فجر أمس الأول، وبينما كنا جميعا ننعم بالنوم والسكينة داخل منازلنا نحتضن أبناءنا كانت تجري هناك بمنطقة النزهة وبالتحديد في شارع طه حسين مطاردة مثيرة، حيث بدد رصاص القتلة سكون الليل.. كان النقيب ماجد عبدالرازق معاون مباحث قسم شرطة النزهة والقوة المرافقة يتفقدون الحالة الأمنية، وتلاحظ لهم توقف سيارة سوداء يستقلها 4 أشخاص مجهولين تحمل لوحات معدنية بيضاء ”مدونة بخط اليد”.. وأثناء توجههم لاستبيان الأمر وفحصهم بادر قائد السيارة بالترجل منها وإطلاق أعيرة نارية تجاههم من بندقية آلية كانت بحوزته، مما أسفر عن استشهاد النقيب ماجد عبدالرازق معاون مباحث قسم النزهة وسائق السيارة وإصابة اثنين من أمناء الشرطة.. استيقظنا على هذا النبأ الحزين، وبدأت صفحات التواصل الاجتماعي تحكي قصص البطولة والفداء عن الضابط الشهيد..كلمات حملها الفضاء الإلكتروني إلينا تحمل حباً كبيراً له من كل من عرفه أو تعامل معه.. ” شهيد يسلم شهيد“ هي دي الحكاية، خاصة إذا علمنا أن زوجة الشهيد ماجد عبدالرازق هي ابنة الشهيد العميد وائل طاحون، الذي اغتالته يد الإرهاب الأسود أسفل منزله بمنطقة الزيتون منذ 5 سنوات، في القضية التي قضت محكمة أمن الدولة العليا منذ أيام قليلة على قتلته بالإعدام شنقاً.. تأثرت جداً عندما قرأت أن الشهيد رزقه الله منذ ثمانية أيام فقط بمولودة اسماها ليلى، وأنه كان يدعو أصدقاءه لحضور عقيقتها بعد أيام قليلة، لكن الأقدار لم تمهله ونال شهادة بالتأكيد هو يستحقها ليكون مع الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون. شعرت كم كان هذا الضابط الذي لا أعرفه عظيماً وأنا أقرأ الدعاء الذي كتبه على صفحته الشخصية على “فيس بوك“ وقال فيه »رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ.. وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين«. وشيعت وزارة الداخلية الشهيد، في جنازة عسكرية مهيبة تقدمها اللواء محمود توفيق وزير الداخلية وقيادات وضباط وزارة الداخلية، وأثناء تقديم وزير الداخلية واجب العزاء لأسرة الضابط الشهيد، فوجئ بمولودته “ليلى“ بين أحضان جدتها تصرخ صرخات مكتومة.. نظر وزير الداخلية إلى المولودة ليلى طويلا.. نظرات أب ومسؤول ذات مغذى ومعنى وربما يكون قد حبس دموع عينيه.. شعرت أن الوزير يعاهد المولودة أن يثأر لها من قتلة أبيها هؤلاء الجبناء الذين حرموها منه إلى الأبد. رحم الله الشهيد ماجد عبدالرازق، وكل شهدائنا الأبطال الذين ضحوا بحياتهم فداءً للوطن.