«أكسيوس»: الديمقراطيون يبدون استعدادهم لإنهاء الإغلاق الحكومي    قوات الاحتلال الإسرائيلى تهدد العمال فى الضفة بعدم التوجه إلى القدس    نتنياهو يفرض عقوبات صارمة على وزراء حكومته بسبب الغياب والتأخر المتكرر    عاجل نقل الفنان محمد صبحي للعناية المركزة.. التفاصيل هنا    طوابير بالتنقيط وصور بالذكاء الاصطناعي.. المشهد الأبرز في تصويت المصريين بالخارج يكشف هزلية "انتخابات" النواب    ترامب يتهم "بي بي سي" بالتلاعب بخطابه ومحاولة التأثير على الانتخابات الأمريكية    وزير الزراعة عن الحمى القلاعية: نسب النفوق منخفضة جدا.. وندرس تعويضات المزارعين المتضررين    رئيس لجنة كورونا يوضح أعراض الفيروس الجديد ويحذر الفئات الأكثر عرضة    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 10 نوفمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    مي عمر أمام أحمد السقا في فيلم «هيروشيما»    أسعار الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الإثنين 10 نوفمبر 2025    وزير المالية: نسعى لتنفيذ صفقة حكوميه للتخارج قبل نهاية العام    غارات جوية أمريكية تستهدف تنظيم القاعدة في اليمن    رعب في بروكسل بعد رصد طائرات مسيرة تحلق فوق أكبر محطة نووية    سيلتا فيجو ضد برشلونة.. ليفاندوفسكي: علينا التحسن بعد التوقف الدولي    أمواج تسونامى تضرب شمال شرق اليابان بعد زلزال بقوة 6.9 درجة    برشلونة يحقق فوزًا مثيرًا على سيلتا فيجو برباعية    طارق قنديل: الدوري لن يخرج من الأهلي.. وتوروب يسير بخطى ثابتة    «مش بيلعب وبينضم».. شيكابالا ينتقد تواجد مصطفى شوبير مع منتخب مصر    باريس سان جيرمان يسترجع صدارة الدوري بفوز على ليون في ال +90    معسكر منتخب مصر المشارك في كأس العرب ينطلق اليوم استعدادا لمواجهتي الجزائر    الطالبان المتهمان في حادث دهس الشيخ زايد: «والدنا خبط الضحايا بالعربية وجرى»    وفاة العقيد عمرو حسن من قوات تأمين الانتخابات شمال المنيا    "مصر تتسلم 3.5 مليار دولار".. وزير المالية يكشف تفاصيل صفقة "علم الروم"    عمرو أديب عن نهائي السوبر بين الأهلي والزمالك: «معلق المباراة جابلي هسهس»    مفتى الجمهورية يشارك فى مناقشة رسالة ماجستير بجامعة المنصورة.. صور    متى ستحصل مصر على الشريحتين الخامسة والسادسة من قرض صندوق النقد؟ وزير المالية يجيب    «لا تقاوم».. طريقة عمل الملوخية خطوة بخطوة    ON SPORT تعرض ملخص لمسات زيزو فى السوبر المحلى أمام الزمالك    «لاعيبة لا تستحق قميص الزمالك».. ميدو يفتح النار على مسؤولي القلعة البيضاء    مساعد وزير الصحة لنظم المعلومات: التحول الرقمي محور المؤتمر العالمي الثالث للسكان والصحة    محافظ قنا يشارك في احتفالات موسم الشهيد مارجرجس بدير المحروسة    3 سيارات إطفاء تسيطر على حريق مخبز بالبدرشين    تطورات الحالة الصحية للمطرب إسماعيل الليثى بعد تعرضه لحادث أليم    كشف ملابسات فيديو صفع سيدة بالشرقية بسبب خلافات على تهوية الخبز    هدوء ما قبل العاصفة.. بيان مهم بشأن تقلبات الطقس: استعدوا ل الأمطار والرياح    أداة «غير مضمونة» للتخلص من الشيب.. موضة حقن الشعر الرمادي تثير جدلا    نشأت أبو الخير يكتب: القديس مارمرقس كاروز الديار المصرية    البابا تواضروس ومحافظ الجيزة يفتتحان عددًا من المشروعات الخدمية والاجتماعية ب6 أكتوبر    انتخابات مجلس النواب 2025.. خطوات الاستعلام عن اللجنة الانتخابية بالمرحلة الأولى (رابط)    3 أبراج «مستحيل يقولوا بحبك في الأول».. يخافون من الرفض ولا يعترفون بمشاعرهم بسهولة    الصحة ل ستوديو إكسترا: 384 مشروعا لتطوير القطاع الصحي حتى عام 2030    ميشيل مساك لصاحبة السعادة: أغنية الحلوة تصدرت الترند مرتين    عمرو أديب عن العلاقات المصرية السعودية: «أنا عايز حد يقولي إيه المشكلة؟!»    حضور فني ضخم في عزاء والد محمد رمضان بمسجد الشرطة بالشيخ زايد.. صور    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الإثنين 10 نوفمبر 2025    انقطاع التيار الكهربائي عن 19 قرية وتوابعها فى 7 مراكز بكفر الشيخ    نجل عبد الناصر يرد على ياسر جلال بعد تصريح إنزال قوات صاعقة جزائرية بميدان التحرير    السجن المشدد 10 سنوات للمتهم بحيازة أقراص ترامادول وحشيش في الزيتون    فوائد زيادة العضلات بالجسم بعد الأربعين    محافظ الغربية يتفقد مستشفى قطور المركزي وعيادة التأمين الصحي    هل يجوز أن تكتب الأم ذهبها كله لابنتها؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    هل يجوز الحلف ب«وحياتك» أو «ورحمة أمك»؟.. أمين الفتوى يُجيب    خالد الجندي: الاستخارة ليست منامًا ولا 3 أيام فقط بل تيسير أو صرف من الله    هل يذهب من مسه السحر للمعالجين بالقرآن؟.. أمين الفتوى يجيب    بث مباشر.. صدام النجوم المصريين: مانشستر سيتي يواجه ليفربول في قمة الدوري الإنجليزي    معلومات الوزراء : 70.8% من المصريين تابعوا افتتاح المتحف الكبير عبر التليفزيون    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ورقة وقلم
نشر في آخر ساعة يوم 27 - 08 - 2016

أرجع إلي ما دونت في أوراقي منذ 65 شهراً مضت عن أول لقاء لي مع اللواء عبدالفتاح السيسي مدير المخابرات الحربية.
أقارن ما قاله يومها بعد بضعة أسابيع من انفجار ثورة 25 يناير، بما سمعته منه الأسبوع الماضي، أثناء لقاء الساعات السبع مع رؤساء تحرير الصحف القومية، بعد 26 شهراً قضاها في منصب رئيس الجمهورية.
نفس الرؤية وجدتها. نفس النهج في التفكير، ونفس الروح الوثابة.
حتي التفاؤل لم يفتر.
فإذا كانت يده الآن في قلب النار، فإنها حينئذ لم تكن في الماء البارد.
غير أن فروقاً جوهرية بين ما قيل في اللقاءين.
في اللقاء الأول كان السيسي يتحدث عن مخاطر محدقة بالبلاد. عن دولة تتداعي أعمدتها وبعضها تهاوي، عن أحلام وئيدة وآمال في المخيلة، عن طموحات لا تدفعها قدرات الواقع، عن شعاع ضوء نتلمسه في نهاية نفق مظلم، عن بسطاء عاشوا 40 عاما دون سند.
أما في اللقاء الثاني.. فصار يتكلم عن تحديات، لا عن مخاطر. عن أعمدة دولة تشتد ومؤسسات تترسخ. عن إنجازات كانت أحلاما من خيال. عن تطلعات تعززها قدرة الإرادة. صار يتكلم عن درب لا عن نفق. عن أفق تضيئه شمس تشرق، لا عن بصيص ضوء يطل من ثغرة جدار بعيد. صار يتكلم عن بسطاء، يودعون العشش إلي منازل، وآخرين فقراء وأيتام وأرامل كانوا بلا دخل، امتدت إليهم يد بلدهم لتغطي 2٫5 مليون مصري منهم بمعاش الضمان، وغيرهم من كبار السن والأسر البسيطة التي تعول تلاميذ منتظمين في مدارسهم أو أبناء من ذوي الاحتياجات الخاصة، تعاونهم مصرهم بمعاش كرامة وتكافل، الذي تتسع مظلته من نصف مليون أسرة إلي مليون بعد 4 أشهر، ثم مليون ونصف المليون أسرة في غضون عام.
صار يتكلم عن كبرياء يخفف المعاناة، بعدما كان يتحدث عن إذلال العوز.
الحال في مصر، لا يراها السيسي، علي نحو ما قال أمير الشعراء في أندلسيته: »‬الوصل صافيةٌ، والعيش ناغيةٌ، والسعد حاشيةٌ، والدهر ماشينا».
الرجل يدرك قبل غيره، أن هناك بيننا من يخاصم الوطن ويقطع ما أمر الله به أن يوصل، وأن هناك من يعاني ويكابد ليجد لقمة العيش، يعلم أن السعادة لا تظلل كل أيامنا، لكنه يؤمن بأن الدهر معنا يرعي خطانا.
لا ينظر السيسي إلي المليء في الكوب ويغفل الباقي، إنما عيناه أيضا علي الفارغ ليملأه. يحسب من أين سنملأ، وكيف، ومتي، وما هي التكلفة؟
بعضنا يكتفي بالجزء المملوء ويقنع، فيستكثر علي بلده أن تطمح. وبعضنا لا يري إلا الجزء الفارغ، ولا يريد لسواه، أن يري غير ما يراه، فيبخس المصريين أشياءهم وينشر الإحباط بين الناس.
غير أن الكثيرين منا نسوا أن الكوب نفسه كان مختطفا!
في أوراقي عن اللقاء الأول، أطالع ما سرده اللواء السيسي طيلة 45 دقيقة دون انقطاع أمامي وثلاثة من كبار المثقفين، بحضور ثلاثة غيره من أعضاء المجلس الأعلي لقواتنا المسلحة.
يومها، قدم السيسي عرضا مفصلا للوضع الاستراتيجي للبلاد، أمنيا واقتصادياً وسياسياً داخلياً وخارجياً، وأعطي مفاتيح حلول، لو استعين بها حينذاك، لكان الطريق أقل وعورة والتحديات أيسر في الاجتياز.
في اللقاء الثاني.. لم يختلف ترتيب الأفكار، والإمساك بالخيوط، والإلمام بالقضايا، وصراحة الإيضاح رغم علنية الحوار. كل الذي اختلف أن بيديه الآن مفاتيح الحلول، يضعها في مغالق أبواب، بعضها لم يقترب منها أحد، رغم الإدراك بأنها لو بقيت موصدة، لن نقدر فيما بعد علي أن نفتحها ولا أن نفتح غيرها!
أمسك السيسي منذ اليوم الأول بالمفاتيح يضعها في كل الأبواب معا، ليفتحها جميعا.
البعض في الداخل يلوم الرئيس علي ما يجب أن يكون موضع إعجاب، وهو سرعة الخطو وتسارع الإيقاع واتساع مجال التحرك!
فلقد تعايشوا عقودا مع تكلس حركة ورخاوة همة.
الذي ينجزه السيسي الآن هو لحاق بماض أهدرنا سنواته بدداً من أجل بلوغ مستقبل كنا نتحدث عنه ولا نسعي نحوه.
الأمم الكبري من حولنا تتقدم بسرعة، فإذا بقينا علي خطونا، ستزداد الفجوة وتتسع. ولن تضيق المسافة لنلحق بتلك الأمم، إلا إذا أخذنا بنهج عدائي التتابع.
البعض في الداخل يسأل: لماذا المشروع القومي للطرق، مع المواني، مع المطارات، مع كل هذا العدد من محطات الكهرباء، مع المدن الجديدة، مع العاصمة الإدارية، مع مشروع المليون ونصف المليون فدان، مع المزارع السمكية، مع مشروع المائة ألف صوبة، ومزرعة المليون رأس ماشية، مع مصانع سيناء ومزارعها، وقبل ذلك ومن بعده قناة السويس الثانية، ومشروع محور تنمية منطقة القناة؟
البعض يقول: ألم يكن أولي بنا أن ننفق هذه المليارات الضخمة علي تحسين حياة البسطاء ومحدودي ومتوسطي الدخل، وتطوير الصحة والتعليم، وأن نرجئ تلك المشروعات إلي حين ميسرة؟!
مع أولئك الحق في السؤال، ومع هؤلاء الحق في تساؤلهم.
فلو كان المسئولون يقدمون المعلومات ويحسنون الشرح بلغة المواطن ولو كان الإعلام - في معظمه - منشغلا بهموم الوطن بنفس قدر اهتمامه بصخب فارغ المحتوي، لما كان عند حسني النية أسئلة مثل هذه ولا تساؤلات كتلك وتكفينا أكاذيب سيئي النية!
لا يعرف المتسائلون حجم وتفاصيل ما جري لتحسين حياة البسطاء والطبقات محدودة الدخل خلال العامين الماضيين ولا المشروعات الجاري تنفيذها من أجلهم. بدءا من معاش كرامة وتكافل الذي أشك أن كثيرين لديهم علم به، إلي مد مظلة معاش الضمان، إلي تطوير أكثر من ربع القري الأكثر فقراً وتغيير معالمها، إلي إنشاء 170 ألف شقة لإسكان نحو مليون أسرة من قاطني العشش وعزب الصفيح وسفوح الهضاب وقمم التلال المهددة بالسقوط، إلي مشروع الإسكان الاجتماعي الذي يستهدف إنشاء مليون شقة مدعمة في عامين يقطنها ما بين 4 إلي 5 ملايين أسرة في تجمعات عمرانية مجهزة بالملاعب والمدارس والوحدات الصحية والمراكز الاجتماعية ثم زيادة الحد الأدني للمعاش الشهري من 200 و300 جنيه إلي 500 جنيه، علي ألا تقل زيادته السنوية عن 125 جنيها.
أما عن التعليم والصحة، فيجري إنشاء 4 آلاف مدرسة في عامين لخفض كثافة الفصل من 70 تلميذا إلي 45 تلميذا، وإلغاء الفترة الدراسية المسائية. كما يجري تحديث وتطوير واستكمال وإنشاء مستشفيات عامة ومركزية ووحدات صحية. ومع هذه الإنشاءات يتم الإعداد لمشروع شامل للنهوض بالتعليم والرعاية الصحية وفق خطة لا يمكن أن تتم بين يوم وليلة.
لا يعرف المتسائلون أن 600 مصنع من الألف مصنع التي كانت متوقفة عن الإنتاج، عادت ماكيناتها إلي الدوران أو في طريقها إلي التشغيل.
لا يعي المتسائلون، ولم يجدوا الشرح الوافي عن جدوي الانطلاق في مشروعات البنية الأساسية والمشروعات الكبري.
فإذا كنت تريد تحسين حياة الناس وتشغيل أبنائهم والنهوض بالاقتصاد، عليك أن تزيد من الإنتاج الصناعي والزراعي في البلاد وأن تتوسع في التصدير، وعليك أن تجذب الاستثمارات المحلية والخارجية المباشرة.
إذا أردت مصانع ومزارع، عليك أن توفر لها الطاقة لتشغيلها سواء كهرباء أو غاز، لذا كان لابد من إنشاء محطات الكهرباء العملاقة وتنويع مصادر توليدها، وكان لابد من استيراد الغاز والتوسع في اتفاقات الكشف عن النفط والغاز الطبيعي.
عليك أن تشق الآبار في أراضي الاستصلاح وتطلق مشروع المليون ونصف المليون فدان كمرحلة أولي من مشروع استصلاح 4 ملايين فدان، تعادل قرابة نصف المساحة المنزرعة علي أرض مصر.
عليك أن تشق الطرق إلي المصانع وأماكن الزراعات، ومنها إلي المواني والمصانع. عليك أن تنشئ طرقاً جديدة ومحاور خارج الكتل السكنية تربط المحافظات، وتؤدي إلي تقليل الفاقد في الوقت، وأن ترفع كفاءة الطرق المتهالكة في الوادي والدلتا.
عليك أن تقيم مطارات جديدة كتلك التي أوشكت علي الانتهاء في شرق القاهرة وغربها وفي المليز بسيناء.
إذا أردت أن تكون مصدر جذب للاستثمارات، عليك أن تستغل المواقع الاستراتيجية علي أرضك وأهمها منطقة قناة السويس، فتحفر القناة الجديدة لتقليل زمن مرور السفن وتتهيأ لنمو حركة التجارة العالمية، ولا تنتظر أوان نموها حيث لن تكون التكلفة حينئذ في مقدورك.
عليك أن تستثمر وجود منطقة قناة السويس في ملتقي قارات أفريقيا وآسيا وأوروبا، وتقيم فيها واحدة من أكبر المناطق الصناعية واللوجيستية في العالم، وتزودها بالكهرباء والمياه والغاز وتمد إليها شبكة الطرق وتقيم من حولها مواني جديدة لاستيعاب حركة استيراد الخامات وتخزين البضائع وتصدير السلع والمنتجات.
إذا أردت معدلات تشغيل عالية لاستيعاب البطالة في ظل حقيقة أن المصانع والمزارع لا تبدأ الإنتاج قبل 3 سنوات من تدشينها، عليك بتشجيع مشروعات البنية الأساسية، فمنها توفر فرص عمل كثيفة تستوعب المتعطلين وتزيد دخول الأسر، ومنها تهيئ المجال لإنشاء المشروعات الإنتاجية وجذب الاستثمارات.
إذا أردت تخفيف كثافات المدن في العاصمة والوادي، عليك بالخروج للظهير الصحراوي، وإنشاء مدن جديدة كتلك التي يجري التخطيط لها في الصعيد أو التي انتهي إنشاؤها في منطقة القناة، أو كالعاصمة الإدارية التي ستنتقل إليها أجهزة الحكم من وزارات وبرلمان ورئاسة.
في هذه الحالة، فإنك تخفف من الازدحام الهائل في العاصمة وعواصم المحافظات، وتوفر مساكن ومصادر رزق للملايين، وتستوعب زيادة سكانية سنوية تزيد علي مليوني نسمة.
أما عن التكلفة الهائلة لهذه الإنشاءات، فسوف تستعاد من ثمن بيع الأراضي الصحراوية التي كانت بلا قيمة، وسيصبح سعر المتر المربع فيها ما يقارب الألف جنيه أو يزيد بعد إدخال المرافق إليها وظهور معالمها. ويكفي أن نقول: إن تكلفة كل ما يجري من مشروعات علي أرض مصر وما يتم تنفيذه خلال العامين المقبلين يقدر بنحو 1040 مليار جنيه، بينما العائد المتوقع من ثمن بيع أراضي المدن الجديدة يتجاوز 1200 مليار جنيه.
- والسؤال.. هل بعد هذا، باتت كل الظروف مهيأة لجذب الاستثمارات؟
الإجابة: إنه مازالت هناك عقبات رغم المزايا التي يتيحها قانون الاستثمار الموحد، أهمها البيروقراطية المقيتة في الجهاز الإداري، لذا كان من الضروري إصدار قانون الخدمة المدنية الجديد، وكذلك تفاوت سعر الدولار بين البنوك والسوق الموازية أو السوداء، لذا لابد من اتخاذ إجراءات نقدية لإنهاء هذه المشكلة في غضون الأشهر المقبلة.
- سؤال آخر.. إذا كنا نسير علي الطريق الصحيح، ونمضي علي طريق إنجاز مشروعنا الوطني في مساره الاقتصادي والتنموي بخطي سريعة، لماذا إجراءات الإصلاح الاقتصادي، وخطة رفع الدعم عن الكهرباء والوقود التي بدأت منذ عامين وتستمر 3 أعوام مقبلة؟
الإجابة: إننا نعاني من عجز بين ايرادات الدولة ومصروفاتها يبلغ نحو 300 مليار جنيه، وكلما زادت المصروفات عن الايرادات، زاد الاقتراض الداخلي عاماً بعد عام حتي وصل إلي 2,3 تريليون جنيه، بنسبة 97٪ من الناتج المحلي، وهو مرشح للزيادة بمعدلات كبيرة لو لم تتم إجراءات الإصلاح. لذا كان لابد من خطة خفض المصروفات في دعم الكهرباء والوقود، ليقتصر علي المستحقين، ولا يستفيد منه الأثرياء والميسورون، مع إجراءات أخري في هذا المجال. وكان لزاماً أيضا النظر في زيادة ايرادات الدولة من خلال تحسين مستوي تحصيل الضرائب، ووضع مشروع قانون القيمة المضافة، وتطوير كفاءة جهاز الجمارك، والنهوض بالقطاعات الاقتصادية في الدولة للحد من خسائرها وتحديث أدواتها وزيادة مواردها بما يزيد من إيرادات الدولة.
- سؤال ثالث.. هل يشعر الرئيس بمعاناة الشعب من الغلاء، هل يعلم أن الإجراءات الإصلاحية ستؤثر حتما علي الطبقات محدودة الدخل والمتوسطة؟
الإجابة: الرئيس السيسي لا يقيم في برج عاجي بمعزل عن المواطنين.. هو لا يعتبر نفسه رئيساً وإنما مواطن بسيط بين بني وطنه البسطاء.
يعرف قطعاً أن الشعب، خاصة الفقراء ينظرون إليه كمنقذ جاء ليرفق ويحنو.
يعلم الرئيس أن المغالاة والجشع، هما سببان رئيسيان في ارتفاع الأسعار بجانب أسباب أخري. لذا كلف القوات المسلحة بمهمة إقامة منافذ توزيع اللحوم والسلع الغذائية علي المواطنين بأسعار مناسبة. وبدأ في الأسبوع الماضي خطة جديدة للتوسع في هذا المجال من أجل قطع الطريق علي الجشعين وضبط الأسواق. المزارع السمكية التي سيتم افتتاح باكورتها خلال أسابيع، هدفها توفير الأسماك الرخيصة للمواطنين، وتخفيف الضغط علي اللحوم والدواجن، ومن ثم خفض أسعارها. ومزرعة المليون رأس ماشية، هدفها توفير اللحوم للمواطنين بأسعار منضبطة بعيداً عن السماسرة والوسطاء.
الدعم علي الكهرباء لم ينقطع عن الطبقات البسيطة والمتوسطة وفوق المتوسطة. يتراوح الآن ما بين 28 جنيها وقرابة مائتي جنيه للأسرة.
بوضوح قال الرئيس في حواره مع رؤساء التحرير: حرصي علي الغلابة لا يدانيه حرص. ولن أترك محدودي الدخل والطبقات المتوسطة فريسة لضغوط إجراءات الإصلاح، وندرس الآن كيف نقلل تأثيرات الإصلاح علي محدودي الدخل ومتوسطي الحال.
ومعلوماتي أن هناك خطوات وقرارات ستعلن خلال الفترة القليلة المقبلة لتخفيف الضغوط ورفع وطأة المعاناة وكبح الغلاء وضرب المغالاة.
هذه هي الصورة بأبعادها وبعض تفاصيلها في الداخل المصري.
أما في الخارج، فهناك من يرقب ما يدور علي أرض مصر، والنهج الذي اختطه السيسي، علي طريق إنجاز المشروع الوطني المصري لبناء الدولة المصرية الثالثة الحديثة.
ليس سراً، أن استقلال القرار الوطني لا يروق البعض ممن يتوهم أن مصر بمكانتها وثقلها وكبرياء شعبها يمكن أن تظل دولة تابعة.
البعض يتابع ما يدور في غير ارتياح. فتطوير الجيش المصري معناه إكساب مصر مزيداً من الحصانة في مواجهة التهديدات الخارجية ومزيدا من المنعة تجاه محاولات ضرب الجبهة الداخلية، كما يعلي من مكانتها وثقلها في المعادلة العربية والإقليمية. ويبدو أن هناك من لا يروقه ذلك.
ثم إن مشروع النهوض الاقتصادي المصري، سيزيد من القدرات الشاملة للدولة، وسيرفع من مستوي معيشة شعبها، وسيوفر مظلة أوسع لاستقلال القرار، وحماية أكبر من تأثير الضغوط.
البعض في الخارج، لا يريد المشروع الوطني المصري نموذجاً في منطقة مضطربة، ولا يريد للرئيس السيسي أن يكون مثالا لشعوب وقادة آخرين.
المتتبع لما يكتب خارجيا، ولما يقال تلميحاً في بعض المحافل، يرصد رغبة عارمة لدي قوي في الخارج، بألا يكمل السيسي مدة رئاسته الأولي، فإذا أكملها لا يترشح لمدة ثانية، فإذا لم يترشح عليه أن يعلن من الآن قراره.. وكأن مصر جمهورية موز تديرها شبكات مصالح وأجهزة خارجية!
في ظل هذا الذي لا يمكن إغفاله، كان سؤالنا للرئيس السيسي، الذي بدا مبكراً في توقيته، عن قبوله للترشح لمدة ثانية إذا طالبه الشعب.. وكانت إجابته هي أنه رهن إرادة الشعب حيثما يريد، مثلما جري حين استجاب لنداء الشعب في الثالث من يوليو، وقبل الترشح للرئاسة في المرة الأولي.
في أوقات المعارك.. لا يذكر الضابط أو القائد رتبته وإنما يقدم نفسه بأنه المقاتل فلان. ولعلنا لاحظنا في العامين الماضيين، أن القادة والضباط المشرفين علي المشروعات الوطنية، يقدمون أنفسهم بأنهم مقاتلون. فنحن في معركة مجالها الحماية مع البناء.
في اللقاء الأول.. كان اللواء السيسي يصف نفسه وزملاءه بأنهم مقاتلون من أجل مصر في معركة إنقاذ الدولة.
وفي اللقاء الثاني.. تحدث الرئيس السيسي عن نفسه بلغة المقاتل. ذخيرته هي كبرياؤه وشرفه، وسنده هو الشعب.
لا يتوقف عن القتال طالما كان الشعب في ظهره يسانده.
مثلما الشعب ينظر إليه كسند، وظهير، وزارع أمل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.