اتهم جيش جنوب السودان، اليوم، رياك مشار نائب الرئيس السابق بتجنيد شبابا للانتشار المسلح في تخوم "بور" عاصمة ولاية "جونقلي" شرق البلاد، وهو ما يقلل فرص وقف إطلاق النار هناك. وقال الناطق باسم الجيش فيليب أغير، إنه وقعت أمس مواجهات على بعد 25 ميلا شمال "بور"، التى يخشى سكانها هجوما في أي لحظة. وأضاف "أغير" أن "قوات مشار تواصل تقدمها باتجاه بور، لكننا واثقون من قدرتنا على صدهم لحماية المدينة". كما أكد المتحدث باسم الحكومة في جنوب السودان مايكل ماكوى، أمس، أن زعماء قبائل النوير تمكنوا من إقناع معظم الشباب التابعين ل"مشار" بالعودة إلى ديارهم، متنبئا بهدوء الأوضاع، إلا فى حالة حدوث تعبئة جديدة. وتتهم "جوبا" منذ السبت الماضي "مشار" بحشد 25 ألف شاب من قبائل النوير من عناصر ميليشيات الجيش الأبيض، المعروف بوحشيته، في الوقت الذي تتعثر فيه الوساطات الهادفة إلى منع الوقوع في حرب أهلية. ويعيد ذكر اسم الجيش الأبيض، الذي يطلق على هذه المجموعات المسلحة، إلى الأذهان سنوات الرعب والمجازر التي وقعت في جنوب السودان، حيث قاتلت هذه المجموعات إلى جانب "مشار" في التسعينات خلال الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب قبل استقلال جنوب السودان فى يوليو 2011. وفي نهاية عام 2011 ومطلع عام 2012، واجهت هذه المجموعات في "جونقلي" قبيلة أخرى هي قبيلة المورلي، ما أدى إلى معارك دامية، بسبب خلافات حول سرقة ماشية. ولم ينف موسى رواي، المتحدث باسم المتمردين، من جهته وجود قوات معادية للحكومة في الولاية، لكنه أكد أنهم ليسوا من أبناء قبيلة النوير يحشدهم "مشار"، وإنما جنود في الجيش قرروا طوعا حمل السلاح ضد الحكومة. وكان جوزف كونتريراس، المتحدث باسم قوة الأممالمتحدة في جنوب السودان، أعرب أمس عن قلق الأممالمتحدة إزاء المعلومات التي تفيد بأن عددا كبيرا من الشبان المسلحين، يتقدمون على الأرجح نحو مدينة بور عاصمة ولاية "جونقلي"، متوقعا أن يشنوا هجوما في أي وقت. ويشهد جنوب السودان معارك عنيفة منذ 15 ديسمبر الحالي بين أنصار الرئيس سلفاكير، الذى يتهم النائب السابق مشار بمحاولة الانقلاب عليه، فيما يقول الأخير إنه يسعى لإقصاء خصومه. وتمكن أنصار "مشار" من السيطرة خلال أيام على "بنتيو"، عاصمة ولاية الوحدة النفطية في الشمال وعلى "بور"، قبل أن يستعيدها جيش كير الثلاثاء الماضي. وتأتي هذه الاتهامات في وقت، ناشد قادة الدول الأعضاء بمنظمة (إيجاد)، التي تضم بلدان القرن الإفريقي وشرق إفريقيا الجمعة الماضية كير ومشار التحاور، ووقف القتال قبل بداية العام الجديد. ووافق الرئيس "كير" وخصمه "مشار" على المبدأ إلا أنهما لم يحددا موعدا للتفاوض، الأمر الذي أدى فيما بعد إلى تعثر الوساطة التي قامت بها (إيجاد). وتقوم إثيوبيا بدور وساطة لوقف القتال في جنوب السودان، الذي يطالب فيه "مشار" برحيل كير عن السلطة كشرط لوقف إطلاق النار، وإطلاق سراح معتقلين من أنصاره وحلفائه لدى فريق كير. وأعلن "ماكوي" فيما قبل أن الحكومة لن تفرج سوى عن ثمانية من المعتقلين ال11، مشترطة إعلان مشار موافقته على وقف إطلاق النار وبدء المفاوضات بين الطرفين. ومن أسباب النزاع في هذه الدولة الفتية التي استقلت عن السودان في يوليو 2011، عداوة قديمة بين قبيلة الدينكا التي ينتمي إليها كير، وقبيلة النوير التي ينحدر منها مشار، لكنه يتضمن أيضا بعدا سياسيا. وتمت منذ عدة أيام خلال النزاع بين الطرفين، أعمال عنف واغتيالات، وعمليات اغتصاب ومجازر ذات طابع قبلي. وحذرت الأممالمتحدة من جانبها من أن التوتر مازال مستمرا على درجة كبيرة من الخطورة، على الرغم من الجهود لمنع انزلاق أكبر للبلاد إلى حرب أهلية في النزاع الذي أودى بحياة اكثر من 100 شخص، كما تقول الأممالمتحدة. وأقر مجلس الأمن الدولي في 24 ديسمبر الجاري بالإجماع، قرارا يحدد السقف المسموح به لعدد العسكريين من قوات حفظ السلام الدولية التي تتوجه لجنوب السودان ب12500 عنصر.