هما عائلتان، تقاطعت حياتهما، في لحظة فارقة، كل منهما كان له اختياراته وانحيازاته، واحد انهزم ولم يعترف بالهزيمة. عاند وكابر وأنكر أنه اقترف أي جرائم بشعة ضد بلده وشعبها، والأخري قاومته وثارت عليه ولم تعترف هي الأخري بالهزيمة المؤقتة وما زالت تدافع عن ثورة شعب، وآماله المجروحة وضحت من أجلها بأعز ما تملك، بحرية أولادها. نعم عن عائلة مبارك أتكلم وعن علاء سيف عبدالفتاح وأبيه المناضل، والمدافع عن حقوق ضحايا مبارك بكل فئاته، دون يأس أو خوف في دولة أمنية كانت تستعمل أحط الوسائل لقهر مقاومة رجال أبوا أن يكونوا أغاوات في عهد اللئام.. مبارك اختار أن يكون موظفا بليدا يحكم مصر بسلطة جاءته صدفة، وتعامل معها علي هذا الأساس، موظف قرر أن يستغل وظيفته فيتربح ويفسد ويضحي بمسئولياته من أجل الاستمرار في البقاء بأعلي منصب في سلمه الوظيفي، خان وباع وتواطأ بالمفهوم الشامل للخيانة بتقزيم وإضعاف بلده علي كل المستويات بحيث تصبح مطمعا لكل أفاك.. أما أحمد سيف عبدالفتاح وعائلته حتي أصغر طرف فيها، فقد كان الاختيار الأصح ولكن الأصعب، أن تنحاز لوطنك وأهله وحقوقهم وأن تدفع الثمن من حياتك ومستقبلك وأن تري أولادك يسجنون المرة تلو الأخري ويعذبون، في عهود غمرة المتواطئين ضد ثورة شبابها، فتصبح نموذجا يعطي أملا ومصداقية للذي يريد أن يري قدوة حية يحتذي بها حيث تمتزج الشعارات بالأفعال بمصداقية مفتقدة في زمن البهلوانات، هكذا هي عائلة سيف عبدالفتاح تدفع ثمن الحرية الحقيقي لتلهم وتعطي أملا، لكل المحبطين، في مقابل احتمالية عودة الأوغاد.. في زمن الرداءة، في زمن المسخ، في زمن سيطرة إعلام الفاسدين، وتحكم سطوة المال وقدرته علي شراء التاريخ ذاته، كانت تلك العائلة المحترمة التي ينازع فيها الأب ربما آخر أنفاسه، تقدم قرابينها لمصر، حياة المحامي النبيل وربما حياة ابنه سيف الذي قرر الإضراب عن الطعام، احتجاجا علي سجنه في وقت كان لابد أن يكون إلي جوار أبيه المناضل في أيامه الأخيرة.