تعذيب النفس صناعة مصرية: نجلد أنفسنا بذكاء ومهارة، نحسد عليها، ونصور لأنفسنا وللآخرين أننا مجتمع سيئ، وفيه كل العبر، وأوجه النقص والقصور، والمثال الأوضح هذه الأيام قضية التحرش، برغم أنها جريمة مدبرة ومفتعلة، أرادوا بها تعكير صفو فرحة المصريين بتنصيب الرئيس، إلا أن الإعلام بمختلف وسائله، المسموع والمرئي والمقروء، بلع الطعم وراح يذرف الدموع علي ماوصلت إليه الأخلاق في مصر، ووصف الأمر علي أنه ظاهرة، وأن مسلسل التحرش بدأ ينتشر في كل مكان، بعد أن أصبح كل شباب مصر ذ من وجهة نظرهم - ذئابا بشرية. رغم أن العنف صناعة أمريكية: إلا أنه عندما شهدت مدرسة كولومباين الثانوية بولاية كولورادو الأمريكية عام 2000 مذبحة راح ضحيتها 12طالبا وقام بها اثنان من تلاميذ المدرسة، لم يتناول الإعلام الأمريكي المجزرة ضمن مسلسل العنف في أمريكا، صوروها علي أنها مجرد حادثة، ونبه المسئولون هناك إلي ضرورة معرفة أسبابها، وأرسلوا الباحثين والخبراء لدراسة أبعاد الحادث، وقال الرئيس الأمريكي وقتئذ بيل كلينتون، إن المجتمع صعق من هذه الحادثة، وأنه شخصيا يشعر بالألم، وفي كثير من المجتمعات من حولنا يحدث ما يحدث في مصر وربما أكثر ومع ذلك تشير وسائل الإعلام هناك إلي أنها مجرد حوادث يجب معاقبة مرتكبيها. صوت العقل مطلوب: فلا نصور أي حادث فردي علي أنه ظاهرة ومسلسل، لتصبح صورتنا أمام العالم وكأن كل أمراض الدنيا فينا، وأن المجتمع المصري باتت تسري فيه كل موبقات الدنيا، العقاب مطلوب لمن يخطئ بل و توقيع أقصي العقاب، والضرب بيد من حديد علي أيدي المخطئين ليكونوا عبرة لغيرهم. آخر كلمة: يا من تهيلون التراب علي رؤوسكم وعلي المجتمع تذكروا أننا دولة تدخل في سباق مع الزمن، و عجلة التنمية تدور للأمام، ولا مجال للتراجع أو التقصير، واعلموا أن مصر بخير، ولو أردنا أو ادعينا بأنفسنا غير ذلك.