كان السؤال الذي طرح نفسه بإلحاح علي كل الخبراء والمتخصصين في العلوم العسكرية في أكاديميات ومعاهد البحوث العسكرية بالعالم مع بدايات حرب أكتوبر 1973، وخلال معاركها وما حققته من نتائج وتداعيات هو.. كيف استطاع الجيش المصري ان يقوم وينهض من جديد، بعد ما تعرض له من نكسة شديدة في عام 1967؟! وكانت اسباب السؤال ودواعيه ان أحداً لم يتصور علي الاطلاق ان هذا الجيش يمكن ان تقوم له قائمة خلال ست سنوات فقط، بعد هزيمة فادحة يصعب بل ويستحيل ان يتعافي منها قبل عقود من الزمن. ولذلك كانت مفاجأة غير متوقعة علي الاطلاق، قيام هذا الجيش بعد بضع سنين فقط، ونهوضه ليعود مارداً محارباً بكل القوة والتصميم والشجاعة، ويخوض بكل الجسارة والشراسة معارك الشرف واسترداد الكرامة. هذا هو ما فرض علي هذه الاكاديميات وتلك المعاهد البحثية التوقف بالدراسة والتحليل لهذا الذي جري، بوصفه ظاهرة مغايرة لكل ما كان متوقعاً، تفرض علي الجميع النظر إليها والتدقيق فيها بكل اهتمام. وقد عزز من ذلك ودفع إليه ان كل التوقعات، حتي المتفائلة منها، كانت تؤكد ان اجتياز قناة السويس واجتياح »خط بارليف» المنيع هو أمر مستحيل، في ظل ما قامت به إسرائيل من تجهيزات هندسية وعسكرية دفاعية قوية، جعلت من العبور إلي الضفة الشرقية للقناة معجزة مستحيلة في زمن انتهت فيه المعجزات. وكانت كل الدراسات العسكرية تؤكد ان خط بارليف يحتاج الي قنبلة ذرية لتدميره، وهو ما لا تملكه مصر، ولذلك كانت الصورة مؤلمة وتفرض علي مصر الاستسلام للهزيمة واليأس من امكانية تحقيق النصر وتحرير الأرض. من هنا كان ذهول العالم كله عندما نهض المصريون ونفضوا غبار الهزيمة وانطلقوا لتحرير سيناء وتحقيق النصر وكتابة وتسجيل ملحمة أكتوبر العظيمة بحروف من نور خطتها أرواح الشهداء أبناء جيشها البطل. وللحديث بقية