في التاسعة والثلث من صباح الأربعاء 8 أبريل عام 1970، وفى قرية بحر البقر بمركز الحسينية بمحافظة الشرقية، ظهرت عدد من طائرات الفانتوم الأمريكية في الأفق، أعلى مدرسة صغيرة مكونة من دور واحد. اتخذت الطائرات وضع الهجوم المعروف، واقتربت من المدرسة فى تشكيل حربي مدروس، لتطلق 5 قاذفات وصاروخين بشكل مدروس، لتتراجع بعدها وتنسحب من الموقع، تاركة وراءها نحو 30 طفلا، وأكثر من 50 مصابا. لا أحد يعلم ما دار فى أذهان الأطفال الصغار حينها، هل اعتقدوا أن الطائرات مصرية تتجول فى سماء بلادهم، هل كانوا على دراية بأنهم سيقتلون بعد دقائق، أم أنهم لم يتصوروا أن أي شخص أو دولة قادرة على أن تقتل أطفال لمجرد إبراز القوة، وإلقاء الخوف فى قلوب خصومها. ضربت المدرسة –-التي تتكون من طابق واحد فقط يضم ثلاثة فصول تحوي 150 طفلا— عن طريق قصفها بطائرات الفانتوم الأمريكية الصنع، وقد جاء القصف ضمن تصعيد الغارات الإسرائيلية على مصر للقبول بإنهاء حرب الاستنزاف وقبول مبادرة روجرز، وكعادتها أكدت إسرائيل أنها قصفت أهدافا عسكرية وليس مدرسة، لأن القصف جاء متزامنا مع مساع دولية لوقف حرب الاستنزاف. كانت للمذبحة البشعة وقعها على المجتمع الدولي والعربي والمصري، صدمة شديدة، ثم هدوء ونسيان مع توالي المذابح والأزمات. فيما قال إعلام الصهيوني والمسئولين السياسيين في إسرائيل حينها بعد أن ثار المجتمع الدولي على المجزرة، إنه أخطأ في ضرب المدرسة بدون تعمد، وأن المقصود فعليا كانت قواعد عسكرية ومطارات للقوات المسلحة المصرية، وألقت القيادة السياسية الإسرائيلية باللوم على المصريين لأنهم يستخدمون المحافظات النائية في إخفاء قواعدهم العسكرية. المذبحة والدعم الأمريكي أصبحت مذبحة بحر البقر رقما في سجل الجرائم الإرهابية الإسرائيلية، ذلك السجل الذى لم يغلق حتى الآن والذى أصرت إسرائيل من خلاله على ضرب جميع الأعراف والمواثيق الدولية وحقوق الإنسان عرض الحائط. والتى لم تجد من يردعها أو يحاسبها بسبب الدعم الأمريكي غير المحدود لها، حيث استخدم الحليف الأمريكى حق الفيتو ليمنع مجلس الأمن من إدانه تلك الجريمة الإسرائيلية، كما استخدمه فى سيناريو متكرر لحماية اسرائيل من المحاسبة على مئات الجرائم التى اقترفتها. تذكر صحيفة "الوفد" في حديثها عن المجزرة أنه لم يتم الاستفادة من شهادة الجاسوس الإسرائيلي سيد العطري المتهم بمساعدة إسرائيل في تفجير مدرسة بحر البقر، والذى تم الإفراج عنه بعد قرابة 40 عاما بعد أن تم القبض عليه مع شبكة الجاسوسية التي كانت بزعامة محمد إبراهيم كامل الجاسوس الإسرائيلي وشهرته ماريو، والذي عمل لحساب الموساد الإسرائيلي لمدة خمس سنوات في ستينيات القرن الماضي واستطاع أن يضم معه سيد العطري والتي أوقعت بهما ليلي عبد السلام الصحفية المصرية التي عملت لحساب المخابرات العامة المصرية. الدرس انتهى لموا الكراريس قام الشاعر الراحل الكبير صلاح جاهين بالتوثيق لهذه المجزرة فى رائعته الشعرية "الدرس انتهى لموا الكراريس"، ولحنها الموسيقار سيد مكاوى وتغنت بها الفنانة شادية، ويقول مطلعها: الدرس انتهى الدرس انتهى لِمُّوا الكراريس بالدم اللى على ورقهم سال فى قصر الأممالمتحدة مسابقة لرسوم الأطفال ايه رأيك فى البقع الحمرا يا ضمير العالم يا عزيزى دى لطفلة مصرية وسمرا كانت من أشطر تلاميذى دمها راسم زهرة راسم راية ثورة راسم وجه مؤامرة راسم خلق جبارة راسم نار راسم عار ع الصهيونية والاستعمار والدنيا اللى عليهم صابرة وساكتة على فعل الأباليس الدرس انتهى لموا الكراريس .. ايه رأى رجال الفكر الحر فى الفكرادى المنقوشة بالدم من طفل فقير مولود فى المر لكن كان حلو ضحوك الفم دم الطفل الفلاح راسم شمس الصباح راسم شجرة تفاح فى جناين الاصلاح راسم تمساح بألف جناح فى دنيا مليانة بالأشباح لكنها قلبها مرتاح وساكتة على فعل الأباليس الدرس انتهى لموا الكراريس ... ايه رأيك يا شعب يا عربى ايه رأيك يا شعب الأحرار دم الأطفال جايلك يحبى يقول انتقموا من الأشرار ويسيل ع الأوراق يتهجى الأسماء ويطالب الآباء بالثأر للأبناء ويرسم سيف يهد الزيف ويلمع لمعة شمس الصيف فى دنيا فيها النور بقى طيف وساكتة على فعل الأباليس الدرس انتهى لموا الكراريس إعداد : أحمد عبدالحميد