رحل فنان مصر الكبير وفنان مؤسسة أخبار اليوم العملاق مصطفي حسين وقد قارب علي الثمانين عاماً قضي حوالي الستين منها يرسم دون توقف.. بدأها كفنان تشكيلي ثم رسام كاريكاتير.. أنهي دراسته الفنية بكلية فنون جميلة القاهرة عام 1959 ليصبح في سنوات قليلة أحد أهم رسامي الكاريكاتير في منطقتنا العربية والأكثر شهرة حتي نسي الكثيرون أنه فنان تشكيلي متميز ورسام بورتريه (الصورة الشخصية) لكنه لم ينس نفسه كتشكيلي ولا ألوانه وفرشاته الذي أخذه منهم طويلاً القلم ذو السن الرفيع الحاد الذي به يُشرح المجتمع ساخراً ويغمس سنه الحاد في قضايا الوطن وهمومه في كاريكاتيره اليومي بجريدة الأخبار. وعاش حياته بين شخصيات من كبار رجال الفكر والفن والصحافة والثقافة والسياسة يرسم بفرشاة ألوانه بورتريهاتهم الواقعية وفي نفس الوقت يرسم بسن قلمه شخصيات كاريكاتيرية من اختراعه وكاتبنا الكبير أحمد رجب.. فكان كالسابح بين عالمين يجمعه في كليهما عشق الفن الذي وهبه حياته كاملة حتي أسلمها لبارئها فجر السبت 16 أغسطس الماضي بعد معاناة مع المرض وعودته من رحلة علاج بأمريكا .. ولا يعرف الكثيرون أن فنان مؤسسة أخبار اليوم الكبير مصطفي حسين - رحمة الله عليه - رسم كبار الشخصيات منهم : مصطفي أمين .. علي أمين ..جمال عبد الناصر .. أنور السادات.. صلاح عبدالصبور.. زكريا الحجاوي.. أدهم وانلي.. بيرم التونسي.. أحمد رامي.. محمد القصبجي.. يوسف فرنسيس.. صاروخان.. طه حسين.. رياض السنباطي.. حسين بيكار.. الفريد فرج.. محمود سعيد.. توفيق الحكيم.. وأم كلثوم.. في لوحات البورتريه الشخصي نراه بعيداً تماماً عن إبراز الروح المرحة داخله ولمن يرسمهم وهو الفنان الساخر الذي يشع حيوية حوله ويضفي البهجة والسخرية اللاذعة كل صباح علي قرائه.. فنري في معالجته لشخوصه وقد غلفهم بحالة من الشجن كأن الواقع الذي ينقله من خلالهم واقع حاد ذو هموم لا بهجة فيه.. ونلاحظ اعتماده في رسم شخوصه ألا يركز علي البورتريه الوجه فقط بل يرسمهم بشكل نصفي مع اهتمامه برسم الذراع والكفين والتي تأتي دائماً كما نري في اللوحات أمامنا في أوضاع استسلامية أو غير حماسية خاصة واليدين والكفين هما طاقة الفعل والإنجاز إلا في لوحة رسام الكاريكاتير صاروخان الذي بدا منهمكاً في الرسم فربما لأنه رسام كاريكاتير مثله يدرك أن قلم الرسم لا يجب أن يُغادر يد الرسام.. كما أنه في معظم معالجته لشخوصه يبعد عين الشخصية عن المواجهة الصريحة والمشاهد فهي تنظر إلي بعيد وقد كسا الوجه بحالة من الشجن الداخلي مستخدماً ألوان هادئة في غالبها اللون الأزرق البارد.. رحم الله الفنان النابغة الذي حمل عشقين داخل صدره لرسام الكاريكاتير الساخر ولرسام البورتريه الشجي.