إن المشهد السياسى فى مصر يزداد سوءا كل يوم، فلم يعد أحد قادرا على توقع مجريات الأمور وما زاد الطين بلة تصريحات المشير الأخيرة الخاصة بضرورة سرعة كتابة الدستور قبل انتخاب الرئيس، وهذه التصريحات تنذر بسوء. إن المشهد السياسى لا يحتمل مزيدا من الالتباس والضبابية، لقد طالت الفترة الانتقالية وزادت مساوئها ودفعت البلاد ثمنا باهظا لتخبُّط المجلس العسكرى وفشله فى إدارة الأمور، ويتطلع المصريون فى هذا الوقت إلى انتخاب رئيس يضمد جراح آلامها ويلملم شتاتها ويضع مصر على بداية الطريق، بعيدا عن سيطرة الجيش على الحكم وفشل الحكومة فى احتواء الأزمات.. إن الحديث عن سرعة كتابة الدستور سيؤدى بنا، إما إلى سلق الدستور وإما إلى تأخر الانتخابات الرئاسية، وكلا الأمرين مُر ولن يقبله الشعب، والأمرُّ منه هو استمرار المجلس العسكرى فى التلاعب بإرادة الشعب وتغيير كروت اللعبة السياسية فى كل لحظة.. إذا جاء القرار على هوى المجلس العسكرى قال لنا إن ذلك احترام لاستفتاء مارس واختيار الشعب، وإذا جاء القرار ضد هوى المجلس تحلل من أى التزامات خاصة به، بل وتبرأ منه.. والكل يحمِّل القوى الإسلامية تبعات ما يحدث الآن، فهم من حشدوا الجهود لصالح هذه التعديلات ومؤخرا اعترفت بعض قوى الإسلام السياسى -منها الجماعة الإسلامية- بخطئها فى التصويت بنعم.. كما نتذكر جميعا ما طرحته بعض قوى الثورة منذ أكثر من عام من تكوين مجلس رأسى انتقالى أو اختيار رئيس مؤقت، وهو بالطبع ما رفضه المجلس وتصدت له التيارات الإسلامية ولكن ما يشغلنى الآن هو أن نقف صفا واحدا أمام أى محاولة لتأجيل الانتخابات أو الدخول بمصر فى نفق مظلم يضع البلاد تحت تصرف المجلس العسكرى لوقت أطول، وبالتالى لخسائر أكثر.. لقد ثبت أنه لا أمل فى أن تنهض مصر من جديد إلا بعد انتخاب رئيس للبلاد على أن يتم ذلك بالتزامن مع كتابة دستور، حتى يأتى معبرا عن آمال الشعب ويليق بمصر ومكانتها.