نرجو أن يأخذ المسئولون في إثيوبيا التصريحات المصرية الرسمية الأخيرة بالجدية المطلوبة. فمصر لم تطلب ولن تطلب شيئا إلا ضمان حقوقها التي لا يمكن التنازل عنها في مياه النيل. ومصر أكدت -في نفس الوقت- أنها مع حق الشعب الاثيوبي الصديق في تنمية موارده، وأبدت كل الاستعداد لتقديم ما تستطيع لمساعدته في هذا السبيل. ومصر أكدت ان التعاون بين دول حوض النيل يكفل تحقيق كل متطلبات شعوبها في التنمية، ويوفر لها ما تحتاجه من المياه لو حسنت النوايا وتم تنفيذ المشروعات المشتركة للاستفادة من المياه التي يتم الآن اهدارها عند منابع النيل. فعلت مصر كل ذلك بيقين كامل ان المصلحة واحدة، وأن كل دول حوض النيل يمكن أن تضاعف استفادتها من مياهه دون اضرار بأي منها، خاصة دولتي المصب: مصر والسودان. ومع ذلك فمازال موقف السلطات في إثيوبيا يثير الكثير من علامات التساؤل، ومازالت المراوغة في تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه بشأن سد النهضة هو الأسلوب الذي تلجأ إليه »أديس أبابا» ظنا بأن فرض الأمر الواقع يمكن أن يتم، ولو كان بإهدار الحقوق التاريخية وتعريض مصالح الشركاء للخطر!! ما تمت إذاعته عن لقاء وزير خارجيتنا سامح شكري مع وزير الخارجية الإثيوبي علي هامش اجتماعات المجلس التنفيذي للاتحاد الافريقي في العاصمة الإثيوبية يؤكد أنه لم يعد هناك مجال للمناورة، وأن علي الشريك الإثيوبي أن يدرك مخاطر الطريق الذي يتجاهل حقوق الآخرين ويحاول المراوغة في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه. لقد أوضح سامح شكري لنظيره الإثيوبي ضرورة اتمام الدراسات الفنية الخاصة بسد النهضة وتأثيره علي مصر في أسرع وقت. مؤكدا أن مصر هي الطرف الرئيسي الذي يمكن ان يتضرر من استكمال بناء السد وبدء تشغيله دون أخذ شواغلها بعين الاعتبار. وكما قال سامح شكري فإن اضاعة المزيد من الوقت دون اتمام الدراسات في موعدها سوف يضع الدول الثلاث »مصر والسودان وإثيوبيا» أمام تحديات جسام وسيتطلب تدخلاً سياسياً من أجل وضع الأمور في نصابها، وتنفيذ ما تم الالتزام به في اتفاق إعلان المبادئ الذي ينص علي ضرورة الأخذ بنتائج الدراسات الخاصة بالتأثيرات المحتملة للسد علي دولتي المصب، ولتحديد فترة ملء خزان السد بمياه النيل وأسلوب تشغيل السد. حديث الدبلوماسية المصرية بهذا الشأن يعني أن الصبر قد طال »ربما بأكثر مما ينبغي» علي المراوغات الإثيوبية. وأن علي الجميع أن يدرك جيداً أن حقوق مصر في مياه النيل »خط أحمر» نرجو ألا يحاول أي طرف أن يتجاوزه!!