لم نكتفِ بالتسوُّل من دول الخليج التى تحولت إلى احتلال لا يمكننا حتى التظاهر ضده والمطالبة بالاستقلال التام أو الموت الزؤام، ذلك لأن الثقافة الخليجية تحولت بقدرة قادر إلى الدين الإسلامى ذاته، ومع احترامى لكل الثقافات وتقديرى لها بوصفها إسهامات إنسانية حضارية لا يمكن لأحد أن يقلل من شأنها إلا إذا كان جاهلا أو مغرضا، فإن الثقافة تنشأ من البيئة المتناسبة معها، واستيرادها وإحلالها محل الثقافة الوطنية بهذا الشكل يحوّل الناس إلى مسخ مشوّه. ما الذى يجبرنا على استيراد ثقافة ما؟ اليد السفلى التى تتسول الإحسان، ولا تتعاون بندية واحترام، هناك فارق شاسع بين التعاون والتسول، ويبدو أن الدولة المصرية، باختلاف أنظمتها، سواء النظام المباركى، أو النظام المرسوى، نسبة إلى مرسى، أقصد الرئيس الدكتور الباشمهندز مرسى، حيث إنه مخلف عيال تاكل الحديد تاكل الظلط، وبيقولوا للى يقول مرسى: اسمه سيادة الرئيس يا بغل. وأنا مش عايزة حد يقول لى «يا بغلة»، يبدو أن هذه الأنظمة لا تستطيع التمييز بين التعاون والتسول، همّا راشقين فى تقليب الزبون أيا كان، ولا يجدون غضاضة فى أن يملى الزبون شروطه، واحنا مالنا هو حيمليها علينا؟ إنه سيمليها على هذا الشعب الذى أصبح ملطشة القاصى والدانى، وبتنا حتى لا نستطيع أن نعترض على انتهاك حقوق المواطنين المصريين العاملين بالخليج، أو المواطنين المصريين المقيمين بمصر ويعملون فى شركات خليجية، قال إيه؟ حفاظا على أرواح وأمن وسلامة وأكل عيش بقية العمالة المصرية فى الخليج... كلتكوا عقربة، تُجلد امرأة ويُسجن مواطن بتهم ملفَّقة ودول قاعدين يقولوا لك أكل عيشنا، ما انشالله ما كلت، كُلْ بعدين. ما زلنا نذكّر بالمواطن أحمد الجيزاوى الذى تتم محاكمته بتهمة ملفقة، لم يتمكن، حتى القضاء السعودى الشهير بفجاجته فى عدم النزاهة، من إثباتها عليه، بل إن الأحراز التى نسبت للجيزاوى والتى كان من بينها علب لبن جهينة، تبين أن تاريخ إنتاجها بعد تاريخ سفر المواطن الجيزاوى من القاهرة إلى جدة، الراجل بيهرب مخدرات فى آلة الزمن. لكن واحنا مالنا؟ مش السعودية بتدفع المعلوم، ووفد الشحاتة ذهب ونال الرضا، وكان يتزعمه الشيخ محمد حسان، اللى حاموت وأنا باسأل: فين الفلوس اللى لمّها؟ دلوقت بقيت كل ما اسأل يقولوا لى: ادعى له ده فى الإنعاش... لمّ الفلوس ودخل الإنعاش من ساعتها. لم نكتف بهذا السجن السياسى والاقتصادى والثقافى والدينى الذى كان فرضه المخلوع علينا، ويقوم الرئيس الدكتور الباشمهندز مرسى يا بغل باستكمال المشوار الذى بدأه المخلوع من إذلال للوطن فى مقابل الريال، بل ذهبنا لنتسول من الصين. الصين حلوة. الصين قوة اقتصادية يجدر بنا أن نتعاون معها، لننعش الاقتصاد، ونكتسب الخبرات، خصوصا فى صناعة سجاجيد الصلاة وفوانيس رمضان. ليس لدىّ أدنى اعتراض على تعاون اقتصادى مع الصين، على العكس تماما، إننا كنا ننشد هذا التعاون حتى لا نضع البيض كله فى سلة الولاياتالمتحدة والخليج. باقول تعاون.. بنشحت ليه؟ الصين حلوة. فى أول تبادل تجارى مع الصين، قررت الصين أن ترسل إلينا سيارات للشرطة المصرية. آه.. نسيت وأنا أتغزل فى نمو الاقتصادى الصينى، وصعوده، وقدرات الصينيين الهائلة فى صناعة فوانيس رمضان، أن أذكّر بأن الصين دولة قمعية، قتلت 50 ألفا من الطلبة الصينيين فى ساعة زمن واحدة، الناس فى الصين لا تحجم عن الحديث فى السياسة فحسب، وإنما تحجم عن الحديث. خالص بقى.. ألّا يقعوا فى الغلط كده ولّا كده. واحنا مالنا... الصين لها شعب، وإن ارتأى الثورة فعليه أن يقوم بها بنفسه، ويقدم التضحيات، ويتجنب كل ما فعلناه فى ثورتنا عشان ربنا يكرم ويجبر الخاطر. لكن الصين لها توازنات سياسية، وقال الدكتور ياسر على بأن القرض الذى قدمته الصين غير مشروط! لم تخترع البشرية قرضا غير مشروط، ذلك لأن الإنسان بطبعه ظلوما جهولا، بداية من الرجل الذى يدخل بكيلو اللحم إلى منزله ليقول لزوجته: أنا الراجل فى البيت ده وباصرف وكلمتى اللى تمشى.. وانتهاء بالدول التى تفرض سياساتها، ورؤيتها، وثقافتها، واعتقاداتها على الدول الأخرى أصحاب اليد السفلى. ولم يكفنا التسول من صندوق النقد الدولى ذى الأهداف الإمبريالية، ولا دول الخليج ذات الأهداف الكفيلية، فها نحن نقترض من الصين، التى تنتهج انتهاك حقوق الإنسان كسياسة مبدئية. لكن البُشْرَى التى أزفّها إلى زملاء المشرحة: الغاز المرة الجاية حيبقى صينى يا ولاد. طب عايز كام يا مرسى ونلمهولك تانى؟ أو فين الفلوس اللى لمها حسان؟ هاه؟