لاشك أنك ستعرف إجابة هذا السؤال.. معظم الإجابات ستكون.. سأذهب إلي العمل .. وإذا بادرتك بالسؤال الثاني.. كيف ستذهب إلي العمل، فلا شك أيضا أنك فعلا ستعرف الإجابة.. بالحافلة.. بالسيارة الخاصة أو باستخدام مترو الأنفاق.. هكذا.. أما السؤال الذي لن تعرف إجابته ولن يعرفها أي إنسان آخر يعيش معنا هنا في العاصمة الكبيرة هو متي ستصل إلي ذلك العمل؟ هل يستطيع أي واحد منا أن يعرف متي سوف يصل إلي عمله بالضبط.. لا تستطيع أن تحدد المدة الزمنية التي سوف تستغرقها في الذهاب إلي عملك حتي لو كنت تقوم بهذه الرحلة كل يوم طوال أكثر من عشرين أو ثلاثين عاما!! قياسات الزمن أصبحت تتحطم كل يوم في شوارع القاهرة الدقائق تحولت إلي ساعة أو علي الأقل أجزاء من الساعة.. المسافة التي كنت تقطعها خلال جزء من الساعة أصبحت تستغرق أكثر بكثير من الساعة نفسها.. ما كل هذا الازدحام غير الطبيعي الذي أصبح ظاهرة دائمة صباح كل يوم وكل ساعة من ساعات الليل والنهار.. وما كل هذه السيارات التي أصبحت تملأ شوارع القاهرة وأمست تقف بجانب أرصفتها حين ينام أصحابها.. وما كل تلك الأنواع المختلفة من طرازات السيارات التي تنتظر ضوء النهار لتنطلق تجري دون تفكير في شوارع القاهرة.. يمكنك خلال ساعة زمنية أو أقل أن تري كل الأحجام والطرازات تجري بجانبك.. حافلة كبيرة.. أتوبيس سياحة أكبر.. سيارات نقل ونصف نقل وربع نقل.. باص وميني باص.. أحجام من ناقلات »الناس« تشعر بالرهبة والخوف لو اقتربت منك ومن سيارتك.. ماكل هذا التنوع المنفر في السيارات التي تملأ الشوارع والميادين وكأنها تهرب من شيء يطاردها لو لحق بها لفتك بأصحابها.. ويبدو المشوار الذي يجب أن تقطعه للذهاب إلي مقر عملك وكأنه رحلة من المعاناة في سبيل الوصول إلي مكان »أكل العيش« كما نحب أن نسميه نحن المصريين.. المعاناة في الذهاب إلي مقر العمل والجلوس أمام المكتب لقضاء مصالح المواطنين أصبحت مؤلمة.. تنعكس آثارها علي الموظف القائم بالعمل وبالتالي ينعكس ذلك علي أدائه في العمل ومستوي إجادته له .. القضية أكبر من ازدحام شارع.. بل تعدتها إلي مابعد الانتهاء من الوصول إلي المقر.. وباتت هناك رحلة أخري ربما تكون أكثر إيلاما.. وهي رحلة العودة من مقر العمل إلي المنزل مرة أخري عقب نهاية الدوامة الصباحي. ألا يوجد حل للحفاظ علي ذلك الوقت المهدر دون استفادة.. أعتقد أن التعاون وتفهم وجهات النظر هو السبيل الأوحد لذلك الحل.. ولكن كيف؟.. تلك هي القضية ياسادة.. هل يا تري حلها في اختلاف ساعات وصول الموظفين إلي وظائفهم ثم الخروج من مقار الأعمال.. هل يا تري حلها في إقرار يوم إجازة إضافي في الأسبوع غير يوم الجمعة ويتم تطبيق تلك الإجازة علي كل المصالح والوزارات والهيئات.. هل يا تري حلها في تقليص أعداد السيارات المرخص لها بالسير في العاصمة، ولسوف تتعجب عندما تعلم أن هناك أكثر من ثلاثمائة وثمانين ألف سيارة تم الترخيص لها بالسير العام الماضي فقط! الحل هو تضافر الجهود من كل الوزارات المعنية لإيجاد حل لهذه المشكلة التي أصبحت من أكثر المشاكل إرهاقا للمواطن قبل أن يبدأ يوم عمله.