»استجواب الرئيس» هو عنوان كتاب جديد صدر مؤخرا في امريكا لكبير محلي وكالة المخابرات المركزية، جون نيكسون الذي تولي التحقيق مع الرئيس العراقي صدام حسين بعد ان تمكنت قوات الاحتلال الأمريكي للعراق من أن تمسك به.. وليس أهم ما في هذا الكتاب فقط هو الاعتراف بان الأمريكان قاموا بشيطنة صورة رئيس العراق قبل غزوها، وإنما ايضا الاعتراف بأن ذلك الغزو الأمريكي للعراق حولها إلي دولة فاشلة ممزقة وإذا نظرنا حولنا سوف نجد أن ما ألم بالعراق أصاب دولا عربية اخري عديدة.. وهذا لم يحدث نتيجة اخطاء، وإنما كان نتاج عمل ممنهج ومخطط استهدف تقويض كيان الدولة الوطنية في منطقتنا، لأن ذلك هو السبيل لفرض الهيمنة علي شعوبها، والتدخل في شئونها.. وقد كانت الدولة الوطنية المصرية هي الأخري مستهدفة في إطار هذا المخطط.. بل إن اصحاب هذا المخطط كانوا يعتبرونها بمثابة الجائزة الكبري، كما ردد ذلك اقطاب المحافظين الجدد في الولاياتالمتحدة مع بداية الألفية الجديدة.. وقد كان تمكين الإخوان من حكم مصر هو أحد بنود هذا المخطط، فهم لا يعترفون أساسا بالدولة الوطنية، وإنما يتحدثون عن أممية إسلامية، وكانوا يسعون للقضاء علي الهوية الوطنية المصرية، وأيضاً كانوا مستعدين للقبول بأي وصاية أجنبية. وهنا نفهم لماذا يتحدث كثيرا رئيس مصر عبدالفتاح السيسي عن أهمية وضرورة الحفاظ علي كيان الدولة الوطنية، خاصة في منطقتنا العربية التي تعرض عدد من دولها الوطنية للتقويض أو علي الأقل الإضعاف والإفشال المتعمد، لتظل أسيرة ضعفها ومشغولة بهمومها وغير قادرة علي حماية استقلالها أو صيانة إرادتها من التدخل في شئون شعوبها وتأمين مصالحها. غير أن حديثه هذا الأسبوع امام الجمعية العامة للأمم المتحدة جاء هذه المرة في صورة تحذير مصري شديد الوضوح لهؤلاء الذين تامروا ومازلوا علي دولنا الوطنية وأرادوا النيل منها خلال السنوات الاخيرة.. صحيح ان التحذير المصري تم توجيهه مباشرة إلي المنظمة الدولية التي أنشأها العالم بعد حرب عالمية لحمايته من حروب جديدة وتحقيق الأمن والسلم في العالم.. إلا أن هذا التحذير يطال أساسا كل من خططوا وتآمروا لاستهداف دولنا الوطنية، خاصة في منطقتنا العربية.. فإن تقويض كيان دولنا الوطنية، كما قال الرئيس السيسي في كلمته، لن يؤذينا وحدنا وإنما سيلحق الضرر بالجميع في العالم، بمن فيهم اصحاب مخطط تقويض كيان الدولة الوطنية، وذلك من خلال انتشار الاٍرهاب والجريمة المنظمة في العالم، والهجرة غير الشرعية، والنزاعات الطائفية، وتجارة المخدرات والسلاح، وجرائم الاتجار بالبشر.. ولذلك تصير حماية الدولة الوطنية هي حماية للعالم كله.. ولأمنه وسلامه واستقراره.. أي لحياة الجميع أن مصر لا تحذر فقط من الخلل الذي أصاب الأممالمتحدة في دورها وفعاليتها ومصداقيتها.. وإنما مصر تحذر أساسا هؤلاء الذين يسعون لفرض هيمنتهم علي شعوب العالم، ويتمسكون بنظام دولي لا يحكمه القانون والمبادئ الانسانية، ويكرس الفقر والتفاوت الاجتماعي، ولا يهتم بكل حقوق الإنسان الأساسية، الاقتصادية والاجتماعية، خاصة حقه في الحياة.. وشتان مابين مصر اليوم وهي تحذر العالم ومصر قبل أربع سنوات وهي تحاول إفهام العالم لماذا أطاحت بحكم الإخوان، ولماذا تحمي دولتها الوطنية.