يثرثر قادة جماعة الإخوان ورجلهم فى قصر الرئاسة عن إيمانهم بحق التظاهر السلمى، كأن التظاهر السلمى فى حاجة إلى إيمانهم به، لكن المشكلة الأصيلة أنهم يتعاملون مع المظاهرات إن حدثت كأنها مظاهرات للمظاهرات وفقط (الفن للفن)، كأن الذى يتظاهر إنما يتظاهر هواية وقضاء وقت وحبًّا فى المظاهرة لا رغبة فى تنفيذ مطالبه والاستجابة لهتافاته. عندما يصمّ الرئيس أذنيه عن هتافات التظاهر فإن الهتاف يتحول إلى صراخ، وعندما يغلق الرئيس عقله أمام الصراخ فإن الصراخ يتحول إلى عنف، وعندما لا يستوعب الرئيس مغزَى العنف يتحول العنف إلى فوضى، كما رأيناها وعشناها ونعيشها. هذا ما يفعله الدكتور مرسى مأمورا من جماعته.. وهذا ما ستدفع مصر ثمنه قطعا. هذا هو درس 25/13 الأهم. الرئيس فشل فى إدارة البلاد وسيفشل أكثر ما دام ملتزما بنفس السياسة الإخوانية وما دام كان سامعا طائعا لمكتب الإرشاد ونائبه. دعنى أذكِّره هو وجماعته، ولست عليهم بمسيطر، بأن ما ساقوه كذبا عن الرغبة فى إنهاء الدستور على عَجَل وعلى سلْق وعلى تزوير كان رغبة فى أن يستقر البلد، واليوم نسألكم: هل حقق الاستئثار والاستحواذ والاستبعاد والسلق والطبخ والتزوير استقرارا؟ هل الوعود الكاذبة والتصريحات الكذوبة والعهود المخالفة حققت استقرارا؟ إن عنف الإخوان المسلمين يرتد إلى نحورهم. إنهم مَن حشدوا رجالهم ومعهم بضعة من شباب أعماه حماسه وإخلاصه عن رؤية كذب الإخوان فى الميادين، يهددون بحرق البلد لو فاز منافس مرسى، وها هى نفس القاعدة تكررت من شباب الأولتراس فى مواجهة حكم محكمة لو جاء مخالفا لإرادتهم، وتكررت من شباب وشعب بورسعيد بنفس الطريقة. حين هدد الإخوان بمنتهى الصفاقة المحكمة الدستورية فإن الكل يهدد المحاكم. حين ظهرت ميليشيات الإخوان، ظهرت جماعات القناع الأسْود والكتلة السوداء. لقد بدأ الإخوان وحازموهم السَّواد فها هو يكتمل اليوم سوادًا على الجميع وعلى الإخوان قبل الجميع. حين هاجم الإخوان مقرات أمن الدولة جاء اليوم الذى يهاجم فيه الشباب من معارضى مرسى مقرات الأمن ومبانى المحافظات. الطريقة التى يحكم بها مرسى وجماعته البلاد سوف تغرق مصر فى فشل مؤكد. واستمرار واستمراء مرسى لهذا النهج انتحار سياسى. هذا هو درس آخر من دروس 25/13. ومع ذلك فإن مرسى الذى يجتمع مع مجلس دفاعه أو أمنه سوف يستمر فى طغيانه الانتحارى لأنه لا هو ولا كل أعضاء مجلسه يملكون قرارا، بل مالك وصانع القرار الوحيد هو صاحب سلسلة البقالة الذى يحكم مصر فعليًّا، وهو رجل لم يخرج من زنزانته حتى الآن ولن يخرج منها أبدا لأن زنزانته فى عقله!