للوهلة الأولي، لا تستطيع اكتشاف أي أثر غالبية المباني في حي الدرب الأحمر متشابهة من حيث التصميم والإهمال. ثمة ميزة لكل أثر تعلن عن هويته. في شارع السروجية عند ناصية عطفة الليمون وحارة أحمد باشا يكن، يطل عليك ضريح من خلف شباك خشبي، وبنظرة إلي الداخل تجد حالة من الفوضي، كسوة المقام مغطاة بالأتربة، وبجوارها دراجة هوائية وأنبوبة بوتجاز، وعلي الحوائط عُلقت ربطات من الثوم. أشياء تخبرك أن هناك من يعيش في الضريح.. وينتهك حرمته في آن واحد. الجيران والمارة لا يعرفون من يرقد هنا. بائع أواني الفخار القابع بجانبه قال بنبرة تشي بالتخمين: «دا ضريح سيدي عبد القادر الجيلاني». السيدة زينب حسن، البالغة من العمر 68 عاماً، القاطنة في المبني المقابل، أكدت أنهم لا يعرفون أكثر من ذلك عن الضريح.. التخبط في الإجابة أوضح شيئين، أن سكان السروجية لا يمتلكون معلومات صحيحة عن الآثار الإسلامية، وأننا أمام تكية السليمانية التي أنشأها الأمير العثماني سليمان باشا عام 950ه - 1543م، والمعروفة باسم تكية القادرية، نسبة إلي الطريقة القادرية الصوفية، حيث تضم ضريحين لشيخين ينتميان إلي القرن العاشر الهجري، أحدهما للشيخ إبراهيم، والآخر للشيخ عبد الرسول، وذلك وفقاً لموسوعة مدينة القاهرة في ألف عام لعبد الرحمن زكي. الوضع الآن، اختلف تماماً، يقطن في تكية السليمانية المسجلة كأثر إسلامي رقم 225 أسر فقيرة يرّوجون أنهم ورثوها أباً عن جد، وأنهم في الأصل أتراك. الأهالي صدقوا.. والحكومة تركتهم.. ويعيشون الآن حياتهم الطبيعية. الدخول إلي التكية يكاد يكون أسهل شيء. الباب مفتوح علي مصراعيه، سلالم تنقلك إلي مبني مستطيل الشكل يتوسطه صحن مكشوف به شجرة كبيرة تحجب عنهم الشمس، تحيط به غرف من جميع الجهات، عدا الجهة الجنوبية. استقبلتنا امرأة ترتدي عباءة متواضعة، ترمقنا بحذر، تسألنا عن هويتنا، تقاطعنا قبل أن نرد، أن هناك إعلاميا وصفهم بالبلطجية دون أن يكلف نفسه ليري وضعهم علي الحقيقة. قائلة: «ليس صحيحاً أننا موجودون هنا منذ التسعينيات، فقد ولدنا وكبرنا وتزوجنا هنا». في الداخل استقبلتنا سيدة تدعي أم سيف قالت: «نحن من أصول تركية، لكننا لسنا دراويش، ونحن أكثر من أسرة تعيش في التكية وننتمي إلي عائلة واحدة، وعنواننا في البطاقات الشخصية هو التكية (11 شارع السروجية/ الدرب الأحمر)، ولم يعترض أحد من الأهالي علي وجودنا. وبخصوص الضريح، تركت لأبيها الكهل الذي جاء علي غفلة، أن يحكي عن الأولياء، الذي بدأ حديثه: «أنا خليفة الضريح.. أنا منهم». يدعي الشيخ سامي محمد عبد المنعم، الذي يعمل نقاشا، وحاصل علي شهادة من المجلس الأعلي للطرق الصوفية، عام 2001 تفيد أنه متحلي بالكاملات الأخلاقية، وبالآداب الصوفية، مما يؤهله لخدمة ضريح سيدي أحمد بن عبدالرزاق الجيلاني. يضيف الشيخ سامي (95 عاما) الذي فتح باب الضريح لنا وللقطط، أن المدفونين بداخله أحمد وإبراهيم أحفاد عبدالقادر الجيلاني، الإمام الصوفي المغربي. يستكمل الشيخ سامي: «استلمت خدمة الضريح منذ 20 عاماً بعد وفاة عمي، ونحن موجودون في التكية بحكم من المحكمة اطلعنا عليه أثبت أن التكية ملكنا الخاص بطريق الميراث عن الأجداد.