سعر الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 20-5-2025 مع بداية التعاملات    الدولار ب49.99 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء 20-5-2025    ترامب يتساءل عن سبب عدم اكتشاف إصابة بايدن بالسرطان في وقت مبكر    نتنياهو يهاجم بيان بريطانيا وفرنسا وكندا: نقبل برؤية ترامب... ومطالبكم جائزة ضخمة لحماس    بعد ترشيح ميدو.. الزمالك يصرف النظر عن ضم نجم الأهلي السابق    «أكبر خطيئة وتستلزم الاستغفار».. سعد الهلالي عن وصف القرآن ب الدستور    شديدة العدوى.. البرازيل تُحقق في 6 بؤر تفش محتملة لإنفلونزا الطيور    فوائد البردقوش لصحة الطفل وتقوية المناعة والجهاز الهضمي    وزارة العمل تعلن توافر 5242 فُرص عمل في 8 محافظات    وزير الرياضة ومحافظ بورسعيد يجتمعان مع مجلس المصرى بعد استقالة كامل أبو على    رابط جدول امتحانات الشهادة الإعدادية 2025 ب المحافظات الحدودية    أثبت أني حي لكن لم يعاملوني مثل عبد الرحمن أبو زهرة، وقف معاش الكاتب الصحفي محمد العزبي    جيش الاحتلال الإسرائيلي يقصف مدرسة تؤوي نازحين في حي الدرج بمدينة غزة    ماذا تفعل المرأة في حال حدوث عذر شرعي أثناء أداء مناسك الحج؟    منذ فجر الاثنين.. 126 شهيدا حصيلة القصف الإسرائيلي على غزة    بينهم أم وأبنائها الستة.. استشهاد 12 فلسطيني في قصف إسرائيلي على غزة    حريق مزرعة دواجن بالفيوم.. ونفوق 5000 كتكوت    "تيك توكر" شهيرة تتهم صانع محتوى بالاعتداء عليها فى الطالبية    سفير مصر لدى الاتحاد الأوروبى يستعرض العلاقات المصرية- الأوروبية    5 أيام متواصلة.. موعد إجازة عيد الأضحى 2025 في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    إصابة طفلين واعتقال ثالث خلال اقتحام الاحتلال بيت لحم بالضفة الغربية    مدرب وادي دجلة السابق: الأهلي الأفضل في إفريقيا وشرف لي تدريب الزمالك    المحكمة العليا الأمريكية تؤيد قرار ترامب بشأن ترحيل 350 ألف مهاجر فنزويلي    محافظ كفرالشيخ: توريد 178 ألف طن من القمح وصرف مستحقات المزارعين بانتظام    مهرجان كان يعدل جدول أعماله بسبب دينزل واشنطن ويفاجئه بجائزة "السعفة الذهبية الفخرية" (فيديو)    التعليم تكشف عن سن التقديم لمرحلة رياض الأطفال والصف الأول الابتدائي    4 قرارات عاجلة من النيابة بشأن بلاغ سرقة فيلا نوال الدجوي    الأرصاد تُحذر: شبورة ورياح مثيرة للرمال والأتربة على هذه المناطق اليوم    حبس شاب متهم بالشروع في قتل آخر بالعياط    أحمد دياب: إيقاف النشاط أمر غير وارد    عاجل| عرض خليجي خرافي لضم إمام عاشور.. وهكذا رد الأهلي    مشروعات عملاقة تنفذ على أرض أشمون.. تعرف عليها    تكريم طالبين بجامعة عين شمس لحصولهما على جائزة بمسابقة عمرانية    الإفتاء: لا يجوز ترك الصلاة تحت اي ظرف    فضل حج بيت الله الحرام وما هو الحج المبرور؟.. الأزهر للفتوى يوضح    أحدها لم يحدث منذ 2004.. أرقام من خسارة ليفربول أمام برايتون    صيام صلاح مرة أخرى.. ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي الممتاز بعد خسارة ليفربول    محافظ القليوبية يتفقد أعمال تطوير مستشفى النيل ويشدد على سرعة الإنجاز (صور)    سيلان الأنف المزمن.. 5 أسباب علمية وراء المشكلة المزعجة وحلول فعالة للتخفيف    رئيس شعبة مواد البناء: لولا تدخل الحكومة لارتفع سعر طن الأسمنت إلى 5000 جنيه    «ليست النسخة النهائية».. أول تعليق من «الأعلى للإعلام» على إعلان الأهلي (فيديو)    إغلاق 7 منشآت طبية مخالفة و7 محال تجارية فى حملة بقنا    منافس الزمالك في ربع نهائي كأس الكؤوس الأفريقية لليد    حدث بالفن | حقيقة إصابة عبدالرحمن أبو زهرة ب "الزهايمر" وموعد حفل زفاف مسلم    موعد نقل القناع الذهبي لتوت عنخ آمون إلى المتحف المصري الكبير    أستاذ علاقات دولية: الاتفاق بين الهند وباكستان محفوف بالمخاطر    ما مصير إعلان اتصالات بعد شكوى الزمالك؟.. رئيس المجلس الأعلى للإعلام يوضح    جامعة حلوان تنظم ندوة التداخل البيني لمواجهة تحديات الحياة الأسرية    وزير الاستثمار يتوجه للعاصمة الألمانية برلين لتعزيز العلاقات الاقتصادية المشتركة بين البلدين    هل يوجد في مصر فقاعة عقارية؟.. أحمد صبور يُجيب    شعبة المواد الغذائية تكشف 4 أسباب لعدم انخفاض أسعار اللحوم مقارنة بالسلع التموينية (خاص)    وفد قبطي من الكنيسة الأرثوذكسية يلتقي بابا الڤاتيكان الجديد    سامي شاهين أمينا للحماية الاجتماعية بالجبهة الوطنية - (تفاصيل)    عليك إعادة تقييم أسلوبك.. برج الجدي اليوم 20 مايو    تامر أمين ينتقد وزير الثقافة لإغلاق 120 وحدة ثقافية: «ده إحنا في عرض مكتبة متر وكتاب»    سرعة الانتهاء من الأعمال.. محافظ القليوبية يتفقد أعمال تطوير مستشفى النيل    وزير العمل: قريباً توقيع اتفاقية توظيف للعمالة المصرية في صربيا    خالد الجندي: الحجاب لم يُفرض إلا لحماية المرأة وتكريمها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انفراد "آخرساعة" داخل منزل شبرا الذي أقام فيه عبدالمجيد عادل عامين
هنا كان يعيش المتهم بقطع الرؤوس
نشر في آخر ساعة يوم 30 - 09 - 2014

في الوقت الذي مازال الجدل دائراً حول الشاب "الداعشي" البريطاني ذي الأصل المصري، عبدالمجيد عادل، المتهم بذبح صحفيين أمريكيين وثالث بريطاني "عامل إغاثة" في سوريا، تمكنت "آخر ساعة" من الوصول إلي المنزل الذي أقام فيه عبدالمجيد لمدة عامين قبل قيام ثورة يناير 2011 والتقت عمه للوقوف علي حقيقة انضمام نجل شقيقه - مغني راب سابق - إلي تنظيم "داعش" في سوريا، وما إذا كان هذا التحول سببه الانتقام لوالده الذي يخضع حالياً للمحاكمة في الولايات المتحدة بتهمة تفجير السفارات الأمريكية في نيروبي ودار السلام العام 1998.
منذ صدور تقرير لأجهزة الاستخبارات البريطانية في أغسطس الماضي، بشأن واقعة ذبح الصحفي الأمريكي، جيمس فولي، علي يد أحد عناصر تنظيم الدولة الإسلامية المعروف اختصاراً ب"داعش"، استمر الجدل حول حقيقة ما توصل إليه التقرير من أن قاطع الرؤوس، الذي ظهر ملثماً أثناء تنفيذ عملية النحر في فيديو بثه "يوتيوب"، هو الشاب البريطاني ذي الأصل المصري، عبدالمجيد عادل عبدالباري (23 عاماً)، وبخاصة بعد تكرار السيناريو مرتين أخريين، حيث ذبح الملثم ذاته كلاً من الصحفي الأمريكي اليهودي ستيفين سوتلوف، وعامل الإغاثة البريطاني ديفيد هاينز الذي كان يؤدي أول مهمة له لحساب منظمة "أكتد" الفرنسية كمسؤول لوجستي في مخيم للاجئين السوريين قرب الحدود التركية.
وفيما سبق اقتنصت "آخرساعة" تصريحات مقتضبة من عم المشتبه في تنفيذه هذه الجرائم، نشرته المجلة في عدد سابق بتاريخ 26 أغسطس الماضي، استبعد فيه أن يكون إرهابي داعش الذي قطع رأس جيمس فولي، هو ابن شقيقه، واصل الرجل الذي يحمل الاسم الأول ذاته للمتهم، وهو عبدالمجيد عبدالباري، تأكيده علي أن الشخص الذي ظهر في فيديوهات "قطع الرؤوس وجزها" لا يمكن أن يكون ابن شقيقه، كون الأخير بحسب قوله يتمتع بمواصفات مختلفة تماماً من حيث البنية وطول القامة.
بينما كانت عقارب الساعة تشير إلي العاشرة مساءً، وفي شارع خافت الإضاءة، وعلي مقهي شعبي متواضع في منطقة "شبرا مصر" بالقاهرة، كان لقائي مع عبدالمجيد عبدالباري، مدير التموين الطبي بمستشفي اليوم الواحد في منطقة "روض الفرج".
علي عكس ظني لم أجد رجلاً بلحية كثة وجلباب أبيض قصير متجهم الوجه. كان عبدالمجيد عبدالباري (58 عاماً)، شخصاً هادئاً تعلو وجهه ابتسامة خفيفة، وبدا جاهزاً للمقابلة الصحفية بكامل حلته، إذ كان متأنقاً في البدلة التي ارتداها مُحكماً ربطة عنقه، حريصاً علي تثبيت "دبوس" صغير يحمل علم مصر علي ياقة البدلة، قبل أن يبدأ في حديثه المتدفق معي، علي طاولة صغيرة، طلب من صاحب المقهي "فرج" وضعها مع كرسيين علي الضفة المقابلة للمقهي بعيداً عن ضوضاء مجموعة قليلة من رواد المقهي الشباب.
اختار عبدالمجيد أن يبدأ حديثه بقصة شقيقه، المحامي عادل عبدالباري، الذي بدأت محاكمته قبل أيام في الولايات المتحدة بتهمة تفجير السفارات الأمريكية في كينيا وتنزانيا العام 1998 حيث قال: عادل كان شخصاً ملتزماً دينياً يصلي في المسجد، لا أكثر ولا أقل، وخرج من مصر في العام 1991 بشكل طبيعي ضمن لجنة ضمت إلي جانب أخي كلاً من منتصر الزيات "محامي الجماعات الإسلامية"، وعبدالحليم مندور، للدفاع عن شاب مصري بورسعيدي يدعي "السيد نصير" كان متهماً بقتل الحاخام اليهودي المتطرف "مائير كهانا".
يتابع: في رحلة العودة إلي القاهرة، استدعي الأمر الهبوط للترانزيت في العاصمة البريطانية لندن، وفيما استكمل منتصر الزيات وعبدالحليم مندور رحلة العودة إلي مصر، قرر أخي البقاء في انجلترا، وطلب اللجوء السياسي، بسبب تكرار اعتقاله كثيراً علي مدار سنوات طويلة قبل سفره، حيث وجد في بقائه لاجئاً في انجلترا فرصة للتخلص من القمع الذي مورس ضده في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك علي يد جهاز أمن الدولة "المُنحل".
بعد حوالي عامين كان عادل قد أنهي إجراءات حق اللجوء، وحينئذ، قمنا بتسفير زوجته "رجاء" وأبنائه الثلاثة "إكرام ومحمد وعبدالمجيد" إليه في لندن، وكان عبدالمجيد أصغر أبنائه، إذ لم يكن تجاوز عمره الثلاث سنوات، وفي العام 1994 تقريباً فتح عادل مكتباً باسم "المكتب الدولي للدفاع عن حقوق الشعب المصري"، واستقر به المقام لاجئاً في انجلترا، بينما يؤكد شقيقه: طوال الفترة الأولي من تواجده في لندن ونظراً لأننا أسرة ميسورة الحال حيث نعمل بالتجارة ولدينا محلان لبضائع الجملة، كنا نرسل إليه مصاريف وملابس، مشيراً إلي أن شقيقه رُزق بثلاثة أبناء آخرين خلال تواجده في إنجلترا، وهم بحسب الترتيب "ضياء الدين ورحمة وسلوي".
ويهاجم عبدالمجيد عادل نظام مبارك بشده: كان نظاماً قمعياً يضطهد كل من له انتماء ديني، وقد حوكم أخي غيابياً وصدر ضده حكم بالإعدام 1995 وآخر بالسجن المؤبد عام 1999 في قضيتي "خان الخليلي" و"العائدون من ألبانيا"، علي الرغم من أن عادل طوال فترة تواجده في مصر، لم يتم ضبطه بسلاح مثلاً أو حتي جري اتهامه في أي قضية إرهابية داخل البلاد، وتم اعتقاله في العام 1982 وخرج بعدها بعامين مع أكثر من مائتي متهم بينهم منتصر الزيات، في قضية سُميت وقتذاك "الانتماء لتنظيم الجهاد"، والتي تم حفظها بعد ثلاث سنوات من اعتقالهم.
ويرتشف عبدالمجيد قليلاً من قدح قهوته بعد أن ينفث دخان سيجارته، ويواصل: حين وقعت تفجيرات نيروبي (كينيا) ودار السلام (تنزانيا) عام 1998 ألقي البوليس الإنجليزي القبض علي أخي عادل، وفتش مكتبه ومنزله علي مدار أربعة أيام ولم يجد شيئاً يدينه، وبعد عام واحد ألقي القبض عليه مُجدداً في القضية ذاتها، وظل سجيناً في بريطانيا لمدة 13 عاماً علي ذمة القضية، إلي أن تم تسليمه للولايات المتحدة في أكتوبر 2012 وتقرر إخضاعه للمحاكمة هناك العام الماضي، ومن المنتظر أن يتم النطق بالحكم خلال نوفمبر المقبل.
وذهب عبدالمجيد إلي أن شقيقه أقر أخيراً بضلوعه في ارتكاب جريمة تفجير السفارات، بعد ضغط مورس بحقه، في سبيل تخفيف العقوبة، وبالتأكيد تم ذلك بعد التنسيق مع محاميه، حيث يقول عبدالمجيد: "لا يُعقل أن يعترف شخص علي نفسه بجريمة غير متورط فيها وقد تصل عقوبتها إلي الإعدام".
دلائل كثيرة كانت تشير إلي أن عبدالمجيد عبدالباري، هو الصندوق الأسود، الذي يعرف كل الأسرار التي يكسوها الغبار، بشأن حقيقة ضلوع شقيقه عادل في عمليات إرهابية، وكذا حقيقة انتماء نجل الأخير لتنظيم "داعش" الإرهابي وتوليه مهمة قطع رؤوس الصحفيين الأمريكيين وعامل الإغاثة البريطاني، وبخاصة أن المنطق يقول أن عبدالمجيد "العم" بالتأكيد كان يتواصل هاتفياً مع أسرة شقيقه في لندن.
وعلي الرغم من تأكيد عبدالمجيد أنه كان يتواصل هاتفياً مع زوجة شقيقه وأبنائهما الستة، فإنه يقول: كنت أتواصل مع شقيقي وأسرته منذ لحظة خروجه من مصر، وطوال فترة وجوده في لندن بما في ذلك فترة سجنه التي استمرت 13 عاماً، من خلال التنسيق مع جهاز الإنتربول الدولي، مشيراً إلي أن آخر تواصل تم بينهما تم منذ نحو أسبوع حيث يتواجد عادل في نيويورك للمحاكمة.
الاتصالات الهاتفية الأخيرة بحسب عبدالمجيد كان الغرض منها الاطمئنان علي حال شقيقه ومعرفة موعد المحاكمة فقط لا غير، نافياً ما إذا كان شقيقه يعلم بمسألة اتهام نجله عبدالمجيد بقطع الرؤوس في داعش من عدمه، وقال: "لم أفتح معه هذا الموضوع خلال اتصالنا الأخير، خشية ألا يكون علي علم بهذه المسألة، ولم أرد أن أزيد من معاناته".
حين انتصف الليل، كان الحديث بدأ يقترب شيئاً فشيئاً من ابن شقيقه. غادرنا المقهي وتحركنا صوب الشارع الضيق الذي يبتعد لأمتار قليلة عن المقهي. "هذا هو بيت العائلة.. وهنا كان يقيم معنا ابن أخي عبدالمجيد لمدة عامين قبل قيام ثورة يناير" قالها العم عبدالمجيد مشيراً بإصبعه إلي الطابق الرابع "الأخير" في منزل يحتل رقعة صغيرة من الشارع المتلاحمة بناياته وكأنها كتلة واحدة. وهنا بدأ الحديث يتخذ منحي آخر، كاشفاً فيه عن ذكريات قريبة.
يقول عبدالمجيد: أسرة أخي زارت مصر أربع مرات طوال فترة سجنه، كانت المرة الأولي تقريباً عام 2004 والثانية بعدها بعام ثم مرة ثالثة بعدها بعامين، قبل أن يأتي نجل شقيقي عبدالمجيد عام 2009 للإقامة في مصر لمدة عامين، حيث التحق بمدرسة ثانوية في منطقة "مصر الجديدة"، ولم يعجبه الحال وقرر استكمال دراسته في انجلترا وسافر إلي هناك مُجدداً.
ويوضح عبدالمجيد أن أفراد الأسرة جميعاً زاروا مصر باستثناء ابن أخيه "محمد" الذي لم يأت مطلقاً، مشيراً إلي أنه يعمل في لندن بعد تخرجه من كلية هندسة الطيران في بريطانيا، بينما يؤكد أن المرة الأولي التي شاهد فيها ابن أخيه عبدالمجيد خلال الزيارة الأولي للأسرة كان عمره وقتذاك تسع سنوات.
وطوال فترة العامين التي قضاهما ابن شقيقه عبدالمجيد للدراسة في مصر، لم يلحظ العم عبدالمجيد أي سلوكيات تشير إلي أن ابن أخيه متطرف أو حتي لديه ميول دينية حيث يقول: "علي العكس تماماً كان يدخن السجائر ولا يصلي مطلقاً، وطوال بقائه في هذه الشقة الصغيرة المكونة من غرفة واحدة وحمام ومطبخ كان يستمع للموسيقي وكان مغرماً بالراب ميوزيك إلي أقصي درجة"، مضيفاً: حين عاد إلي انجلترا عرفت من والدته أنه أصبح مغني راب وصور العديد من الأغنيات، وكنت أنا وأبنائي نتابع أغنياته علي الإنترنت من خلال موقع "يوتيوب".
الشقة الصغيرة التي عاش فيها الشاب عبدالمجيد عامين لم يعد ممكناً أن توحي بأي دلائل أو إشارات بخصوص ساكنها الذي غادر، فهي الآن تخضع لتشطيبات استعداداً لتأجيرها حسبما قال عمه، لكن الأمر لم يمنع من التقاط بعض الصور لأرجاء المكان، الذي يبدو أنه رغم ضيق مساحته إلا أنه كان مناسباً لهذا الشاب نحيف الجسد قصير القامة، مثلما وصفه عمه.
ويصر العم أن يؤكد علي صفات ابن أخيه الجسدية في محاولة منه للتأكيد علي استحالة أن يكون هذا الشاب الضعيف هو ذاته قوي البنية طويل القامة الذي ظهر في فيديوهات الذبح في سوريا، مضيفاً: "كان خفيف الظل مهرجاً مع المقربين منه، وقد زرته في المدرسة مرتين، ولم يشك أحد من سلوكياته مع مدرسيه أو زملائه".
يتابع: في هذه الشقة لم يكن لديه جهاز تليفزيون، لذا كان يقضي وقت فراغه في متابعة الإنترنت علي الكمبيوتر، وكانت ميوله علمية، وقال لي إنه يتمني أن يصبح طبيباً، وفي مناسبات العائلة كان يشارك في الرقص والغناء.
وعلي الرغم من تحول فتي مدارس الليسيه إسلام يكن من شاب عادي يهوي الموسيقي وممارسة الجيم إلي إرهابي في صفوف تنظيم "داعش"، استبعد العم عبدالمجيد أن يكون ابن أخيه قد هجر هو الآخر حياة الشباب الأوروبي وطوي صفحة عشقه للموسيقي والغناء وتحوَّل في غضون فترة قصيرة لا تتجاوز عامين أو ثلاثة إلي إرهابي يقطع الرؤوس ويجزها ويفاخر بانتمائه لتنظيم إرهابي، معتبراً أن فرضية رغبته في الانتقام من الغرب الذي يحاكم والده وزج به في السجون 13 عاماً غير واردة، قائلاً: "عبدالمجيد لم يكن يهتم كثيراً بزيارة والده حين كان الأخير مسجوناً في لندن، وذلك بسبب انشغاله خلال السنوات الأخيرة بالموسيقي وأغاني الراب، ما يُعزز استحالة تحوله إلي مسار الإرهاب بغية الانتقام لوالده".
إذا لم يكن الشخص الذي ظهر في ثلاثة فيديوهات يقطع فيها رؤوس صحفيين غربيين، هو ذاته الشاب المصري عبدالمجيد عبدالباري، فأين يوجد الأخير الآن؟ وإذا كان مازال متواجداً مع أسرته في لندن فلماذا لم يخرج إلي وسائل الإعلام ليثبت براءته؟ هذه التساؤلات المنطقية وغيرها طرحتها علي عم المتهم، والذي بدوره بادرني بقوله: عبدالمجيد بالفعل غير متواجد مع أسرته في لندن، وهذا ما عرفته من خلال اتصالي بوالدته، لكن سبق أن تغيب عن المنزل عدة مرات وعاد مجدداً، وهذا هو طبع المراهقين في المجتمع الأوروبي الذي ما إن يتجاوز فيه الشاب أو الفتاة سن السادسة عشرة يكون حراً في حياته الخاصة، أعتقد أنه كان يسكن مع شباب لهم نفس ميوله الفنية.
وفي الوقت ذاته يؤكد العم عبدالمجيد أن لا أحد من أسرة أخيه قال له إن ابنهم عبدالمجيد خارج انجلترا، وكذلك لم يتواصل أحد من أبنائي خلال الفترة الأخيرة مع أسرة شقيقي في لندن، حتي أنهم فوجئوا بما نشرته الصحف العالمية عن اتهام عبدالمجيد ولم يصدقوا أنه الشخص ذاته قاطع الرؤوس الذي بدأ الرئيس الأمريكي باراك أوباما يحرك تحالفه العسكري لأجل القبض عليه والقضاء علي تنظيم داعش.. ويفسر العم عبدالمجيد عدم ظهور ابن أخيه لإثبات براءته بأن الأخير ربما يكون قد تعرض للإخفاء القسري، لاستكمال ما سماه "تمثيلية أمريكا" التي صنعت "وهم داعش" لأجل خلق ذريعة لضرب سوريا والعراق والقضاء علي ما تبقي في هاتين الدولتين، علي حد قوله.
وبينما كنت أهم بمغادرة المنطقة، تعرفت علي صاحب المقهي ويدعي فرج أحمد علي (50 عاماً)، والذي تتضح أهميته في هذا السياق من كونه، مقيما في انجلترا منذ 23 عاماً، وحاصلا علي الجنسية البريطانية، حيث يعمل هناك "شيف عموم"، وهو علي علاقة قوية بعائلة عبدالباري، كونه من أبناء المنطقة في شبرا.
يقول فرج: حين سافرت إلي لندن للمرة الأولي عام 1991 زرت أسرة عادل عبدالباري، حيث كان شقيقه قد أرسل له معي بعض الأغراض والملابس، وتكرر هذا الأمر عدة مرات، وذات مرة تعرفت علي عبدالمجيد لكنه كان طفلاً في ذلك الوقت، وبعدها غادرت العاصمة وانقطعت صلتي بلندن باستثناء زيارات قليلة للتسوق أو خلال لقاءات يتم تنظيمها لأبناء الجالية المصرية هناك.
يتابع: صدمني ما سمعته في وسائل الإعلام عن اتهام عبدالمجيد بأنه قاطع رؤوس الصحفيين في سوريا، واعتباره إرهابياً دولياً، خصوصاً أن هذا الشاب كما علمت كان يحب الموسيقي ومولعا بأغاني الراب مثل ابني، وبالتالي كيف لشخص مرهف الحس ويعشق الفن أن يتحول إلي إرهابي قاتل ! أعتقد أن هذه التهمة ملفقة، وأخشي أن يكون هذا هو مصير ابني ذات يوم، مضيفاً: "أعتقد أن هذا الشاب أخذ بذنب أبيه.. الذي لا يعلم أحد مدي صدق التهم الموجهة إليه هو الآخر".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.