■ قرض صندوق «النكد» الدولى (التعبير للأستاذ المخلوع حسنى مبارك) الذى تجاهد سلطة جماعة الإخوان حاليا للفوز به وتقبضه بيديها الكريمتين.. هذا القرض مشكلته ومأساته ليس أن الست «الجماعة» سبق أن رفضته وناهضته واعتبرته رجسا وحراما، إذ ينطوى على ربا مزموم وفاحش يُخرج الساعى إليه من الملة فورا، وعلى هذا الأساس رأيناها تتعلل به وهى تمتشق سيف المرحوم عنترة بن شداد وتدخل فى حرب حامية الوطيس ضد حكومة الدكتور كمال الجنزورى، فلما دانت السلطة كلها للجماعة وفبركت حضرتها حكومة بديلة (بالتعاون مع الفلول) فوجئنا بأن الذراع الرئاسية لجنابها يمنح الدكتور الجنزورى قلادة النيل العظمى، بل ويفيض على الرجل من واسع كرمه وفضله فيجعله أول المنضمين إلى جيوش المستشارين الرئاسيين، وبسرعة لم يعد قرض «النكد الدولى» حراما ولا رجسا من عمل الشيطان وإنما حلال بلال، تماما كما المخاتلة والكذب وسائر الموبقات الثقيلة التى أدمنتها الجماعة وصارت تجرى فى عروقها مجرى الدم فى شرايين القلب. وأيضا ليس من أسوأ مشكلات وبلاوى قرض الصندوق النكدى أن من طباع هذا الأخير وشيمه المشهورة أنه لا يُقرِض ولا يدفع مالًا لوجه الله تعالى أبدا ولا يحفل كثيرا أو قليلا بسواد أو اخضرار عيون من يقرعون أبوابه، وإنما هو جاهز دائما بترسانة طلبات سمجة وشروط قاسية وفواتير باهظة يدفعها الفقراء من دمائهم ولحمهم الحى ولا يكتفى بتعهدات الحكومات التعبانة أن تفى بها، لكنه يعطى نفسه سلطة الرقابة المباشرة على تصرفاتها وسياساتها. طيب، إن لم تكن مشكلة القرض وبلاويه السوداء تكمن فى كل ذلك فما المشكلة وأين المأساة؟! المأساة الحقيقية أن الست الجماعة التى تحكمنا وتتسلطن علينا الآن أظهرت بوضوح يخزق عين الأعمى أن جنابها تتسلطن وتكوش على كل سلطات الحكم فى البلد من دون أن تملك أى رؤية ولا برنامج ولا حاجة أبدا خالص البتة، لهذا نراها تسير وتتسكع بإخلاص وانضباط شديدين على الطريق نفسه (فى الاقتصاد والاجتماع والسياسة الخارجية أيضا) الذى سار عليه نظام الأستاذ المخلوع وأوصلنا إلى الخرابة الهائلة التى نعيش فيها حاليا!! إذا كان ذلك كذلك فعلا فالسؤال: لماذا إذن قمنا بالثورة ودفعنا كل هذا الثمن الباهظ من أجل خلع المخلوع وإسقاط نظامه؟ ألم يكن أحسن لنا وأرخص أن نوفر دماء مئات الشهداء ونور عيون مئات آخرين من أجمل شبابنا ونكتفى بإقناع مبارك وابنه وعصابته بإطلاق لحاهم والامتناع عن حلاقة ذقونهم كل صباح والتجول يوميا على الجوامع والزوايا وإلقاء الخطب العصماء الجوفاء فى حب «التوك توك» وخلافه؟! ■ جناب الست الحكومة الإخوانية الفلولية المشتركة رفضت بإباء وشمم قبل أيام تأجير قاعة الصالة المغطاة باستاد القاهرة للمسؤولين عن تنظيم مؤتمر تأسيس «التيار الشعبى» الذى يتزعمه المناضل البارز حمدين صباحى، وجاءت حجة الرفض أسخف وأسوأ من الرفض نفسه، إذ قالت الست إن وزارة داخليتها تعبانة جدا ومريضة خالص وقدرتها الأمنية واطية تماما وتصعب على الكافر، ومن ثم فهى لا تستطيع تأمين حضور المؤتمر رغم أنهم سيجتمعون فى مكان مغلق تحيطه أسوار الاستاد!! وربما يرى بعض الناس أنه كان أحسن وأشرف للحكومة وداخليتها بدلا من التعلل بهذه الحجة الخايبة العبيطة أن تعترف بالحقيقة وتقول بصراحة وبجاحة إن ديمقراطيتها لا تسمح بأن يجتمع أو يلتئم شمل أحد فى هذا البلد سوى الأخت «الجماعة» التى هيمنت وكوّشت (بالعافية والمخاتلة وشراء الذمم والضمائر) على كل السلطات، مستفيدة من ثورة اندلعت وتفجرت بعيدا عن ذيل «إسدالها» وتعادى أغلب وأهم أهدافها، ومع ذلك ما زالت حضرتها تحتفظ ب«الحظر» القديم وتعض عليه بالنواجذ وتستقتل فى مقاومة الانتقال من ظلامه إلى نور الشرعية القانونية حتى تبقى هكذا، حرة طليقة تتحنجل وتعربد وتقفز بخفة (رغم أنها مثقلة بثروات ومليارات لا يعرف مصدرها أحد) بين سمات ومميزات العصابة السرية ومزايا الحزب السياسى.. منكم لله