وافق أمس الثلاثاء مرور أربعة وأربعين عاماً علي مذبحة "مدرسة بحر البقر". واليوم يوافق مرور ستة وستين عاماً علي مذبحة" دير ياسين" والفاعل الصهيوني واحد. فأمس مرت أربعة وأربعون عاماً علي الذكري الأليمة لمذبحة "مدرسة بحر البقر" حين قصفت بعنف طائرات الفانتوم الإسرائيلية في التاسعة والعشرين دقيقة من صباح الأربعاء الثامن من أبريل 1970 "مدرسة بحر البقر الابتدائية المشتركة" بقرية بحر البقر مركز الحسينية بمحافظة الشرقية ليسقط سبعة وسبعون شهيداً وجريحاً من المدنيين وإصابة أربعة من العسكريين.. ويستشهد ثلاثون تلميذاً من أطفالنا الأبرياء داخل فصول دراستهم.. وحينها كتب الشاعر الكبير صلاح جاهين رائعته "الدرس انتهي لمُوا الكراريس" مسجلاً في كلمات تلك المجزرة البشعة في ذاكرة الشعر والضمير العالمي قائلاً: "الدرس انتهي لمُوا الكراريس.. بالدم اللي علي ورقهم سال.. في قصر الأممالمتحدة.. مسابقة لرسوم الأطفال.. إيه رأيك في البقع الحمرا.. يا ضمير العالم يا عزيزي.. دي لطفلة مصرية سمرا.. كانت من أشهر تلاميذي.. دمها راسم زهرة.. راسم راية ثورة.. راسم وجه مؤامرة.. راسم خلق جبارة.. راسم نار.. راسم عار.. وفي مقطع آخر: "إيه رأي رجال الفكر الحر.. في الفكرة دي المنقوشة بالدم.. من طفل فقير مولود في المر.. لكن كان حلو ضحُوك الفم.. دم الطفل الفلاح.. راسم شمس الصباح.. راسم شجرة تفاح.. في جناين الإصلاح.. راسم تمساح.. بألف جناح.. في دنيا مليانة بالأشباح.. لكنها قلبها مرتاح.. وساكتة علي فعل الأباليس.. الدرس انتهي لمُوا الكراريس".. إلي آخر القصيدة.. والمثير أننا لم نجد لوحة لفنان تشكيلي تُسجل بشاعة مذبحة أصابت أطفالا صغارا قنع بها آل صهيون الإسرائيلي أن بقصفهم بطائرات فانتوم أمريكية الصنع لمدرسة ابتدائية للصغار هو من البطولة قتل الأطفال وهو الخزي بعينه وقد تكاملت كل عناصره. أما اليوم فهو يوافق مذبحة أخري بنفس يد الصهيونية القذرة مضت عليها ستة وستون عاماً وهي مجزرة قرية "دير ياسين" الفلسطينية.. حدثت المجزرة في قرية دير ياسين التي تقع غرب القدس في التاسع من أبريل عام 1948 علي يد الجماعتين الصهيونيتين غدراً: "أرجون "و"شتيرن" بعد أسبوعين من توقيع معاهدة سلام طلبها رؤساء المستوطنات اليهودية المجاورة ووافق عليها أهالي قرية دير ياسين.. راح ضحية المذبحة من الأطفال وكبار السن والنساء والشباب ما بين 250 إلي 360 ضحية.. وكانت هذه المذبحة هي الفاتحة للنكبة الفلسطينية وكانت بما سببته من رعب عند الفلسطينيين عاملاً مهماً في الهجرة الفلسطينية إلي بلدان عربية مجاورة كما أنها أشعلت الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948 وكان الشاعر الفلسطيني أول من وثق للمذبحة في قصيدته دير ياسين منها: "وما دير ياسين سوي قُبلة المُني.. وجامعة الأحقاد في خافق العُرب.." ولم يتم توثيق رسم المذبحة فنياً من فنانين أو ثلاث من فلسطين بأسلوب وصفي وأبدع في رسمها الفنان المصري الكبير حسن محمد حسن بأسلوب تعبيري ودرامي عنيف في لوحته الشهيرة "مذبحة دير ياسين". وقد صور مشهدا لكبار سن ونساء وأطفال يقتلون وسط القرية.. وقد فروا من منازلهم التي اُحرقت عليهم ليُذبحوا في شوارع القرية وفي مشهد اللوحة إلي اليمين واليسار نري الأطفال الرُضع وقد سقطوا أرضا من بين أذرع أمهاتهم بعد ذبحهن وطعنهن طعنات مميتة وتذكرنا هذه اللوحة بلوحة الفنان بيتر بول روبنز "مذابح الأبرياء" ولوحة فان هارلم بنفس الاسم التي رسمها للمذابح التي أقامها ملك اليهود"هيرود" في أطفال بيت لحم الفلسطينية بعد سماعه نبوءة مولد السيد المسيح.. كأن الصهاينة يتوارثون دموية استحلال الدم العربي غدراً.