سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الخبير المصرفي الدكتور حافظ الغندور.. وحوار حول الدور الحيوي للبنوك في إنعاش الاقتصاد : مبادرات للبنوك في تدبير النقد الأجنبي لفتح الاعتمادات للأغراض المختلفة
للبنوك دور مهم فى تعبئة المدخرات وتوظيفها فى مشروعات التنمية بعد إقرار الدستور تبدأ مرحلة جديدة لبناء دولة حديثة عصرية، يتحقق فيها الاستقرار السياسي، والتقدم الاقتصادي والاجتماعي، من خلال إعطاء قوة دفع للاقتصاد المصري، للانطلاق وتحقيق التنمية.. وهناك دور مهم للبنوك في هذه الانطلاقة الجديدة، في تعبئة المدخرات وتوظيفها في المشاريع الإنتاجية التي توسع القاعدة الإنتاجية وتوفر المزيد من فرص العمل. حول الدور المهم للبنوك في المرحلة القادمة، تحدث الخبير المصرفي الدكتور حافظ الغندور عضو مجلس إدارة البنك الأهلي السابق والمحاضر في العديد من الجامعات المصرية، وتناول الأوضاع الراهنة في الجهاز المصرفي والدور المنوط به في المرحلة القادمة. وكان هذا الحوار.. في البداية ما هو الوضع الراهن للبنوك المصرية، وكيف يمكن أن تقوم بالدور المهم في إنعاش وتنمية الاقتصاد المصري في المرحلة القادمة؟ - لو تحدثنا عن البنوك، رغم أنها متغير تابع للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، أيضا هي لها تأثير في هذه الأوضاع، ولكن حين نتكلم مثلا في الوضع السياسي الذي نحن فيه ومستمر منذ ثلاث سنوات، لاشك أثر علي البنوك، فعدم الاستقرار السياسي جعل هناك تراجعا في الاستثمار، وهذا أدي إلي تراجع فرص عمل البنوك، أيضا طوال الثلاث سنوات الماضية السياحة متوقفة تقريبا، وهذا أدي إلي تأثير حاد جدا في موارد النقد الأجنبي بالبنوك، وبالتالي أدت إلي تأخر فتح الاعتمادات وهذا أدي إلي تباطؤ المصانع في تدبير الخامات المطلوبة للمنتج النهائي في هذه المصانع، وهذا يعني أن الأوضاع السياسية والاقتصادية، والاجتماعية تؤثر تأثيرا بالغا في إزدهار ونمو وأداء البنوك.. كلنا فاكرين أيام الكساد الاقتصادي وأيام الاعتصامات وأيام المظاهرات، العديد من الفروع بالبنوك أغلقت للعديد من الأيام. يعني كل البنوك التي كانت بميدان التحرير شبة مغلقة.. مع كل تظاهرة تحدث تضطر البنوك أن تغلق أبوابها، وكل هذا يؤثر سلبا علي أنشطة البنوك. والعكس حين يحدث استقرار سياسي يتبعه انتعاش اقتصادي، يتبعه أداء جيد للبنوك، ويمكن البنوك أن تقوم بدور فاعل في خدمة الاقتصاد القومي.. هذا فيما يتعلق بأثر الظروف العامة علي البنوك. بالإضافة إلي ذلك أيضا أن البنك لكي يعمل معدلات نمو كبيرة، لابد أن المناخ العام يساعده، لو هناك مصانع فيها مطالبات فئوية، فيها إضرابات فيها أماكن غير آمنة، هذا بالتأكيد سينعكس علي أداء البنوك. وإذا تناولنا دور البنوك في المرحلة الراهنة، هناك دور للبنوك للتغلب علي هذه الظروف الاقتصادية الصعبة من خلال المبادرات.. فعلي الرغم من تراجع موارد السوق الحرة من النقد الأجنبي، تسعي البنوك إلي العديد من الأساليب للتغلب علي هذا النقض، وتحاول تدبير موارد لفتح الاعتمادات سواء للسلع الاستراتيجية أو الخامات.. والبنك المركزي يلعب دورا مهما من خلال إعلانه عن المزادات للعملة الأجنبية لتلبية الاحتياجات للبنوك لفتح الاعتمادات.. وفي مجال الائتمان، خلال الظروف الاقتصادية الصعبة التي ينعكس تأثيرها علي الشركات، حيث تعاني المصانع المتعثرة لأسباب عديدة من تدبير الموارد مما يؤدي إلي تأخر تدفق الخامات.. وهنا دور مهم للبنوك، حيث تقوم بإعادة التفاوض مع العملاء، وجدولة الديون، وأحيانا وقف الفوائد طوال فترة التعثر، مثل الشركات السياحية، حيث صدر لها قرار من معطم البنوك بمنح فترة سماح بموضوع أسعار الفائدة. صلاحيات إدارة البنك هل من حق إدارة البنك اتخاذ قرارات تساند العملاء المتعثرين.. وماهي الصلاحيات التي تستند لها إدارة البنك في ذلك؟ - مجلس إدارة البنك له كل الصلاحيات في إدارة أعمال البنك، وهذا منذ القانون رقم 120، ثم زاد تدعيمها في قانون الجهاز المصرفي والبنك المركزي رقم 88 لسنة 2003، لمنح الصلاحية لمجلس إدارة البنوك.. كما أن هناك ضمانة مهمة كفلها القانون لمتخذ القرار بالبنك، فالوقائع المصرفية لايتم اتخاذ الإجراءات القانونية فيها إلا من خلال البنك المركزي، الذي يقيم القرارات والظروف والملابسات حولها، وهذه ضمانة لأنها تكفل مراجعة الرقيب الفني المحترف في فحص هذه الوقائع، وتحديد إذا كانت تحتاج إلي الإحالة من عدمه، فتحريك الدعوي منوط بالبنك المركزي. تجربة طلعت حرب هناك تجربة رائدة قام بها الاقتصادي المصري طلعت حرب في بنك مصر.. كيف يمكن استلهام تلك التجربة في الظروف الراهنة؟ - تجربة طلعت حرب بدأت عام 1920، وهناك ملمحان رئيسيان، الأول أن بنك مصر يعتبر أول بنك بمساهمة مصرية خالصة، في الوقت الذي كانت فيه جميع البنوك العاملة في مصر، بنوكا أجنبية، فكان بحق البنك الوطني الوحيد، ولكي نفهم ذلك، كان البنك الوحيد الذي يديره مصريون بسياسات مصرية وطنية، حيث لم تكن تخضع لسياسات الشريك الأجنبي مالك البنك الذي يعمل في مصر. الملمح الثاني والمهم جدا أن تجربة طلعت حرب كانت سابقة لوقتها للعديد من السنين، إذ قام بتطبيق ما عرفناه مؤخرا بمسمي البنوك الشاملة، حيث بدأ بنك مصر بإنشاء الشركات المساهمة المصرية في جميع المجالات، في مجال الصناعة، فهناك شركات الغزل والنسيج ومصر للتأمين، وحتي في مجال الفن فهناك ستوديو مصر، ومصر للإنتاج السينمائي، ومصر للطيران.. فقد أنشأ العديد من الشركات التي ساهمت في وضع قاعدة إنتاجية وطنية من الشركات المصرية المنتجة، التي لاشك ساهمت بفاعلية في تطوير وتنمية الاقتصاد المصري، واستمر بنك مصر في ذلك، وإن كان لم يستمر بذات القوة، إلي أن بدأ البنك الأهلي مع بداية الانفتاح الاقتصادي، في تفعيل هذه التجربة بدفعات قوية، حيث كان قد ظهرت نظرية البنوك الشاملة، وتبلورت مفرداتها، فبدأ البنك الأهلي في التوسع في عمليات الوكالة في تأسيس الشركات نيابة عن مساهميها والترويج لاكتتاب باقي رؤوس أموالها، بل قام بالعديد من المساهمات لبث الثقة لدي المستثمرين، للإقبال علي الاكتتاب في هذه الشركات التي تم مراعاة أن تكون منتجة ومفيدة للاقتصاد القومي.. وبالتالي تم إحياء ذات تجربة طلعت حرب من العشرينات إلي السبعينات.. واستمرت هذه السياسات حتي التسعينات ثم تراجعت هذه السياسات لأسباب عديدة.. وقد يكون من المناسب عودة هذه السياسات مرة أخري للبنوك لاسيما في ظل مالحق بالقطاع العام من تراجع نتيجة عدم ضخ استثمارات جديدة فيه، وما لحق بالقطاع الخاص من تراجع، نتيجة للظروف العامة التي مر بها خلال الثلاث سنوات الماضية، ويبقي علي البنوك دور كبير في إحياء تجربة بنك مصر، والأخذ بنظرية البنوك الشاملة، للمساهمة بفاعلية في تعافي الاقتصاد المصري، من خلال بث الثقة في المستثمرين المصريين قبل الأجانب. للدخول في تأسيس شركات ذات جدوي تخدم المجالات الاقتصادية المختلفة لمصر. الحالة الثورية الراهنة كيف يمكن استثمار الحالة الثورية في جذب اهتمام المواطنين للمساهمة في إنشاء الشركات المنتجة وكيف يمكن للبنوك خاصة البنوك العامة القيام بذلك الدور؟ - الحالة الثورية لابد أن نستخلص منها أمرين، الأول إحياء روح الانتماء والوطنية، فالبنوك إذا دعت إلي اكتتاب عام لمشروع ذي جدوي اقتصادية، يلقي استجابة أكبر مقارنة بما كان يحدث قبل الثورة.. والثاني ما يتعلق باهتمامات الناس بعد الثورة، فتحقيق العدالة الاجتماعية يساعد في الانتعاش الاقتصادي، وهذا يعطي الفرصة للبنوك للقيام بدورها، بما يحقق الانتعاش الاقتصادي ومزيد من التنمية وبالتالي تنمية العمل المصرفي، إلي جانب ذلك تطبيق شعار الثورة بالقضاء علي الفساد، وهذا يؤدي إلي خدمة الانتعاش الاقتصادي بشكل مباشر، وبالتالي الانتعاش المصرفي، فانتعاشهما يرتبط ارتباطا وثيقا بتراجع الفساد بكافة أشكاله. اتجهت معظم البنوك إلي توظيف الجانب الأكبر من المدخرات في أذون الخزانة.. كيف يمكن الحد من هذا الأمر وتوجيه المدخرات للقطاعات الإنتاجية..؟ - خلال السنوات الماضية، من خلال متابعة ميزانيات البنوك، نجد أن معظمها استخدم الجانب الأكبر من مواردها في الاستثمار في أذون الخزانة، وهذا لايتفق مع الأعراف المصرفية السلمية، ولا حتي مع نص القانون 88 لسنة 2003 الذي نص علي تعبئة المدخرات وتوظيفها في تسهيلات ائتمانية واستثمارات، فالأصل من الناحية المصرفية، أن يكون الجانب الأكبر من استخداماتها لمواردها، ينصرف إلي التسهيلات الائتمانية المنتجة، ونركز علي المنتجة لأن هناك أيضا دعاية كبيرة للتسهيلات الاستهلاكية التي نري أهم ملامحها في تسهيلات السيارات، التي لاشك تتجه لدعم الاقتصادات الأجنبية المنتجة لهذه السيارات وتضغط علي العملة الأجنبية، إلي جانب أنها تؤدي إلي ازدحام الشوارع واستهلاك الوقود وبالتالي زيادة الدعم الذي تتحمله الدولة. بينما المطلوب هو الاتجاه إلي التسهيلات الائتمانية التي تشجيع المنتجات التي تمثل قيمة مضافة للاقتصاد القومي لتوفير المزيد من فرص العمل للشباب. واختتم الدكتور حافظ الغندور حديثه ل »آخر ساعة« وقال أن الجهاز المصرفي المصري قوي، ويعد من أقوي المؤسسات الموجودة في مصر، ويتمتع بالمرونة والقدرة علي مواجهة الأزمات وتخطيها حيث مر بالعديد من المتغيرات والأزمات المحلية والخارجية وتتوافر فيه كوادر مصرفية مؤهلة ومدربة تستطيع تطويره والنهوض به لتقوم البنك بدورها المهم في إنعاش وتنمية الاقتصاد المصري في المرحلة المقبلة.