يتضح أنهما ذهبا إلي قصر الاتحادية محملين بأسئلة تعكس قلق قيادات بلديهما السياسية، وربما كل دول الخليج، باستثناء إمارة صغيرة، من الوضع في اليمن من ناحية، ومما تتعرض له مصر من هجمات إرهابية من ناحية ثانية. وهنا من المهم أن نتساءل: ما الذي تريده إيران من اليمن؟ ولماذا صرح أحد قادة الحرس الثوري الإيراني بأن طهران استولت علي بوابة الخليج بعدما بسط الحوثيون نفوذهم علي العاصمة؟ الإجابة نجدها في ثنايا حوار أجراه الرئيس اليمني عبد ربه هادي منصور في لقاء صحفي علي هامش القمة العربية بالكويت ونُشر بتاريخ 31 مارس 2014 حيث قال: إن من يمتلك مضيق هرمز ويسيطر علي باب المندب لن يكون بحاجة إلي قنبلة نووية ، كان الرجل ينوه إلي مفاوضات مجموعة الخمس+1 (أمريكا-روسيا-إنجلترا-فرنسا-الصين-ألمانيا) مع طهران بخصوص برنامجها النووي، فإذا ما أجبرتها القوي الدولية علي تفكيك برنامجها وإخضاعه بالكامل لإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن ضم اليمن للحظيرة الفارسية سيكون التعويض المناسب لنظام الملالي. غير أن ذلك ليس كل ما تريده إيران، فأصحاب العمائم السوداء مصممون علي تصدير ثورتهم أو بالأحري مذهبهم لدول الخليج، وحاولوا فعل ذلك عبر نظام الإخوان الذي جثم علي صدور المصريين عامًا. بصمات المخابرات الإيرانية تبدو واضحة علي كل سيارة مفخخة، وأي عبوة ناسفة سواء عند مديرية أمن القاهرة، أو هناك في كرم القواديس ، جنود أمريكان خدموا في العراق قالوا ذلك لصحف بلادهم يرون استهداف الجنود المصريين بسيناء يتم بنفس طريقة استهداف زملائهم في بغداد، ويقسمون أن رجلا واحدا مسؤول عن تدريب العناصر المسلحة التي تزرع تلك العبوات، يُدعي قاسمي سليماني يشغل منصب رئيس الحرس الثوري الإيراني، سليماني الذي زار القاهرة سرًا في يناير 2013، والتقي بديع والشاطر في مكتب الإرشاد بالمقطم، بحسب ما ذكرته الجارديان البريطانية في حينه، والشيعة في شرق السعودية وفي مملكة البحرين رهن أي إشارة تصدر من سليماني لإشعال نار الفتنة والسعي في الأرض فسادًا. السيسي بدا في تصريحاته لرئيس تحرير عكاظ، وكأنه يتحدث إلي الإيرانيين مباشرةً خاطبهم بقوله إنه ليس مقبولا أبدًا أن يتحول اليمن إلي أرضية خصبة تشتعل فيها حروب أهلية، وتهيمن عليها شرور الإرهاب, ثم ربط بين ما يحدث في اليمن وتأثيره علي جيرانها الخليجيين وما يحدث في مصر بجملة واحدة «من باب أولي أن نقف بكل قوة بوجه تصدير هذا الوضع إلي دول الجوار، أو ضرب مصالح دول المنطقة والعالم تحت أي مبرر أيًا كان مصدره وهناك فئة تدفع الأمور في مصر نحو الأصعب». وحينما سأله محاوره بوكالة الأنباء الكويتية خلال الحوار الذي أجري الأربعاء الماضي إذا ما كانت إيران وأطراف إقليمية أخري تدفع الأمور باليمن نحو هذا الاتجاه.. وهل نحن (مصر والخليج) بصدد الدخول في مواجهة معها في أكثر من موقع وآخرها اليمن؟، أجاب السيسي: «إيران أو غير إيران تدرك تمامًا أنه ليس في مصلحتها أن تقود المنطقة إلي مزيد من الدمار، ويجب أن يقفوا عند حدهم لأن لذلك مردودًا سلبيًا ضخمًا ليس علي المنطقة فحسب» ثم ألمح السيسي إلي مباركة الإدارة الأمريكية لما تقوم به طهران في المنطقة مستدركًا: «وإنما علي أي أطراف تحاول أن تصب الزيت علي النار، بدلاً من أن تعمل علي التهدئة وترك دول المنطقة وشعوبها لحالهم يقررون مصيرهم بأنفسهم». رسالة السيسي كانت في غاية الوضوح للأشقاء في الخليج: أمن الخليج من أمن مصر فالمصير واحد والمستقبل مشترك، وللإيرانيين والأمريكيين وغيرهم من العابثين كانت كلماته حازمه: من يلعب بالنار سيكتوي بها.