الوقت يمر وخارطة الطريق يتم تنفيذها بحذافيرها رغم الصعوبات، والدستور سوف يتم الموافقة عليه بإذن الله بأغلبية كبيرة، ومن بعده سنختار الرئيس والبرلمان، بقي أن يقوم المصريون بما هو أهم، أن يقضوا علي حالة الانفصام التي يعانون منها أحيانا، فالمصريون لديهم القدرة علي أن يفعلوا الشيء ونقيضه، يفجرون ثورة تذهل العالم، وفي نفس الوقت يهيلون علي مافعلوا التراب بإضرابات فئوية ومظاهرات تشوبها أعمال عنف وتخريب، وإلقاء القمامة في كل مكان، حتي النيل شريان الحياة يرمون فيه النفايات ويشوّهون صورته، المطلوب الآن أن يستشعر المصريون، أن بلدهم عريق يمتلك كل وسائل مواجهة تحديات العصر الحديث، يمتلك الخبراء علي أعلي مستوي، في كل مجال يخطر علي البال، ويمتلك الطاقات الإنتاجية اللازمة، سواء كانت بشرية أم طبيعية، لقد استغلت مصر هذه الإمكانيات في عصر محمد علي، حين أقامت في قليل من السنين، صناعات وطنية أساسية، وقوة عسكرية ضخمة، ودقت أبواب القسطنطينية، وفي عصر ثورة يوليو، حين تمكنت بين حربي 65 و 76 من إقامة قاعدة صناعية، لم تتمكن منها أي دولة من دول العالم الثالث، ولكن مصر دولة مستهدفة، فقيام دولة قوية في هذا الموقع الفريد يغير كل موازين القوي، ولذلك ففي المرتين، اللتين تعدان علامة التحول في حياة مصر، تحالفت عليها الدنيا، لترغمها علي العودة إلي داخل حدودها، فتقدم مصر الحضاري يجر وراءه تلقائيا العالم العربي، دون خطة ولا برنامج، والحضارة ليست هي ناطحات السحاب والسيارات المكيفة، أوالتكنولوجيا والقيم الأوربية بوجه عام، الحضارة مجموعة قيم ونظم تسود المجتمع، قيم العمل والإبداع والتفوق، ونظم تيسر لهذه القيم مجالات الانطلاق، وبالتالي علينا ألا نسمح بعودة ما كان يحدث قبل ثورتي 52 يناير، و03 يونيو، من تسلط فردي، وانعدام تكافؤ الفرص، والشللية والمحسوبية والاعتبارات الشخصية، وهي أمور للأسف عملت علي وضع عقبات ومعوقات، عاني منها المجتمع وهو ما دعا المصريين للقيام بهاتين الثورتين في أقل من عامين، للقضاء علي الأوضاع المتردية التي خلقها مناخ الاستبداد والفساد.