النيابة العامة تنظم برنامجا تدريبيا لأعضاء النيابة العامة بدولة السودان في مجال الجرائم السيبرانية    وزير خارجية الصين لنظيره الأمريكي: نأمل في تحقيق تقارب بين البلدين    لتسليمها للجانب الفلسطيني.. 384 شاحنة مساعدات تغادر معبر رفح البري إلى كرم أبو سالم    ملك الأردن: لن نرسل قوات إلى غزة ومستعدون لدعم الشرطة الفلسطينية    بعد عودته كمساعد لفيريرا.. ماذا قدم عبدالرؤوف في منصب «الرجل الأول»    الأهلي يختتم استعداداته لمواجهة بتروجيت وسط تركيز عالٍ وتظلم رسمي ضد الكاف    الفيوم: مقتل فتاة على يد زوج والدتها بقرية العامرية بقرية العامرية.. والتحريات تكشف تفاصيل الواقعة    النائب سامي سوس: المتحف المصري الكبير يعزز حركة السياحة ويعكس وجه مصر المشرق أمام العالم    وزير العمل يشارك في ملتقى هواوي السادس للتوظيف    جولة ترامب الآسيوية.. باكستان تسعى لإغراء واشنطن وقطع الطريق على الهند    لا يمكن إيقافه.. كيف تحول مبابى إلى كابوس برشلونة؟    طريق جديدة لجرارات القصب لتخفيف الزحام بأرمنت والمحافظ يتابع التنفيذ    بدء صرف معاشات نوفمبر الأسبوع القادم.. «التأمينات» تعلن الجدول الرسمي للمستفيدين    شوط أول سلبي بين سموحة و الجونة في الدوري الممتاز    محمد صلاح ضمن قائمة المرشحين لأفضل 11 لاعباً فى العالم من فيفبرو    شيخ الأزهر يلتقي الرئيس الإيطالي ويؤكدان ضرورة الالتزام بخطة السلام في الشرق الأوسط    العدالة تنصف طفلة قليوب وتقضى بالسجن المشدد 10 سنوات لمُعتديها    عقاب رادع.. المشدد 15 سنة لشاب أطلق النار على الشرطة في شبرا الخيمة    تأجيل محاكمة 89 متهما بقضية "خلية داعش مدينة نصر" لجلسة 11 يناير المقبل    رئيس هيئة النيابة الإدارية يستقبل وزير العدل    الفائز بجائزة النجمة البرونزية بمهرجان الجونة..الفيلم المصري المستعمرة بمهرجان البحر الأحمر السينمائي    محمد سلام: عودة مفاجئة ومسيرة صعود صنعت حب الجمهور.. وانتقال للبطولة بمسلسل كارثة طبيعية    حكم طلاق المكره والسكران في الإسلام.. الشيخ خالد الجندي يحسم الجدل ويوضح رأي الفقهاء    ذبابة الرمل السوداء القاتلة: خطر صامت يهدد الأطفال بعد وفاة طفل في الأردن بلدغتها    نشرة «المصرى اليوم» من الإسكندرية: إصابة 3 في انهيار عقار بالكورنيش.. ومتحف المجوهرات يحتفل بالعيد السنوى ال39    مدير تعليم سوهاج يشارك في الاجتماع التنسيقي لتنفيذ مبادرة الأنيميا والتقزم    شرم الشيخ تشهد انطلاق اجتماعات المجلس التنفيذي للإنتوساي    اعرف وقت الأذان.. مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 فى المنيا    متي يبدأ العمل بالتوقيت الشتوي 2025؟    جدول مواقيت الصلاة غدًا الثلاثاء 28 أكتوبر بمحافظات الصعيد    «فنانون ومبدعون».. ما هي الأبراج التي تتمتع بخيال واسع؟    عاجل- إنهاء حالة الطوارئ في جنوب إسرائيل لأول مرة منذ 7 أكتوبر    رسمياً.. يوفنتوس يقيل تودور بعد أسوأ سلسلة نتائج منذ 2009    أوعى «الوعي» !    مشهد صادم على الطريق.. سائق ميكروباص يدخن "شيشة" وهو يقود في الإسكندرية    اليوم.. عزاء شقيق فريدة سيف النصر بمسجد عمر مكرم    بيان من مستشفى بدر الجامعى بحلوان بشأن حادث طريق القاهرة السويس    مراسل القاهرة الإخبارية: الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة ما زالت بالغة الصعوبة    أول صورة لضحية حادث تصادم سيارتين ملاكي وتريلا في قنا    رئيس الوزراء يتابع مع محافظ بورسعيد عددًا من المشروعات الاستثمارية الجاري تنفيذها في المحافظة    مفتي الجمهورية: الجماعات المتطرفة توظف العاطفة الدينية للشباب لأغراضها الخاصة    وزير الثقافة يشهد احتفالية اليوم العالمي للتراث غير المادي (صور)    إنفوجراف| تصريحات ترامب فور وصوله مطار طوكيو خلال جولته الآسيوية    فينيسيوس: لانريد الإساءة للاعبين شباب أو للجماهير.. وعلينا أن نستمتع قليلا    المشاط: الإحصاءات تُمثل ركيزة أساسية في صنع القرار ودعم مسيرة التنمية    وزير العمل: إصدار القانون الجديد محطة فارقة في تحديث التشريعات الوطنية    عاجل بالصور الصحة: إنقاذ ناجح لسائحة إسبانية أصيبت داخل هرم سنفرو المنحني بدهشور    علاج 1674 مواطنا بقافلة طبية بالشرقية    بكام الطماطم النهارده؟.. أسعار الخضراوات والفاكهة فى الوادى الجديد    هل ستتعرض القاهرة الكبري لأمطار خلال الساعات المقبلة ؟ الأرصاد تجيب    شيخ الأزهر في القمة العالمية للسلام بروما: لا سلام بالشرق الأوسط دون إقامة الدولة الفلسطينية    شيخ الأزهر: الحروب العبثية كشفت انهيار النظام الأخلاقي في العالم    «الرقابة الصحية» تعقد الاجتماع الأول لإعداد معايير اعتماد مكاتب الصحة والحجر الصحي    دعاء الحج والعمرة.. أدعية قصيرة ومستحبة للحجاج والمعتمرين هذا العام    بعد قليل.. محاكمة المتهمين ومصور فيديو الفعل الفاضح أعلى المحور    مدير معهد الآثار الألماني: نتطلع بفرح غامر إلى الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير    سيراميكا كليوباترا: نسعى للاستمرار على قمة الدوري.. وهدفنا المشاركة القارية الموسم القادم    غزل المحلة: الأهلى تواصل معنا لضم ثلاثى الفريق الأول.. ولكن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ورقة وقلم
من أوراق لقاءين بينهما 65 شهراً
نشر في أخبار الحوادث يوم 27 - 08 - 2016

أرجع إلي ما دونت فى أوراقى منذ 65 شهراً مضت عن أول لقاء لى مع اللواء عبدالفتاح السيسى مدير المخابرات الحربية.
أقارن ما قاله يومها بعد بضعة أسابيع من انفجار ثورة 25 يناير، بما سمعته منه الأسبوع الماضي، أثناء لقاء الساعات السبع مع رؤساء تحرير الصحف القومية، بعد 26 شهراً قضاها فى منصب رئيس الجمهورية.
نفس الرؤية وجدتها. نفس النهج فى التفكير، ونفس الروح الوثابة.
حتى التفاؤل لم يفتر.
فإذا كانت يده الآن فى قلب النار، فإنها حينئذ لم تكن فى الماء البارد.
غير أن فروقاً جوهرية بين ما قيل فى اللقاءين.
فى اللقاء الأول كان السيسى يتحدث عن مخاطر محدقة بالبلاد. عن دولة تتداعى أعمدتها وبعضها تهاوي، عن أحلام وئيدة وآمال فى المخيلة، عن طموحات لا تدفعها قدرات الواقع، عن شعاع ضوء نتلمسه فى نهاية نفق مظلم، عن بسطاء عاشوا 40 عاما دون سند.
أما فى اللقاء الثاني.. فصار يتكلم عن تحديات، لا عن مخاطر. عن أعمدة دولة تشتد ومؤسسات تترسخ. عن إنجازات كانت أحلاما من خيال. عن تطلعات تعززها قدرة الإرادة. صار يتكلم عن درب لا عن نفق. عن أفق تضيئه شمس تشرق، لا عن بصيص ضوء يطل من ثغرة جدار بعيد. صار يتكلم عن بسطاء، يودعون العشش إلى منازل، وآخرين فقراء وأيتام وأرامل كانوا بلا دخل، امتدت إليهم يد بلدهم لتغطى 2٫5 مليون مصرى منهم بمعاش الضمان، وغيرهم من كبار السن والأسر البسيطة التى تعول تلاميذ منتظمين فى مدارسهم أو أبناء من ذوى الاحتياجات الخاصة، تعاونهم مصرهم بمعاش كرامة وتكافل، الذى تتسع مظلته من نصف مليون أسرة إلى مليون بعد 4 أشهر، ثم مليون ونصف المليون أسرة فى غضون عام.
صار يتكلم عن كبرياء يخفف المعاناة، بعدما كان يتحدث عن إذلال العوز.
الحال فى مصر، لا يراها السيسي، على نحو ما قال أمير الشعراء فى أندلسيته: »الوصل صافيةٌ، والعيش ناغيةٌ، والسعد حاشيةٌ، والدهر ماشينا«.
الرجل يدرك قبل غيره، أن هناك بيننا من يخاصم الوطن ويقطع ما أمر الله به أن يوصل، وأن هناك من يعانى ويكابد ليجد لقمة العيش، يعلم أن السعادة لا تظلل كل أيامنا، لكنه يؤمن بأن الدهر معنا يرعى خطانا.
لا ينظر السيسى إلى المليء فى الكوب ويغفل الباقي، إنما عيناه أيضا على الفارغ ليملأه. يحسب من أين سنملأ، وكيف، ومتي، وما هى التكلفة؟
بعضنا يكتفى بالجزء المملوء ويقنع، فيستكثر على بلده أن تطمح. وبعضنا لا يرى إلا الجزء الفارغ، ولا يريد لسواه، أن يرى غير ما يراه، فيبخس المصريين أشياءهم وينشر الإحباط بين الناس.
غير أن الكثيرين منا نسوا أن الكوب نفسه كان مختطفا!

فى أوراقى عن اللقاء الأول، أطالع ما سرده اللواء السيسى طيلة 45 دقيقة دون انقطاع أمامى وثلاثة من كبار المثقفين، بحضور ثلاثة غيره من أعضاء المجلس الأعلى لقواتنا المسلحة.
يومها، قدم السيسى عرضا مفصلا للوضع الاستراتيجى للبلاد، أمنيا واقتصادياً وسياسياً داخلياً وخارجياً، وأعطى مفاتيح حلول، لو استعين بها حينذاك، لكان الطريق أقل وعورة والتحديات أيسر فى الاجتياز.
فى اللقاء الثاني.. لم يختلف ترتيب الأفكار، والإمساك بالخيوط، والإلمام بالقضايا، وصراحة الإيضاح رغم علنية الحوار. كل الذى اختلف أن بيديه الآن مفاتيح الحلول، يضعها فى مغالق أبواب، بعضها لم يقترب منها أحد، رغم الإدراك بأنها لو بقيت موصدة، لن نقدر فيما بعد على أن نفتحها ولا أن نفتح غيرها!
أمسك السيسى منذ اليوم الأول بالمفاتيح يضعها فى كل الأبواب معا، ليفتحها جميعا.
البعض فى الداخل يلوم الرئيس على ما يجب أن يكون موضع إعجاب، وهو سرعة الخطو وتسارع الإيقاع واتساع مجال التحرك!
فلقد تعايشوا عقودا مع تكلس ورخاوة همة.
الذى ينجزه السيسى الآن هو لحاق بماض أهدرنا سنواته بدداً من أجل بلوغ مستقبل كنا نتحدث عنه ولا نسعى نحوه.
الأمم الكبرى من حولنا تتقدم بسرعة، فإذا بقينا على خطونا، ستزداد الفجوة وتتسع. ولن تضيق المسافة لنلحق بتلك الأمم، إلا إذا أخذنا بنهج عدائى التتابع.
البعض فى الداخل يسأل: لماذا المشروع القومى للطرق، مع المواني، مع المطارات، مع كل هذا العدد من محطات الكهرباء، مع المدن الجديدة، مع العاصمة الإدارية، مع مشروع المليون ونصف المليون فدان، مع المزارع السمكية، مع مشروع المائة ألف صوبة، ومزرعة المليون رأس ماشية، مع مصانع سيناء ومزارعها، وقبل ذلك ومن بعده قناة السويس الثانية، ومشروع محور تنمية منطقة القناة؟
البعض يقول: ألم يكن أولى بنا أن ننفق هذه المليارات الضخمة على تحسين حياة البسطاء ومحدودى ومتوسطى الدخل، وتطوير الصحة والتعليم، وأن نرجئ تلك المشروعات إلى حين ميسرة؟!
مع أولئك الحق فى السؤال، ومع هؤلاء الحق فى تساؤلهم.
فلو كان المسئولون يقدمون المعلومات ويحسنون الشرح بلغة المواطن ولو كان الإعلام - فى معظمه - منشغلا بهموم الوطن بنفس قدر اهتمامه بصخب فارغ المحتوي، لما كان عند حسنى النية أسئلة مثل هذه ولا تساؤلات كتلك وتكفينا أكاذيب سيئى النية!
لا يعرف المتسائلون حجم وتفاصيل ما جرى لتحسين حياة البسطاء والطبقات محدودة الدخل خلال العامين الماضيين ولا المشروعات الجارى تنفيذها من أجلهم. بدءا من معاش كرامة وتكافل الذى أشك أن كثيرين لديهم علم به، إلى مد مظلة معاش الضمان، إلى تطوير أكثر من ربع القرى الأكثر فقراً وتغيير معالمها، إلى إنشاء 170 ألف شقة لإسكان نحو مليون أسرة من قاطنى العشش وعزب الصفيح وسفوح الهضاب وقمم التلال المهددة بالسقوط، إلى مشروع الإسكان الاجتماعى الذى يستهدف إنشاء مليون شقة مدعمة فى عامين يقطنها ما بين 4 إلى 5 ملايين أسرة فى تجمعات عمرانية مجهزة بالملاعب والمدارس والوحدات الصحية والمراكز الاجتماعية ثم زيادة الحد الأدنى للمعاش الشهرى من 200 و300 جنيه إلى 500 جنيه، على ألا تقل زيادته السنوية عن 125 جنيها.
أما عن التعليم والصحة، فيجرى إنشاء 4 آلاف مدرسة فى عامين لخفض كثافة الفصل من 70 تلميذا إلى 45 تلميذا، وإلغاء الفترة الدراسية المسائية. كما يجرى تحديث وتطوير واستكمال وإنشاء مستشفيات عامة ومركزية ووحدات صحية. ومع هذه الإنشاءات يتم الإعداد لمشروع شامل للنهوض بالتعليم والرعاية الصحية وفق خطة لا يمكن أن تتم بين يوم وليلة.
لا يعرف المتسائلون أن 600 مصنع من الألف مصنع التى كانت متوقفة عن الإنتاج، عادت ماكيناتها إلى الدوران أو فى طريقها إلى التشغيل.
لا يعى المتسائلون، ولم يجدوا الشرح الوافى عن جدوى الانطلاق فى مشروعات البنية الأساسية والمشروعات الكبري.
فإذا كنت تريد تحسين حياة الناس وتشغيل أبنائهم والنهوض بالاقتصاد، عليك أن تزيد من الإنتاج الصناعى والزراعى فى البلاد وأن تتوسع فى التصدير، وعليك أن تجذب الاستثمارات المحلية والخارجية المباشرة.
إذا أردت مصانع ومزارع، عليك أن توفر لها الطاقة لتشغيلها سواء كهرباء أو غاز، لذا كان لابد من إنشاء محطات الكهرباء العملاقة وتنويع مصادر توليدها، وكان لابد من استيراد الغاز والتوسع فى اتفاقات الكشف عن النفط والغاز الطبيعى.
عليك أن تشق الآبار فى أراضى الاستصلاح وتطلق مشروع المليون ونصف المليون فدان كمرحلة أولى من مشروع استصلاح 4 ملايين فدان، تعادل قرابة نصف المساحة المنزرعة على أرض مصر.
عليك أن تشق الطرق إلى المصانع وأماكن الزراعات، ومنها إلى الموانى والمصانع. عليك أن تنشئ طرقاً جديدة ومحاور خارج الكتل السكنية تربط المحافظات، وتؤدى إلى تقليل الفاقد فى الوقت، وأن ترفع كفاءة الطرق المتهالكة فى الوادى والدلتا.
عليك أن تقيم مطارات جديدة كتلك التى أوشكت على الانتهاء فى شرق القاهرة وغربها وفى المليز بسيناء.
إذا أردت أن تكون مصدر جذب للاستثمارات، عليك أن تستغل المواقع الاستراتيجية على أرضك وأهمها منطقة قناة السويس، فتحفر القناة الجديدة لتقليل زمن مرور السفن وتتهيأ لنمو حركة التجارة العالمية، ولا تنتظر أوان نموها حيث لن تكون التكلفة حينئذ فى مقدورك.
عليك أن تستثمر وجود منطقة قناة السويس فى ملتقى قارات أفريقيا وآسيا وأوروبا، وتقيم فيها واحدة من أكبر المناطق الصناعية واللوجيستية فى العالم، وتزودها بالكهرباء والمياه والغاز وتمد إليها شبكة الطرق وتقيم من حولها موانى جديدة لاستيعاب حركة استيراد الخامات وتخزين البضائع وتصدير السلع والمنتجات.
إذا أردت معدلات تشغيل عالية لاستيعاب البطالة فى ظل حقيقة أن المصانع والمزارع لا تبدأ الإنتاج قبل 3 سنوات من تدشينها، عليك بتشجيع مشروعات البنية الأساسية، فمنها توفر فرص عمل كثيفة تستوعب المتعطلين وتزيد دخول الأسر، ومنها تهيئ المجال لإنشاء المشروعات الإنتاجية وجذب الاستثمارات.
إذا أردت تخفيف كثافات المدن فى العاصمة والوادي، عليك بالخروج للظهير الصحراوى، وإنشاء مدن جديدة كتلك التى يجرى التخطيط لها فى الصعيد أو التى انتهى إنشاؤها فى منطقة القناة، أو كالعاصمة الإدارية التى ستنتقل إليها أجهزة الحكم من وزارات وبرلمان ورئاسة.
فى هذه الحالة، فإنك تخفف من الازدحام الهائل فى العاصمة وعواصم المحافظات، وتوفر مساكن ومصادر رزق للملايين، وتستوعب زيادة سكانية سنوية تزيد على مليونى نسمة.
أما عن التكلفة الهائلة لهذه الإنشاءات، فسوف تستعاد من ثمن بيع الأراضى الصحراوية التى كانت بلا قيمة، وسيصبح سعر المتر المربع فيها ما يقارب الألف جنيه أو يزيد بعد إدخال المرافق إليها وظهور معالمها. ويكفى أن نقول: إن تكلفة كل ما يجرى من مشروعات على أرض مصر وما يتم تنفيذه خلال العامين المقبلين يقدر بنحو 1040 مليار جنيه، بينما العائد المتوقع من ثمن بيع أراضى المدن الجديدة يتجاوز 1200 مليار جنيه.
- والسؤال.. هل بعد هذا، باتت كل الظروف مهيأة لجذب الاستثمارات؟
الإجابة: إنه مازالت هناك عقبات رغم المزايا التى يتيحها قانون الاستثمار الموحد، أهمها البيروقراطية المقيتة فى الجهاز الإدارى، لذا كان من الضرورى إصدار قانون الخدمة المدنية الجديد، وكذلك تفاوت سعر الدولار بين البنوك والسوق الموازية أو السوداء، لذا لابد من اتخاذ إجراءات نقدية لإنهاء هذه المشكلة فى غضون الأشهر المقبلة.
- سؤال آخر.. إذا كنا نسير على الطريق الصحيح، ونمضى على طريق إنجاز مشروعنا الوطنى فى مساره الاقتصادى والتنموى بخطى سريعة، لماذا إجراءات الإصلاح الاقتصادى، وخطة رفع الدعم عن الكهرباء والوقود التى بدأت منذ عامين وتستمر 3 أعوام مقبلة؟
الإجابة: إننا نعانى من عجز بين ايرادات الدولة ومصروفاتها يبلغ نحو 300 مليار جنيه، وكلما زادت المصروفات عن الايرادات، زاد الاقتراض الداخلى عاماً بعد عام حتى وصل إلى 2,3 تريليون جنيه، بنسبة 97٪ من الناتج المحلى، وهو مرشح للزيادة بمعدلات كبيرة لو لم تتم إجراءات الإصلاح. لذا كان لابد من خطة خفض المصروفات فى دعم الكهرباء والوقود، ليقتصر على المستحقين، ولا يستفيد منه الأثرياء والميسورون، مع إجراءات أخرى فى هذا المجال. وكان لزاماً أيضا النظر فى زيادة ايرادات الدولة من خلال تحسين مستوى تحصيل الضرائب، ووضع مشروع قانون القيمة المضافة، وتطوير كفاءة جهاز الجمارك، والنهوض بالقطاعات الاقتصادية فى الدولة للحد من خسائرها وتحديث أدواتها وزيادة مواردها بما يزيد من إيرادات الدولة.
- سؤال ثالث.. هل يشعر الرئيس بمعاناة الشعب من الغلاء، هل يعلم أن الإجراءات الإصلاحية ستؤثر حتما على الطبقات محدودة الدخل والمتوسطة؟
الإجابة: الرئيس السيسى لا يقيم فى برج عاجى بمعزل عن المواطنين.. هو لا يعتبر نفسه رئيساً وإنما مواطن بسيط بين بنى وطنه البسطاء.
يعرف قطعاً أن الشعب، خاصة الفقراء ينظرون إليه كمنقذ جاء ليرفق ويحنو.
يعلم الرئيس أن المغالاة والجشع، هما سببان رئيسيان فى ارتفاع الأسعار بجانب أسباب أخرى. لذا كلف القوات المسلحة بمهمة إقامة منافذ توزيع اللحوم والسلع الغذائية على المواطنين بأسعار مناسبة. وبدأ فى الأسبوع الماضى خطة جديدة للتوسع فى هذا المجال من أجل قطع الطريق على الجشعين وضبط الأسواق. المزارع السمكية التى سيتم افتتاح باكورتها خلال أسابيع، هدفها توفير الأسماك الرخيصة للمواطنين، وتخفيف الضغط على اللحوم والدواجن، ومن ثم خفض أسعارها. ومزرعة المليون رأس ماشية، هدفها توفير اللحوم للمواطنين بأسعار منضبطة بعيداً عن السماسرة والوسطاء.
الدعم على الكهرباء لم ينقطع عن الطبقات البسيطة والمتوسطة وفوق المتوسطة. يتراوح الآن ما بين 28 جنيها وقرابة مائتى جنيه للأسرة.
بوضوح قال الرئيس فى حواره مع رؤساء التحرير: حرصى على الغلابة لا يدانيه حرص. ولن أترك محدودى الدخل والطبقات المتوسطة فريسة لضغوط إجراءات الإصلاح، وندرس الآن كيف نقلل تأثيرات الإصلاح على محدودى الدخل ومتوسطى الحال.
ومعلوماتى أن هناك خطوات وقرارات ستعلن خلال الفترة القليلة المقبلة لتخفيف الضغوط ورفع وطأة المعاناة وكبح الغلاء وضرب المغالاة.

هذه هى الصورة بأبعادها وبعض تفاصيلها فى الداخل المصرى.
أما فى الخارج، فهناك من يرقب ما يدور على أرض مصر، والنهج الذى اختطه السيسى، على طريق إنجاز المشروع الوطنى المصرى لبناء الدولة المصرية الثالثة الحديثة.
ليس سراً، أن استقلال القرار الوطنى لا يروق البعض ممن يتوهم أن مصر بمكانتها وثقلها وكبرياء شعبها يمكن أن تظل دولة تابعة.
البعض يتابع ما يدور فى غير ارتياح. فتطوير الجيش المصرى معناه إكساب مصر مزيداً من الحصانة فى مواجهة التهديدات الخارجية ومزيدا من المنعة تجاه محاولات ضرب الجبهة الداخلية، كما يعلى من مكانتها وثقلها فى المعادلة العربية والإقليمية. ويبدو أن هناك من لا يروقه ذلك.
ثم إن مشروع النهوض الاقتصادى المصرى، سيزيد من القدرات الشاملة للدولة، وسيرفع من مستوى معيشة شعبها، وسيوفر مظلة أوسع لاستقلال القرار، وحماية أكبر من تأثير الضغوط.
البعض فى الخارج، لا يريد المشروع الوطنى المصرى نموذجاً فى منطقة مضطربة، ولا يريد للرئيس السيسى أن يكون مثالا لشعوب وقادة آخرين.
المتتبع لما يكتب خارجيا، ولما يقال تلميحاً فى بعض المحافل، يرصد رغبة عارمة لدى قوى فى الخارج، بألا يكمل السيسى مدة رئاسته الأولى، فإذا أكملها لا يترشح لمدة ثانية، فإذا لم يترشح عليه أن يعلن من الآن قراره.. وكأن مصر جمهورية موز تديرها شبكات مصالح وأجهزة خارجية!
فى ظل هذا الذى لا يمكن إغفاله، كان سؤالنا للرئيس السيسى، الذى بدا مبكراً فى توقيته، عن قبوله للترشح لمدة ثانية إذا طالبه الشعب.. وكانت إجابته هى أنه رهن إرادة الشعب حيثما يريد، مثلما جرى حين استجاب لنداء الشعب فى الثالث من يوليو، وقبل الترشح للرئاسة فى المرة الأولى.

فى أوقات المعارك.. لا يذكر الضابط أو القائد رتبته وإنما يقدم نفسه بأنه المقاتل فلان. ولعلنا لاحظنا فى العامين الماضيين، أن القادة والضباط المشرفين على المشروعات الوطنية، يقدمون أنفسهم بأنهم مقاتلون. فنحن فى معركة مجالها الحماية مع البناء.
فى اللقاء الأول.. كان اللواء السيسى يصف نفسه وزملاءه بأنهم مقاتلون من أجل مصر فى معركة إنقاذ الدولة.
وفى اللقاء الثانى.. تحدث الرئيس السيسى عن نفسه بلغة المقاتل. ذخيرته هى كبرياؤه وشرفه، وسنده هو الشعب.
لا يتوقف عن القتال طالما كان الشعب فى ظهره يسانده.
مثلما الشعب ينظر إليه كسند، وظهير، وزارع أمل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.