٫ الفريق يضم أكثر من 200لاعب ولاعبة من مختلف الأعمار الكابتن عبد اللطيف عاشور نجح في انتشال الأطفال من مستنقع المخدرات إلي المحافل الدولية الدولة تتجاهل التجربة التي تدار بالجهود الذاتية والتبرعات النقدية في بلادنا أناس تخطوا الصعاب وحققوا معجزات يصعب تكرارها فأحالوا "التراب إلي ذهب"وتحدوا العوائق دون انتظار عائد مادي أو كلمات إطراء واستحسان من المحيطين بهم فيكفي شرفا أن يفتخروا بما حققوه من بطولات، فهاهو "الكابتن عبد اللطيف عاشور"مدرب المصارعة الذي بلغ من العمر أرذله نجح في انتشال أبناء"عزبة أبو قرن"القابعة في بحور المخدرات والبلطجة إلي بر الأمان فأنشأ ناديا لممارسة رياضة المصارعة يدار بالجهود الذاتية وأصبح معملا لتفريخ الأبطال الدوليين الذين يمثلون مصر في البطولات الدولية فيحصدون مراكز متقدمة وسط تجاهل متعمد من بلدهم. للوهلة الأولي عندما تطأ قدمك أرض عزبة أبوقرن هذا الحي العشوائي الموجود بقلب مصر القديمة يسترعي انتباهك تلال القمامة التي تتناثر يمينا ويسارا فتلفت انتباه الحيوانات الضالة التي تملأ طرقات العزبة فتأتي مسرعة ممنية نفسها بوجبة غذاء علها تسد رمقها وتكتم صراخ أمعائها ولم تكن تلك الحيوانات وحدها من تمني نفسها بهذا الحلم فبعض سيدات العزبة يعتمدن هن الأخريات علي تلك الفضلات في إعداد الوجبات لذويهن فالفقر نهش أجسادهن والغلاء عصف بجيوب أزواجهن فما كان عليهن سوي الإقبال علي تجارة المخدرات التي تباع علنا وفي وضح النهار وتشهد رواجا في العزبة فأصبحت قبلة "أصحاب الكيف"الذين يأتون خصيصا لشراء "مزاجهم"دون قلق أو خوف فكبار التجار يمتهنون البلطجة ويحظون بشهرة ذائعة الصيت في عالم الإجرام حماية لهم ومظلة يختبئون تحتها وقد تدور معارك قاسية بينهم وبين رجال الشرطة فيسقط العشرات والعشرات من القتلي لكن دون ارتداع وتستمر تجارة المخدرات المهنة الأولي التي يتوارثها أجيال وأجيال. بداخل صالة المصارعة يجلس الكابتن عبد اللطيف عاشور هذا الرجل الثمانيني الملقب "بشيخ المدربين" الذي كرس حياته كلها لرعاية أبناء بلدته وإخراجهم من مستنقع الظلام المحيط بهم الي عالم المصارعة الرحب دون التفكير في عائد مادي يحصل عليه أو مجد يتربع علي عرشه فتخرج من تحت يديه أبطال وأبطال علي مدار ثمانية وعشرين عاما أفناها في تعليم اللعبة واستطاع أن يحصل علي أكثر من37ميدالية بالبطولات المحلية ووصل لاعبوه إلي البطولات العالمية أكثر من خمس مرات وحصدوا مراكز متقدمة وسط تجاهل الدولة المتعمد ودون استقبال رسمي لهم. ولم يكن أبناء العزبة وحدهم من زرع فيهم حب المصارعة فأبناؤه ورثوا عنه عشقها وأقسموا علي أن يكونوا خير خلف له ويكملوا مشوار حياته، فالكابتن حسام عبد اللطيف تبوأ منصب مدير إداري باتحاد المصارعة. أما أشرف فحصل علي لقب أفضل مدرب عربي في اللعبة ل أربع مرات، ويُشرف الآن علي تدريب منتخب السعودية، أما وليد حسام حفيد الكابتن عبد اللطيف- فهو خريج كلية التربية الرياضية، لم تستهوه الرياضة أبدًا، لكنه فور ممارستها أدمنها وأصبح المعاون الأول لجده في معمله بالعزبة. بمجرد انطلاق صافرة التدريب حتي يقوم اللاعبون بالالتحام مع بعضهم البعض يتصارعون يبذلون جهودا خارقة لإخراج مابداخلهم من قوة كامنة علهم يفوزون بكلمات استحسان وإطراء من مدربهم تعينهم علي التكيف مع "الحياة الضنك"فمعظمهم لم يتعد العشرين عاما.. أغلبهم لم يحظ بقدر كاف من التعليم فتركه ليساعد أسرته الفقيرة ليعمل جامعا للخردة أو القمامة ولكن فور علمهم بنية الكابتن عبد اللطيف في تدريب الشباب حتي سارعوا بالالتحاق بالفريق وأبدوا كفاءة لايضاهيها سوي محترفي اللعبة. يقول عبد اللطيف عن مشواره الحافل: بدأت ممارسة اللعبة منذ أوائل الخمسينات بعد أن وقعت في هواها فور مشاهدتي لمباراة في ساحة السيدة زينب لينضم هو الآخر للفريق ويبدي قدرات لا مثيل لها، أهلته لينضم إلي صفوف النادي الأهلي الذي ضم وقتذاك جيلا من العمالقة تحت قيادة الكابتن "سيد قنديل"الذي كان له الفضل في تخريج قدراتي الكامنة لإحراز المركزي الثالث والخامس في بطولتي العالم عام 63و65وظللت أمارس اللعبة بجانب عملي كموظف في الإصلاح الزراعي حتي اتخذت قرارا بالاعتزال والتفرغ لتدريب أبناء العزبة لتكوين فريق رياضي يشهد له الجميع بالكفاءة. ويصبح في طي النسيان لينضم الي طابور العاطلين أو يتحول الي تاجر مخدرات بحكم بيئته التي يعيش فيها. ويختتم حواره قائلا: وبالرغم من تلك الظروف القاسية إلا أننا استطعنا الحصول علي ثلاث بطولات أفريقية ومثلنا مصر في المحافل الدولية كبطولتي العالم التي أقيمت بتايلاند وبلغاريا ناهيك عن بطولات الجمهورية ولكننا لم نجد استقبالا رسميا في المطار أو حتي تسليط الضوء علي تجربتنا وتخصيص مبالغ لدعمنا وتوفير احتياجاتنا من ملابس وطعام كباقي الفرق الرياضية . أما"عمرو خلف" المساعد الأول للكابتن عبد اللطيف فقال: يعتبر مركز شباب أبو السعود هو المتنفس الوحيد للنشء والشباب من أهالي منطقة أبو قرن المجاورة للمركز والمناطق الأخري وخاصة ممارسة المصارعة بنوعيها الحرة والرومانية ويتم تدريبهم علي مدار الأسبوع ولا يشعرون بأي نوع من أنواع التعب، الهمة والحماسة هما الرفيق طوال فترات التدريب علي الرغم من الظروف القاسية المحيطة بهم فهم يجدون متعتهم في ممارسة المصارعة ليخرجوا مابداخلهم من طاقة أغلبها سلبية تساعدهم في تبوؤ المراكز المتقدمة في البطولات فكل اللاعبين حصلوا علي بطولات محلية أو أفريقية كما تغلبوا علي الفرق العسكرية التي تهتم بالرياضات القتالية اهتماما كبيرا وعلي رأسها المصارعة ولكن دون تكريم أو صرف مكافأة مادية لهم تعينهم علي شظف الحياة وتشجعهم علي مواصلة هذا التفوق فاللاعب عند حصوله علي بطولة أفريقية لايصرف له أي مكافأة مادية حتي ولو كانت رمزية فنقيم نحن احتفالا خاصا به ونصرف له مكافأة بسيطة نجمعها من تبرعات أهل الخير. ويضيف خلف: وبالرغم من رحلة عطاء الكابتن عبد اللطيف إلا أن وزارة الشباب لم تهتم بتكريمه يوما من الأيام أو تعميم تجربته بجميع مراكز شباب المحافظات أو المناطق العشوائية لتكون نبراسا لها حتي يتم إصلاح حال تلك الأماكن التي تتسم بالخطورة وأقرب لكونها مصنعا لإنتاج المجرمين والبلطجية فاكتفي اتحاد المصارعة برئاسة الكابتن حسن حداد بتكريمه وتنصيبه رئيسا للجنة المدربين ... وبعد أن أنهينا حديثنا مع"شيخ المدربين"توجهنا الي أحد أشهر لاعبي الفريق وهو "أدهم أحمد صالح".. شاب أتم عامه التاسع عشر بالكاد طالبا بالثانوية الفنية بالعزبة يتمتع بقوام رياضي وجسد ممشوق، يحاول التخلص من همومه وآلامه الثقيلة بإلقاء نكتة أو دعابة علها تنسيه مايحيط به من متاعب فقد توفي والده وهو في الرابعة من عمره وترك لوالدته تركة ثقيلة من ستة أبناء وفقر مدقع فما كان عليها إلا أن تخرج ولديها الكبيرين من المدرسة ليساعداها في مواجهة الحياة القاسية أما ولدها الأوسط "أدهم"فقد التحق بالمدرسة واشتهر بقوته وخشونته مع أقرانه وفي إحدي زيارات الكابتن عبداللطيف لمدرسته وقع اختياره عليه ليلحقه بفريق الناشئين ولم تعارض الأم فسوف يوفر بعض الجنيهات التي في أشد الحاجة إليها وبمجرد التحاقه بالفريق حتي لفت الانتباه واستطاع الفوز ببطولة الجمهورية تحت العاشرة واستمر في السير علي هذا الدرب حتي حصل علي بطولة أفريقيا عام 2009وشارك ببطولتي العالم اللتين أقيمتا بتايلاند وبلغاريا وحصد المركز الثامن والثاني عشر مما أهله للانضمام لصفوف فريق اتحاد الشرطة الرياضي... يقول أدهم: يعتبر الكابتن عبد اللطيف الأب الروحي لكل أبناء المركز فقد استطاع تكوين فريق رياضي يطمح الكثير من الأندية في إعداد مثله وقد غامر بوقته وأمواله في سبيل ذلك دون أن ينتظر دعما رسميا أو مكافأة تشجعه علي مواصلة الخطي وقد نجح في ذلك نجاحا كبيرا واستطعنا الحصول علي أكثر من 37ميدالية وثلاث بطولات أفريقية ونستعد للمشاركة في بطولة العالم التي ستقام بألمانيا أواخر العام الحالي . وعن تجربته يقول: تمثل العزبة إحدي أخطر المناطق العشوائية بالمحروسة فتجارة المخدرات والسلاح تباع"عيني عينك"والكارثة أن الأطفال ينضمون هم الآخرون لتلك التجارة المحرمة فكان المركز هو المنقذ الوحيد لنا حتي لا نتسلل وننضم لطابور التجار أو الديلرات فنقضي اليوم كله بالمركز لممارسة معشوقتنا "المصارعة"وكرة القدم ومشاهدة التلفاز وغيرها من الأنشطة وقد أهلني تفوقي في الرياضة للانضمام لصفوف نادي اتحاد الشرطة ولكن براتب ضئيل لايكفي احتياجاتي وفي بعض الشهور لا أتقاضاه مما جعلني أشتري "طاولتي بلياردو"لأسترزق منهما للإنفاق علي احتياجاتي.