لم أفهم لماذا سارع الدكتور محمد يسرى إبراهيم، أمين عام الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، بالإعلان عن اختياره وموافقته على تولى وزارة الأوقاف، فى الوقت نفسه الذى يطالب فيه الدكتور هشام قنديل -المكلف بتشكيل مجلس الوزراء- الإعلام بتحرى الدقة فى نشر المعلومات عن لقاءاته، موكداً أن لقاءه بمرشح لا يعنى اختياره. رئيس الوزراء ينفى الاستقرار على أحد، أو على الأقل لم يعلن ذلك رسمياً، وهو المسئول الأول عن ذلك، فيما أعلن الدكتور محمد يسرى عن موافقته بعد استشارة العديد من العلماء على تولى مسئولية واحدة من أهم الوزارات فى الحكومة الجديدة وهى الأوقاف، فماذا يعنى هذا؟ وإلى ماذا سيؤدى إذا خلت الحكومة الجديدة من اسم الدكتور محمد يسرى؟! المرشح لوزارة الأوقاف كان مرشحاً فى الانتخابات البرلمانية السابقة فى مواجهة د.مصطفى النجار وفاز الأخير بعد معركة شرسة تعرض فيها للاغتيال المعنوى ولحروب غير نظيفة قد لا يكون منافسه هو المسئول عنها ولكنه يتحمل مسئوليتها. ترشح الدكتور يسرى للأوقاف أثار سعادة بالغة لدى مريديه ومؤيديه من المنتمين للتيار السلفى، فيما لقى انتقاداً حاداً من الذين يأخذون على الشيخ يسرى انتماءه إلى الفكر الوهابى وانتقاده للأزهر الشريف مع تخوف كبير من السعى إلى تغيير هوية الأزهر، تلك المرجعية الأصيلة الوسطية التى لم يستطع أحد اختراقها عبر مئات السنوات، حتى لو أصابه الوهن واحتاج إلى استعادة دوره. الدكتور يسرى حاصل على الدكتوراه فى الهندسة الكيميائية حتى أنه رشح لوزارة البترول، ولكن فجأة تغير مسار ترشحه وذهب للوزارة المعنية بإدارة الأوقاف فى مصر، والإشراف على ملايين المساجد والزوايا فى مصر، وهذا سر فزع الرافضين له، فعلى الرغم من حصول د.يسرى على الماجستير والدكتوراه فى الشريعة من الأزهر الشريف، فإنهم يرون أن طرح د.يسرى مغاير للمنهج الأزهرى العلمى المنضبط، وينسبون إليه مواقف وآراء لم أستطع حتى كتابة هذا المقال التثبت من صحتها، ولكن ورغم المؤلفات العديدة للدكتور يسرى عالم الكيمياء والشريعة، لن تكفى تأكيداته عن انتمائه للأزهر الشريف ليتولى مسئولية وزارة الأوقاف فى وقت الريبة، فمصر فى مرحلة انتقالية، ولسنا فى وقت توزيع الغنائم والحصص، فلماذا نزرع الشك فى النفوس.. لماذا نهز مؤسسة الأزهر ونحن فى أشد الحاجة لتماسكها ووحدتها.. لماذا لا يكون هذا بعد سنوات من ذوبان الفكر السلفى فى منهج الأزهر الأصيل؟ د.محمد يسرى عالم جليل له كل الاحترام فلا تجعلوها أزمة وحرباً وليكن وزيراً فى الحكومة بعيداً عن الأوقاف، حتى لا نواجه أزمة يمكن تجاوزها بدلاً من التبكير بمخاوف هى حية ومرعبة لكثيرين!