40 مليار جنيه حصيلة ضرائب الموظفين سواء كانوا في الحكومة أو أية جهة وهيئة تقع تحت مظلتها، في المقابل كانت حصيلة ضرائب المهن الحرة 3.6 مليار من الجنيهات. هذه الارقام كما أكد لي زميلي النابه احمد زكريا مندوب الاخبار في وزارة المالمية ما هي الا حلقة في سلسلة التناقض الكبير بين مايتم تحصيله من ضرائب علي أصحاب الدخل الثابت من موظفين أو أقرانهم من العاملين بجهات أخري وبين مايتم تحصيله من اصحاب المهن الحرة والذين يمثلون أكثر من خمسة او ستة أضعاف العاملين في الجهات الحكومية أو المماثلة. بحسبة بسيطة نستطيع التأكيد علي أن مبلغ ال 3.6 مليار جنيه ممكن أن يصل الي أكثر من ثلاثين ضعفا سنويا اذا تغيرت ثقافتنا كشعب تجاه مستحقات الدولة ويتيقن الناس من اصحاب المهن الحرة أن ما يدفعونه جبرا سيعود عليهم بمردود يتمثل في تجويد الخدمات التي تقدمها الدولة في اي مجال من مجالاتنا الحياتية. أذكر حملة قام بها وزير المالية السابق بطرس غالي عندما طالب كل مواطن بالحصول علي فاتورة مقابل السلعة أو الخدمة المقدمة له حتي لو كانت في صالون حلاقة او المكوجي، في الوقت الذي اشبع المصريون هذه الحملة سخرية واستهزاء لم اصادف الا محلا وحيدا له سلسلة في جميع انحاء الجمهورية يقدم الفاتورة مطبوعا عليها مأمورية الضرئب التابع لها موقع المحل. حكي لي صديق كيف لجأ مضطرا الي طبيب للمساعدة في كشف منزلي وفوجئ بالطبيب الذي عبر الشارع من المركز الطبي الذي يعمل به الي منزل صديقي المواجه للمركز يطلب خمسة اضعاف قيمة الكشف داخل المركز في عملية فحص لم تستغرق دقائق معدودة، وعندما طالب بفاتورة للحصول علي جزء ولو يسير من نقابته التي يشارك في مشروع علاجها جاءه الرد سنعطيك فاتورة بنصف القيمة فقط. بعض من أطباء مصر هم الأعلي دخلا بين كل أطباء العالم وكثير من التجار ولن نقول الصناع والمنتجين يحققون مكاسب خيالية واذا طالعت دفاترهم المالية ستجد ابن الحلال من المحاسبين الذي قام بتستيفها لتخرج الارقام في النهاية بمكسب محدود أن كان لديه ذرة من الخجل ولم يجعلها خاسرة. قد يتصدق الكثير من المصريين ويدفعون زكاة اموالهم بأكثر مما هو مطلوب ولكن عند المطالبة بالضرائب يتحسس جيبه ويتفنن في الخروج بدفاتره بأرقام مزورة تؤكد خسارته عن عام كامل من التجارة او النشاط المهني الذي يمارسه. هذا لو افترضنا أن كل صاحب نشاط مهني كبيرا كان أم صغيرا يمسك بالدفاتر ويسجل كل وارد وصادر فيها. سيظل الصراع بين صاحب النشاط ومصلحة الضرائب الي الأبد، مثل لعبة القط والفأر، رغم ان التهرب الضريبي جريمة قد يفوق عقابها عقوبة القتل العمد في كثير من دول العالم المتقدم. مالم نتغير فكرا وسلوكا تجاه المطالبات الضريبية، ومالم نقتنع بأن سدادها سيكون في مصلحة من يقوم بالسداد قبل مصلحة من يتحصلها، مالم نقتنع ان ضريبة المهن الحرة كفيلة اذا تم دفعها عن المكسب الفعلي بالاستغناء عن ضرائب مثل الضريبة المضافة، مالم نتغير بأن نغير ما بأنفسنا فإن الله لن يغير مابنا وستظل لعبة القط والفأر بين الممول ومصلحة الضرائب الي أن يقضي الله امرا كان مفعولا.