حادث رفح الإرهابى الذى راح ضحيته شهداء من ضباطنا وجنودنا على الحدود وهم يفطرون سيعيد إلى الأحداث مجددًا مجموعة أعداء الثورة وقيادة إجهاضها ليؤكدوا أنهم كانوا على حق عندما قالوا إن «خلع» مبارك سيكون أزمة «لفك» الدولة، وبدء عمليات ضد مصر وبخاصة فى سيناء. وكان قد ظهر هؤلاء بشكل كبير فى أيام الثورة على الفضائيات، وحذروا من الثورة على مبارك. سيخرج هؤلاء من القمقم الذى وضعوا أنفسهم فيه بعد أن كشفت الثورة موالستهم للنظام المستبد وفسادهم السياسى والمالى، وذلك بفضل العملية الإرهابية التى أدت إلى استشهاد 15 ضابطا وجنديا وإصابة سبعة آخرين فى أثناء حراستهم الحدود وساعة الإفطار، وهو عمل إرهابى خسيس.. ولكن من السبب فى ذلك؟ لا، لم تكن الثورة أبدا سببا فى ذلك الانفلات الأمنى الذى عَمّ البلاد وبشكل متعمّد من بقايا نظام مبارك والذين أداروا البلاد بعد تسلمها فى حالة من التوافق العام بين الجميع، لكن أرادوا تمزيقها وتقسيم الناس على طوائف مختلفة سياسيًّا وحتى دينيًّا، وانتقل الانفلات الأمنى فى مدن وقرى مصر، ومن الطرق بين المدن وانتشار البلطجية فى كل مكان إلى الفراغ الأمنى فى سيناء والذى كان فى ما يبدو أن هناك من يغذّيه ويرعاه لسبب فى نفس يعقوب! هكذا كانت الإدارة الفاشلة لجنرالات معاشات المجلس العسكرى لشؤون البلاد، والتى فشلت فى الحفاظ على الثورة رغم زعمهم حمايتها فى أيام الثورة وانضمامهم إلى صفوف الشعب والثوار ضد النظام الذى كانوا هم جزءا منه.. فلم يستمع هؤلاء الجنرالات المعاشات إلى الخبرة وأصروا على إدارة شؤون البلاد على طريقتهم، وهم لا علاقة لهم لا بالسياسة ولا بالإدارة، ليُغرِقوا البلاد فى مشكلات كبيرة لم تكن على قدر ما كانت أيام مبارك الفاسد المستبد. ولم يفعلوا شيئا من أجل بناء مجتمع ديمقراطى سليم يعيش فى حرية وكرامة.. فحتى الآن ما زلنا نطالب بالحرية والديمقراطية وبعدم تزاوج السلطة بالمال.. فلم يتغير الأمر كثيرا. وانشغل جنرالات معاشات المجلس العسكرى بأمور السياسة واستضافتهم فى فنادقهم الخاصة رجال السياسة والأحزاب الذين كان معظمهم يعمل مع مبارك وكان جزءا من نظامه وفساده ويدخلون فى تحالفات غريبة ومريبة من أجل تقاسم تورتة الثورة والحفاظ على مصالحهم الشخصية، فى نفس الوقت الذى أهملوا فيه الأمن وصارت سيناء مرتعا لجماعات إرهابية تحت زعم الجهاد فى سبيل الله.. وتجمَّع فيها السلاح الذى أصبح فى متناول الجميع، وجاءهم الإنذار فى شهر يونيو الماضى عندما قام العشرات من تلك العناصر بالهجوم على مدينة العريش وهم يحملون الأسلحة الآلية ومدافع «آر بى جى» ويحملون الرايات السوداء وتجوّل بعضهم فى المدينة لعدة ساعات على متن شاحنات صغيرة وهم ملثمون ويطلقون الرصاص فى الهواء ثم هاجموا قسم شرطة ثانى العريش. ولم يفعل جنرالات المجلس العسكرى شيئا، وظلت الأمور على هذا النحو، ويزداد انتقال السلاح إلى تلك الجماعات فى سيناء وأشرنا هنا فى «التحرير» فى عدد الأحد 29 يوليو الماضى إلى فيديو يوضح خطورة ما يحدث فى سيناء.. ولكن لا أحد يرى أو يسمع أو يقرأ.. ومع ذلك استمررنا فى التحذير ونشرنا فى اليوم الثانى ردود أفعال على هذا الفيديو الخطير تحت عنوان «سيناء فى خطر».. وخرجت إسرائيل بعد ذلك لتحذر مما يحدث فى سيناء.. وكذلك أمريكا.. لكن عندنا لا أحد هنا.. واستمر الإهمال، واستمر الفراغ الأمنى فى سيناء وسيطرة الإرهابيين مع استمرار تدفق السلاح، واكتفى جنرالات «العسكرى» بالفرجة، واكتفى الرئيس محمد مرسى الذى يدّعى وجماعته أن الإعلان الدستورى يكبّله بالإفطار مع جنود وضباط القوات المسلحة ليوصل رسالة واحدة هى «أنا القائد». فماذا سيفعل القائد مع جنرالاته بعد هذا الحدث الإرهابى الخسيس؟ إن دماء الشهداء العسكريين فى رقبة القائد ومرسى وجنرالات معاشات المجلس العسكرى