إنها الحرب والسؤال : هل يمكن وقف ما يحدث في جنوب السودان.. قبل اندلاع أول حرب أهلية في أحدث بلد مستقل في العالم؟ والإجابة: إن كل المؤشرات رغم محاولات التهدئة والوساطة العربية والإقليمية والدولية.. فإن الوضع يتجه لحرب أهلية. وتفتيت الدولة الوليدة في الجنوب.. وأن كل هذه المحاولات والجهود ومنها جهود الأمين العام للأمم المتحدة والمنظمة الأفريقية.. لن تجدي أي نفع.. في بلد مازال يحبو خطواته الأولي نحو بناء الدولة وترسيخ مفاهيمها وعلي رأسها بناء المؤسسات الديمقراطية.. والعامة حتي، وهي اللازمة لأي دولة. والأسباب لذلك عديدة.. فهناك من يقول إن القيادة الحالية لجنوب السودان بقيادة سيلفا كير.. هي قيادة ضعيفة هشة.. ورغم ذلك فإن كل السلطات تتمركز بين يديه أو بين أيادي المقربين له من السياسيين أو أبناء قبيلته.. أو القبائل المتحالفة معه. يضاف لذلك سبب ثان.. وهو تدهور العلاقات بين سيلفا كير ونائبه المعزول منذ شهور قليلة »رياك مشار«.. وهو ما أظهر خلافهما المستتر منذ استقلال البلاد.. إلي خلاف علني له أبعاده القبلية والعرقية في بلد مازالت هذه العوامل تشكل ركنا أساسيا في تركيبته السكانية والدينية وبالتالي في التركيبة السياسية. سبب ثالث لما يحدث في جنوب السودان.. وهو أن الغرب وأمريكا بالذات مازال ينظر لهذه الدولة الوليدة وقادتها علي أنهم وأنها مجرد جيش وعملاء تابعين لجيش آخر من المدربين والخبراء الأمريكيين والغربيين.. وهو ما يفسر مصرع عدد من الخبراء الأمريكيين خلال الصراع الدائر الآن بين كير ونائبه مشار. وهو ما يؤكد أن الجنوب قبل قيام الدولة كان مجرد عدة قبائل متناحرة وبعضها يعلن ولاءه للشمال وبعضها معارض لكير نفسه ولكن بدوافع قبلية وعرقية وهي عوامل أدت لعدم وجود دولة بمعني الدولة حتي الآن.. بالإضافة إلي أن الدولة قامت بعد مساعدات غربية بهدف إضعاف دولة الشمال. سبب رابع.. لمايحدث في الجنوب.. وهو أن القادة هناك عندما أقاموا الدولة أو فكروا في إقامتها.. لم يفكروا ولو للحظة في إقامة دولة علي أسس ديمقراطية وليدة.. بل دولة والسلام.. ثم يبحثون بعد ذلك في خطوات قيام الدولة.. وهو ما أدي إلي افتقار الدولة الوليدة لأي معني للدولة.. فلا بنية أساسية قوية بها.. ويعاني معظم مدنها وحتي الرئيسية منها من تدني الخدمات وتدهور الصرف الصحي والطرق وعدم توافر مياه الشرب النقية وانقطاع الكهرباء المستمر. ويضاف لذلك.. الأزمة شبه المستمرة لتوقف صادرات النفط من الجنوب.. عن طريق موانيء دولة الشمال. وهو ما أدي لفقدان الدولة لجزء كبير من مواردها السنوية الأساسية من العملة الصعبة. سبب خامس.. وهو أن الجهود المبذولة حتي الآن.. لنزع فتيل الحرب الأهلية في جنوب السودان.. مازالت غير جدية ولا واقعية رغم تعددها.. فهناك جهود لأمريكا والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية.. وبعض الوساطات الأفريقية لعدد من القادة الذين توافدوا علي جوبا العاصمة.. والتقي بعضهم بسيلفا كير وبنائبه المعزول مشار.. ولم تسفر جهودهم عن أي شيء ملموس حتي الآن. وهناك جهود لمنظمة دول الإيجاد وهي منظمة أفريقية إقليمية.. في كينيا لحل الأزمة وبمساع كينية أثيوبية.. وبحضور عدد من الزعماء.. ولقاءات مع طرفي النزاع في جنوب السودان. وهناك.. جهود الأممالمتحدة ممثلة في مجلس الأمن وبوساطة أمريكية.. لتعزيز تواجد القوة الممثلة لها في الجنوب.. بعد انتهاء الصراع مع الشمال.. وتأسيس الدولة.. وهي القوة التي من أبرز مهامها: حفظ الأمن والسلام في جنوب السودان. يبقي.. موقف الطرفين في النزاع.. وهما: الرئيس سيلفا كير الذي أكد استعداده لبدء مباحثات مباشرة مع غريمه مشار.. وبدون أي شروط مسبقة. وهي الشروط التي يضعها مشار لوقف فتيل الحرب الأهلية بالجنوب.