أحسب أن الضرورة تفرض علينا الآن ونحن مازلنا نخطو خطواتنا الأولي في العام الجديد، أن نلقي نظرة فاحصة ومدققة علي عالمنا العربي، وما يجري فيه وما يجري له، في محاولة للإلمام بمجمل الأوضاع وتطوراتها، لعلها تعطينا مؤشرات دالة علي الاحتمالات المتوقعة لمستقبل الأمة العربية، وسط عالم مليء بالمتغيرات ومحمل بالعواصف والأنواء من كل جانب. والنظرة المدققة لعالمنا العربي الآن تكفي لادراك سوء ما يجري علي أرضه من أحداث ووقائع، رغم ضبابية الصورة وما يغلفها من ظلال قاتمة وما يكتنفها من سحب وما ينتشر في أرجائها من تنافر وتضارب وفرقة وانقسام وتشتت. والصورة في مجملها لا تبشر بخير ولا تعطي فرصة جادة للأمل في غد أفضل لدوله وشعوبه في ظل ما يموج به هذا العالم العربي من صراعات وما يجري فيه من صدامات مسلحة، لا منطق لها ولا عائد من ورائها سوي الدمار والخراب ومزيد من الضعف والتشرذم. والراصد للواقع العربي الآن يجد للأسف صراعات وصدامات عربية عربية، ويجد قوي وقوات وجيوشا من كل بلاد الدنيا تدعم هذه الصراعات الحمقاء وتلك الصدامات الخرقاء التي تنتهي بانتصار لأي طرف عربي، فالكل خاسر والكل إلي زوال طالما استمرت كل الأطراف علي ما هي عليه من حماقة وغفلة وغياب عقل وغيبة حكمة. وفي ظل ما نراه قائما الآن من واقع بائس وغيبة مؤكدة للوعي بالأخطار المحدقة بعالمنا العربي كله، أصبح العرب بالفعل الآن أرضا مستباحة لقوي الشر والعنف والدمار والتخريب ومسرحا لعبث العابثين ومرتعا لقوي الضلال والإفك والإرهاب،...، من أجل ذلك نجد أننا مضطرون للقول بأن الصورة في مجملها وتفاصيلها لا تبشر بخير علي الإطلاق للأسف الشديد.