تم تخفيض الدولار الجمركي المستخدم في تقديم الرسوم الجمركية علي الواردات بقيمة جنيهان ونصف الجنيه حتي نهاية هذا الشهر. هذا التعديل يساوي حوالي 14٪ نسبة الخفض في قيمته. علي هذا الاساس فان الواردات التي يسمح بدخولها بعد تاريخ تطبيق هذا القرار ستنخفض تكلفتها بنفس القيمة. السؤال الذي يطرح نفسه بعد هذه المتغيرات الاقتصادية المهمة لسياسات الاصلاح الاقتصادي عمن هو الذي سيستفيد من هذا الخفض. كل ما نتمناه ان يكون العائد لصالح المستهلك المسكين الذي عاني وتحمل توحش وانفلات الاسعار. جري ذلك بعد تحرير سعر صرف الجنيه لترتفع قيمة الدولار مقابل الجنيه من ثمانية جنيهات الي 19 جنيه قبل بدء مسيرة انخفاضه في الايام الاخيرة حتي تكون هناك فاعلية لهذا الخفض في قيمة الدولار فانه لابد من اجراءات وضوابط من جانب الحكومة واجهزتها. هذا يتحتم ان يتم في اطار مسئولياتها وواجباتها المتمثلة في مراقبة ومتابعة مسيرة اسعار هذه الواردات بما يضمن وصولها للمستهلك واسعارها الجديدة المخفضة. لا يجب في هذه الحالة الاعتماد بأي حال علي الاخلاقيات وضمائر المستوردين والتجار المتربصين لاصطياد المستهلك لزيادة أرباحهم غير المشروعة. في معظم الحالات المشابهة السابقة لمثل هذه المتغيرات فان الدولة والمستهلك كانا دائما هما اللذان يتعرضان للخسارة لصالح المستورد والتاجر. ليس خافيا ان المستوردين والوسطاء والتجار يلجأون الي المراوغة والتحايل من اجل استغلال وخداع الدولة والمستهلك ضحيتهم لتكريس تجاوزات أسعارهم وهم يضعون في اعتبارهم تصاعد ارباحهم بدون وجه حق. من المؤكد ان الدولة وأجهزتها ستكون في مرحلة اختبار شعبي فيما يتعلق بقدرتها علي حماية مصالحه وحقوقه. هذا التحرك حتمي خلال هذه المرحلة التي تشهد ارتفاعات في قيمة الجنيه وهو ما يتطلب أن يتجاوب نزولا في اسعار الاحتياجات المعيشية. الفترة القادمة علي ضوء انخفاض قيمة الدولار الجمركي ستكون فرصة للحكومة وكل الاجهزة الرقابية المعنية لاثبات وجودها في ضبط الاسواق والتصدي لمحاولات التربح غير المشروع. هذه المهمة الرقابية تحتم بان تكون بدايتها المنبع قبل دخول السلع الجديدة الاسواق ومتابعتها حتي وصولها الي المستهلك. ان اخشي ما أخشاه ان يصبح هدف قرارات الاصلاح لصالح المستوردين والوسطاء والتجار. وألا يستهدف عملية جني ثمارها.. إنهاء محنة الدولة والشعب اقتصاديا. ليست هذه اول مرة وللاسف ولكن هذا الامر له سوابق عندما كان يتم رفع او خفض الجمارك حيث كانت في معظم المرات تصب الفوائد في شكل عوائد مجنونة لصالح الاحتكاريين والتجار علي حساب المواطن المغلوب علي أمره. لتجنب هذه الممارسات التي لا تخلو من شبهة الفساد فان علي الاجهزة الرقابية المتعددة خاصة المركزية ان تمارس دورها في التصدي لهذه الخروقات التي يدفع ثمنها هذا المواطن الذي يعاني من ارتفاع وتجاوزات الاسعار بصورة غير مبررة.