ياسرايوب يكتب:المسجد الأقصى وكرة القدم

حتى وإن لم تكتمل الرحلة ولم يذهب «أبوتريكة» و«شيكابالا» إلى غزة والضفة الغربية.. يكفى جدا دلالة ومعنى وقيمة موافقة النجمين الكبيرين على أن يكونا معا، وأن يصحبا عدداً من لاعبى مصر القدامى والجدد فى رحلة إلى قطاع غزة واللعب هناك آخر شهر مارس أمام منتخب غزة.. فقد قال إبراهيم أبوسليم، نائب رئيس اتحاد الكرة الفلسطينى، إن الاتحاد بدأ بالفعل يستعد لهذه الزيارة وتنظيم مباراة يلعبها نجوم مصر بقيادة «أبوتريكة» و«شيكابالا» أمام نجوم غزة، وسيجرى تخصيص دخل هذه المباراة لمصلحة أسر شهداء مذبحة استاد بورسعيد..
وقد أكد «أبوسليم» الموافقة المبدئية ل«أبوتريكة» و«شيكابالا» على السفر واللعب فى غزة.. ثم جاءت أنباء أخرى من قلب الضفة الغربية تشير إلى احتمال انتقال النجوم المصريين بقيادة «أبوتريكة» و«شيكابالا» إلى الضفة واللعب هناك أمام المنتخب الفلسطينى الأول أيضاً لمصلحة أهالى الشهداء.. وقيل إن هناك محاولات تجرى حاليا لدعوة النجم العالمى الكبير مارادونا ليذهب أيضا إلى الضفة واللعب هناك.. وقد توقفت وأنا أتابع هذه الأخبار والجهود والمحاولات أمام معان كثيرة وجميلة أيضاً.. فقد كانت أولى النتائج الإيجابية لأحزان ومواجع وقسوة ما جرى فى بورسعيد هى عودة روح غائبة للكرة المصرية التى من جديد بدأت تسترد كثيراً من إنسانيتها وبعضاً من رومانسيتها الضائعة.. وبدأت تتضاءل يوما بعد يوم مساحات العنف والحقد والكراهية المتبادلة غير المبررة..
ولكن بدأ أيضا بعض الناس.. سواء كانوا إعلاميين أو لاعبين.. يعودون من جديد لإثارة الفتن والحساسيات وفتح كثير من الجروح القديمة.. وبدأت بعض الجماهير غير المقتنعة أصلا بأى وجه جميل لكرة القدم تستجيب لهؤلاء الإعلاميين واللاعبين.. وأصبحت أمام كل ذلك أشعر بأننا عائدون لنفس ماضينا القبيح المسكون بالعداء والعصبية وكراهية الآخر والاستمتاع بإهانته وإيذائه..
ولهذا كانت سعادتى بمبادرة «أبوتريكة» و«شيكابالا» وموافقتهما على اللعب فى غزة ثم الضفة.. فأن يسافر الاثنان تحديدا معا إلى غزة، وأن يضمهما فريق واحد يخوض مباراة ليست رسمية وإنما مباراة للحب والوفاء وكل المعانى الإنسانية - فهذا يعنى تذكير كل الناس من جديد بأن كرة القدم ليست سلاحا للكراهية أو ساحة للحروب التى باتت تنتهى بالدم والموت.. وإنما يمكن أن تقوم الكرة بأدوار أخرى أهم وأجمل وأعمق وأكثر ضرورة..
وقد كنت أتخيل.. وبدأت بالفعل الإعداد والتنسيق لأن أشارك أبوتريكة وشيكابالا وبركات وأحمد حسن وعبد الواحد السيد وعماد متعب وعمرو زكى وحسنى عبدربه ووائل جمعة فى جهود حقيقية على الأرض ومحاولات جادة لبدء تغيير شكل الحياة فى العشوائيات.. وكلهم كانت استجابتهم أكثر من رائعة تعكس مدى إحساسهم بالناس ورغبتهم فى تقديم أى شىء حقيقى للأطفال والبسطاء والفقراء.. لكننى الآن أتوقف أمام هذه الرحلة المحتملة إلى الضفة الغربية.. فقد تزامنت دعوة الاتحاد الفلسطينى ل«أبوتريكة» و«شيكابالا»، وأيضا «مارادونا»، لمباراة كرة قدم فى الضفة - مع اعتداءات إسرائيلية جديدة على المسجد الأقصى.. وأنا أتمنى من الصديق العزيز اللواء جبريل الرجوب، رئيس الاتحاد الفلسطينى لكرة القدم واللجنة الأوليمبية أيضاً، أن يبدأ التفكير ومحاولة استغلال هذه المباراة وهؤلاء النجوم فى لفت انتباه العالم وأهله وإعلامه بضرورة حماية المسجد الأقصى واحترام مشاعر كل مسلمى العالم.. وأظن وقتها لن يتأخر «أبوتريكة» و«شيكابالا» و«بركات» وأى لاعب مصرى عن المشاركة..
ولابد أن يأتى «مارادونا».. وأن يتدخل الصديق العزيز أيضا الشيخ صالح كامل لإقناع «بيليه» بالسفر إلى الضفة.. وأن تتم دعوة كل نجوم الكرة الكبار المسلمين فى أوروبا للمشاركة فى تلك المباراة.. وأرجو ألا أجد أحداً ممن أصبحوا لا يجيدون أو يريدون إلا السخرية من كل شىء وأى أحد، يقول لى إن كرة القدم لن تنقذ المسجد الأقصى ولن تحميه.. فكرة القدم تستطيع بالفعل أن تكون مجرد بداية لاهتمام وتغيير، تماما مثلما كانت فانلة «أبوتريكة» بداية لالتفات وانتباه كثيرين فى العالم كله إلى حصار غزة.