أحسب أنه لا مبالغة في القول، بأن قضية اعادة بناء الانسان المصري علي اسس سليمة وراسخة علي المستويين المادي والمعنوي، تأتي في مقدمة القضايا التي تهمنا ونسعي بكل الجهد لإنجازها بأكبر قدر من الجدية والجودة، نظراً لتأثيرها الكبير علي إمكانية تحقيق طموحاتنا المشروعة في بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة والقوية. وإعادة بناء الانسان ليست قضية سهلة التحقيق أو ميسورة المنال، بل هي عملية شاقة، تحتاج بالضرورة الي تطوير شامل وإصلاح كامل لمنظومة التعليم والصحة، بكل ما يتطلبه ذلك من الاهتمام الضروري والواجب بالتنمية الانسانية والثقافية والعلمية والفنية والرياضية، اللازمة لاكتمال بناء الشخصية السوية السليمة. وإذا كنا نقول بأنها ليست عملية سهلة، فتلك حقيقة يجب ان يدركها الجميع نظراً لأنها تحتاج الي عدة عوامل اساسية وهي الاصرار القوي ووضوح الرؤية للمستهدف الذي نسعي إليه، وخطة شاملة للتنفيذ وبلوغ الهدف وبرنامج زمني للانجاز، بالاضافة إلي توافر التكلفة المالية اللازمة لتحقيق ما نسعي إليه. وفي هذا لنا أن نتصور حجم هذه المشكلة، إذا علمنا أننا نحتاج إلي كم كبير من الأموال التي قد تتعدي المليارات من الجنيهات سنوياً، لتنفيذ الخطة الشاملة للإصلاح، وتطوير المنظومة التعليمية والمنظومة الصحية، وتنفيذ الخطة الموضوعة للتأمين الصحي، باعتبار ذلك من الأعمدة الرئيسية لإعادة بناء الانسان المصري. ولنا أن نتصور إيضاً الحجم الكبير من الصعوبة في إتمام ذلك، إذا علمنا أنه من اللازم في الاساس توافر المناخ المناسب، لإحداث التطوير والتحديث والاصلاح في جميع المجالات المؤدية للبناء السليم للانسان. أي ان اعادة بناء الانسان تحتاج إلي تعليم جيد وحديث وثقافة واسعة، وصحة جيدة وسليمة، ونظام علاجي متطور وبيئة آمنة ومستقرة،...، وهذا يحتاج إلي تكاليف ليست بالقليلة،..، تلك حقيقة لا يجب ان تغيب عنا.