مواقع التواصل تلهب الشارع بالمسيرات والإجراءات الأمنية كشفت دراسة حديثة أن مواقع التواصل الاجتماعي وعلي رأسها "فيسبوك" تعد المحرك الأساسي من وجهة نظر النخبة المصرية للتظاهرات التي تندلع في أثناء الأزمات السياسية التي تشهدها البلاد، وأوضحت الدراسة التي جاءت تحت عنوان "استخدامات الشبكات الاجتماعية في تعبئة الرأي العام أثناء الأزمات السياسية الطارئة"، وأعدها كل من الباحثين محمود لطفي وهاجر شعبان أن 89٪ من النخبة يرون بشكل مؤكد أن للشبكات الاجتماعية دورا في حشد التظاهرات أثناء هذه الأزمات. يعزز فكرة أهمية هذه الدراسة ما يشير إليه باحث الدكتوراه بقسم الإعلام في كلية الآداب جامعة جنوب الوادي محمود لطفي، حين يقول: انتشار الشبكات الاجتماعية عربياً وعالمياً بات ظاهرة لافتة، إذ حظيت باهتمام الأوساط السياسية والثقافية والإعلامية، وذهب البعض إلي وصفها بأنها القوي العظمي القادمة في مجال الإعلام الإلكتروني، بخلاف كونها منافسا خطيرا لوسائل الإعلام التقليدية، بقدرتها علي لفت الأنظار إليها سريعاً والتفاعل من خلالها مع مختلف القضايا، ويتواكب ذلك مع تأكيد أستاذ القانون في جامعة "جورج واشنطن" الأمريكية جيفري روزين علي أن "مستقبل حرية التعبير عن الرأي سيحددها صناع القرار في شركات مثل جوجل وفيسبوك وكومكاست وليس من قبل الساسة والسلطات القضائية في عدد من دول العالم". في حين تري المعيدة وباحثة الماجستير بقسم الإعلام في كلية الآداب بجامعة المنيا هاجر شعبان، أن أهمية هذه الدراسة التي شاركت في إعدادها تأتي من منطلق تزايد الأزمات في المجتمعات المعاصرة التي تتجه نحو التعقيد في ظل وجود العديد من الأطراف وجماعات المصالح التي تتشابك مصالحها في أحيان كثيرة وتتضارب في أحيان أخري، ما يدعو الباحثين إلي البحث الجاد لإيجاد طرق لتنظيم المجتمع وأساليب الاتصال ووسائل الإعلام فيه. انطلاقاً من أهمية الشبكات الاجتماعية وتوظيفها في تشكيل الرأي العام لدي المستخدمين، ونظراً إلي أهمية مواقع الشبكات الاجتماعية في جذب الجمهور إليها وقدرتها في التأثير عليهم، ومن خلال متابعة التطور الملحوظ للدور الذي تقوم به هذه الشبكات في التأثير وتشكيل الرأي العام لدي الجمهور، يتضح ذ كما يؤكد الباحثان - أنها تؤدي دوراً مهماً يجب أن يدرس للتعرف علي حجمه، ومدي تأثيره وقدرته وبخاصة وقت الأزمات، إذ يمكن حينئذ بلورة وتحديد المشكلة البحثية في معرفة الدور الذي تقوم به مواقع الشبكات الاجتماعية في تعبئة الرأي العام المصري، بالتطبيق علي النخبة المصرية نموذجاً، أثناء الأزمات السياسية الطارئة. وتكمن أهمية الدراسة في كونها من الدراسات المحدودة التي تناولت دور الشبكات الاجتماعية في تعبئة الرأي العام أثناء الأزمات السياسية الطارئة، كما أن الخلافات السياسية والنزاعات الحزبية خلال هذه الفترة العصيبة التي تمر بها مصر، موضوع مهم يجب دراسته، إلي جانب ارتباط مواقع التواصل بالأحداث والظواهر الكبري في المجتمعات العربية عموماً، كالدعوة للإضراب والاعتصامات ورصد الأزمات المختلفة. وتعتمد هذه الدراسة منهج المسح لتحقيق أهداف الدراسة والإجابة علي تساؤلاتها واستخلاص نتائج تفسيرية ذات دلالة منها، حيث تتضمن الدراسة مسحاً ميدانياً لعينة من النخبة المصرية، باتباع أسلوب العينة المتاحة available sample أوالملائمة convenience sample ويقوم هذا الأسلوب علي اختيار الأفراد الذين يمكن الوصول إليهم وتطبيق الاستبيان عليهم، بحيث يمثلون مجتمع الدراسة، وقد بلغت هذه العينة 100 فرد من النخبة المصرية مقسمة بالتساوي بين النخبة الإعلامية والأكاديمية، بنسبة ذكور 66٪ مقابل 34٪ من الإناث. وكشفت النتائج أن 79٪ من أفراد العينة يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي دائماً، ويعود هذا التفوق في نسبة الاستخدام إلي التفوق التكنولوجي الهائل الذي اعتمدت عليه هذه المواقع، وأكد بعض المبحوثين أن الاشتراك في مواقع التواصل بات من الأمور الأساسية في حياة الشباب، والتي تشغل معظم أوقات فراغهم والآن أصبحت أداة سياسية مهمة، كما أن نسبة 54٪ يستخدمون مواقع التواصل يومياً، و21٪ يستخدمونها ثلاثة أيام أسبوعياً، و15٪ يستخدمونها خمسة أيام أسبوعياً، و9٪ يستخدمونها أقل من ثلاثة أيام، ويرجع تفوق الاستخدام الأسبوعي إلي تطور التليفون المحمول حيث يمكنه الدخول علي الإنترنت ومواقع مثل تويتر وفيسبوك ويوتيوب والتطوير المستمر للمواقع الاجتماعية لتقديم أفضل الخدمات للمستخدمين عن طريق المحمول. وعلي مستوي الاستخدام اليومي كشفت الدراسة أن نسبة 39٪ من أفراد العينة يستخدمون مواقع التواصل من ساعة إلي أقل من ثلاث ساعات يومياً، و28٪ منهم يستخدمونها من ثلاث ساعات إلي أقل من خمس ساعات يومياً، و21٪ منهم يستخدمونها خمس ساعات فأكثر، و11٪ يستخدمونها أقل من ساعة، ما يشير إلي أن معظم أفراد العينة يستخدمون المواقع الاجتماعية من ساعة إلي أقل من ثلاث ساعات يومياً. وفيما يتعلق بأسباب ودوافع استخدام النخبة لمواقع التواصل الاجتماعي، جاء في المرتبة الأولي أن الشبكات الاجتماعية مصدر مهم للمعلومات عن القضايا المختلفة بنسبة 58٪ تلاها في المرتبة الثانية مناقشة القضايا السياسية والاجتماعية بنسبة 51٪ ثم دافع استخدامها لتبادل ومشاركة الأفكار مع مستخدمين آخرين بنسبة 49٪ وجاء دافع تكوين رأي عام نحو القضايا السياسية والاجتماعية في المرتبة الرابعة بنسبة 38٪ وفي المرتبة الخامسة جاء دافع استخدامها لأنها تساعد علي النقاش مع الآخرين بشأن القضايا المثارة بنسبة 36٪، ثم دافع تكوين صداقات من مختلف دول العالم في المرتبة السادسة بنسبة 35٪. وفي المرتبة السابعة جاء دافع قضاء وقت الفراغ بنسبة 34٪، تلاه دافع استخدامها كوسيلة تعليمية تساعد في القيام بالأبحاث والتكليفات بنسبة 32٪، ثم البحث عن مستخدمين يتشاركون نفس الاهتمامات بنسبة 24٪، بينما إشباع غريزة حب الاستطلاع بنسبة 23٪، والحصول علي المتعة والتسلية بنسبة 19٪، وفي المرتبة الأخيرة جاء دافع استخدامها لتشكيل الوعي لما يدور من أحداث وأزمات سياسية بنسبة 31٪. وتوصلت الدراسة إلي أن الشبكات الاجتماعية مصدر معلوماتي مهم تعتمد عليه النخبة المصرية في استنباط المعلومات ومتابعة الأخبار والأحداث، حيث إن 42٪ من عينة الدراسة تعتبر مواقع التواصل مصدراً للمعلومات، لكن يسبقها مصادر أخري أكثر أهمية، والنسبة لمدي ثقة النخبة المصرية في المعلومات حول الأزمات السياسية الطارئة عبر الشبكات الاجتماعية، اعتبر 87٪ أنه يثق في المعلومات عبر مواقع التواصل بدرجة متوسطة، وأكد 8٪ منهم ثقته بدرجة كبيرة فيها، و5٪ منهم لا يثق فيها. وعن أسباب ثقة النخبة في الحصول علي المعلومات حول الأزمات السياسية الطارئة عبر الشبكات الاجتماعية، جاء في المرتبة الأولي أن محتوياتها متنوعة ومواكبة للأحداث بنسبة 55٪، وفي المرتبة الثانية جاء سبب أنها سهلة الوصول إليها بنسبة 43٪، وفي المرتبة الثالثة جاء سبب أنها تغطي وتعرض كل ما هو جديد في القضايا المختلفة بنسبة 35٪، وجاء سبب أنها تمتلك إمكانيات تسهل عملية التواصل في المرتبة الرابعة بنسبة 31٪، بينما جاء سبب أنها تغطي جميع جوانب الموضوعات التي تثيرها في المرتبة الخامسة بنسبة 21٪، وجاء في المرتبة السادسة سبب أنها تقدم أدلة كافية خاصة بالخبر أو الحدث في المرتبة السادسة بنسبة 21٪، في حين جاء سبب عمق معالجتها للموضوعات التي تقدمها في المرتبة السابعة والأخيرة بنسبة 13٪. أما أبرز النتائج التي توصلت إليها الدراسة، فهي ارتفاع آراء النخبة المصرية التي تؤكد أنه كان للشبكات الاجتماعية دور في تجميع وحشد التظاهرات الميدانية أثناء الأزمات السياسية الطارئة، حيث وصلت نسبة الذين أجابوا بنعم 89٪، بينما الذين نفوا هذا الدور وصلت نسبتهم إلي 11٪، وهذا يؤكد أنه كان للشبكات الاجتماعية دور في تجميع وحشد التظاهرات أثناء الأزمات السياسية الطارئة، إذا ما قورنت بباقي وسائل الإعلام الأخري، حيث كانت توجد دعوات صريحة للتظاهر والاحتجاجات. وجاء "فيسبوك" علي رأس أهم مواقع التواصل الاجتماعي التي لعبت دوراً أكبر في الإمداد بالمعلومات حول الأزمات السياسية الطارئة، تلاه موقع "يوتيوب"، كونه يتضمن الكثير من مقاطع الفيديو عن الأزمات السياسية والاشتباكات والاحتجاجات والتظاهرات التي ترتبت علي هذه الأزمات، ثم موقع "تويتر". وبخصوص شكل المشاركة الإلكترونية للنخبة عينة الدراسة حول الأزمات السياسية عبر الشبكات الاجتماعية، جاءت في المرتبة الأولي الدخول في نقاشات مع الأصدقاء حول الأزمات بنسبة 77٪، وفي المرتبة الثانية جاء إبداء الرأي حول الأزمات بنسبة 56٪، بينما جاء إضافة تعليقات خاصة بالأزمات في المرتبة الثالثة بنسبة 48٪، ثم تلاها نشر صور وفيديوهات خاصة بالأزمات بنسبة 34٪، وفي المرتبة الأخيرة جاء نشر أخبار خاصة بالأزمات بنسبة 28٪. ويمكن تفسير هذه النتيجة في ضوء الدور الرئيسي لمواقع الشبكات الاجتماعية عبر شبكة الإنترنت وهو تحقيق التفاعل والتواصل الاجتماعي.