خلق رفيع من شيم الصالحين وصفات المؤمنين حيث يقول سبحانه : »وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَي الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا»(الفرقان : 63)، فجعل الله تعالي أولي صفات عباد الرحمن التواضعَ ولينَ الجانب وخفضَ الجناح، ويقول سبحانه وتعالي لنبينا () : »وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» (الشعراء : 215)، ويقول سبحانه ممتنًا علي نبيه () : »فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَي اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ» (آل عمران : 159)، ويقول سبحانه علي لسان لقمان (عليه السلام) في وصيته لابنه : »وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ» (لقمان : 18)، ويقول سبحانه: »وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا» (الإسراء : 37)، ويقول نبينا () : »إن الله أوحي إليَّ أن تواضعوا حتي لا يفخر أحد علي أحد» (رواه مسلم)، ويقول (صلي الله عليه وسلم) : »ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله» (رواه مسلم)، وسئلت السيدة عائشة (رضي الله عنها) ما كان النبي () يصنع في بيته ؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله - تعني خدمة أهله - فإذا حضرت الصلاة خرج إلي الصلاة (رواه البخاري). كما حث ديننا الحنيف علي التواضع ونهي عن الكبر وحذر منه ومن سوء عاقبته، حيث يقول الحق سبحانه: »وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَي الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَي اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًي لِّلْمُتَكَبِّرِينَ»(الزمر : 60)، ويقول سبحانه: »وَنَادَي أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُم بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَي عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ» (الأعراف : 48)، ويقول نبينا (): »ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملك كذاب وعائل مستكبر» (رواه مسلم)، ويقول نبينا (): »يقول الله (عز وجل): »الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني منهما شيئا أذقته عذابي ولا أبالي» (أخرجه أحمد)، وقال (صلي الله عليه وسلم): »لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر» فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا ونعله حسنًا، قال: »إن الله جميل يحب الجمال والكبر بطر وغمط الناس» (رواه مسلم)، وقال (): »ألا أخبركم بأهل النار، كل عتل جواظ مستكبر» (متفق عليه)، وقال (صلي الله عليه وسلم): »احتجت الجنة والنار، فقالت النار: في الجبارون والمتكبرون، وقالت الجنة: في ضعفاءُ الناس ومساكينهم، فقضي الله بينهما إنك الجنة رحمتي أرحم بك من أشاء، وإنك النار عذابي أعذب بك من أشاء، ولكليكما عليَّ ملؤها» (رواه مسلم).. فعاقبة المستكبرين وخيمة أفرادًا كانوا أو أممًا، فقارون الذي آتاه الله مالا تنوء بحمل مفاتيح خزائنه العصبة أولو القوة عندما بغي وطغي وقال كما حكي القرآن الكريم علي لسانه: (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَي عِلْمٍ عِندِي)، خسف الله به وبداره الأرض يقول سبحانه : »فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنتَصِرِينَ»(القصص : 81). كما نري أثر الكبر والغرور في قصة صاحب الجنتين بسورة الكهف، حيث يقول الحق سبحانه في شأنه: »وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَي رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا» (الكهف : 35-36)، فلما جحد واستكبر كانت العاقبة زوال النعمة عنه، حيث يقول الحق سبحانه »وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَي مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَي عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِرًا» (الكهف : 42-43). وهذا أيضًا هو جزاء القري والأمم التي عتت واستكبرت، حيث يقول الحق سبحانه: »فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَي وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ» (فصلت : 15-16)، ويقول سبحانه: »وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ» (الطلاق : 8)، فكان عاقبة أمرها »فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُّكْرًا فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا» (الطلاق : 8-9).