طالب أساتذة قانون دستوري، وبعض مستشاري مجلس الدولة، والمحكمة الدستورية والنيابة الإدارية، بالحد من طغيان السلطة التنفيذية، على باقي السلطات التشريعية والقضائية، وفرض سياسة معينة لهدف “أسلمة" الدولة ومؤسساتها، مؤكدين أن تكرار بعض المواد الدستورية الخاصة بالقضاء، في الدستور الجديد لا تنم إلا عن "فقر" و"قلة خبرة" في كتابة النصوص الدستورية، مطالبين بباب أو فرع كامل لتوضيح الضمانات الكاملة لاستقلال القضاء داخل الدستور الجديد والوقوف يدًا واحدة ضد تغول السلطة التنفيذية، مؤكدين رفضهم لكل النصوص الدستورية الخاصة بالمحكمة الدستورية العليا، وفكرة القضاء الموحد. جاء ذلك في ختام الحلقة النقاشية التي عقدتها المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، يوم الخميس الموافق 18 أكتوبر تحت عنوان "السلطة القضائية في الدستور الجديد"، وكانت الجلسة الأولى بعنوان "قراءة لمجلس الدولة والمحكمة الدستورية العليا في الدستور الجديد". من جانبه، وصف المستشار حمدي ياسين، نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس نادي قضاة مجلس الدولة، الطريقة التي يتعامل بها أعضاء الجمعية التأسيسية، مع الشعب والقوى السياسية من الخارج، بأنها تسيطر عليها "سوء النية"، مشددًا على أن تكرار بعض المواد في الدستور ينم عن عدم الخبرة بالنصوص الدستورية لأعضاء الجمعية، مطالبًا بضمانات لعدم تغول السلطة التنفيذية على السلطة القضائية. وأكد ياسين أن هناك صراعًا كبيرًا داخل الجمعية التأسيسية للدستور، لفرض بعض المواد والأفكار ومنها فكرة القضاء الموحد، متجاهلين طبيعة أعمال القضاء واستقلال مؤسساته، مشددًا على أنها فكرة لم تعد تلائم تطور الحياة القضائية وضرورة أن يكون الدستور معبرا عن كل طوائف الشعب. وقال المستشار حسام مازن، وكيل مجلس الدولة أن المادة 184 بالدستور الجديد، التي تنص على عرض مشروعات القوانين المنظمة للانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية على المحكمة الدستورية العليا قبل الموافقة عليها يتم عرضها على رئيس الجمهورية أو مجلس النواب يعد مخالفًا لأحكام السلطة القضائية ومواد اختصاصها، لافتا إلى أن القرار يتم إصداره خلال 15 يومًا من تاريخ عرض مشروع القوانين وهذه المدة غير كافية لمناقشة تلك القوانين لاسيما عدم إخضاعها للرقابة أو اللائحة المنصوص عليها بالمادة 182 من الدستور. وأضاف مازن أن غياب المعايير في اختيار أعضاء المحكمة الدستورية يؤكد رغبة التيار الإسلامي في السيطرة على المحكمة الدستورية وتقليص الجهات المنوط بها اختيار أعضائها من 8 جهات إلى ثلاث جهات فقط هي النقض ومجلس الدولة ومحكمة الاستئناف. وجاءت الجلسة الثانية بعنوان "قراءة للنائب العام والنيابة العامة في الدستور الجديد". وأكد عبد الله قنديل نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية ورئيس نادي مستشاري النيابة الإدارية، أن النائب العام يعتبر مركزًا ووظيفة قضائية لها أهميتها في المجتمع، وقد حرصت الدساتير المختلفة على التأكيد أن رجال القضاة بما فيهم النائب العام جمعيا غير قابلين للعزل. ووصف قنديل قرار إقالة النائب العام بأنه قرار صادم ومخالف لقانون السلطة القضائية واعتداء على مبدأ استقلال السلطة القضائية، مؤكدًا أن الرئيس جعل من النائب العام موظفًا إداريًّا، قائلاً إن الإقالة بهذه الصورة تعتبر بمثل "مذبحة" ثانية للقضاة بعد المذبحة الأولى عام 1969 عندما نقل 162 قاضيًّا إلى وظائف إدارية ثم أعيدوا مرة ثانية. وانتقد قنديل الجمعية التأسيسية بقوة، مشيراً إلى أنها تدار بطريقة "استبدادية" مطلقة وبطريقة "ديكتاريوية" على حد قوله، فضلاً عن تشوهات كثيرة في المواد الدستورية الصادرة والركاكة في الأسلوب، مشيراً إلى أنه تم تجميع عدد من الشخصيات دون أن يكون لها وزن في الصياغة والأسلوب ووضعت تحت الجمعية التأسيسية، مشددًا على ضرورة وضع نصوص قوية تعبر عن الشعب. وطالب قنديل كافة جموع الشعب المصري بالاعتراض على الدستور الذي يتم صياغته حاليًّا، فهو لا يتلاءم مع مكتسبات ثورة 25 يناير لعام 2011، وجاء بعد ثورة مجيدة قام بها كل الشعب المصري ضد الحاكم المستبد. من جانبه، وصف المستشار محمد يوسف نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية إقالة النائب العام بأنها "مهزلة" فاضحة على حد قوله، متسائلاً كيف يتم استغلال الجمعية التأسيسية لتصفية حسابات مع قادة القضاء السابقين، ومن ثم ما حدث مع النائب العام هي "رشوة قضائية" في معناها، مشددًا على أن القضاة لهم وقفات عظيمة ومحترمة مع الشعب المصري نؤيدها بكل احترام.