.. إذا حضرتك تكرّمت ووضعت جانبًا أو بجوار أقرب حائط حفنة أصدقائنا وإخوتنا الغلابة أعضاء «جبهة فيرمونت» لا مؤاخذة (فيرمونت هذا فندق فاخر وليس مجرد «لا مؤاخذة»)، فإن كل مَن له عينان وأى صاحب بصيرة متواضعة يستطيع أن يلاحظ ويرى بوضوح وسهولة كيف أن إخوانّا «الإخوان» يسبحون هذه الأيام فى أوهام وخطرفات عقلية لا يفوق تهورها وأذاها إلا الغفلة والجُهّل الراقدين خلفها.. فأما خلاصة ذلك «الوهم الإخوانى» فهو ظنهم السيئ أن المولى تعالى هيّأ لهم بالثورة، التى لا يؤمنون بشىء من أهدافها النبيلة، الفرصة ليس لكى يتخلصوا من قيود الحظر الظالم ويأخذوا حجمهم ومكانهم الطبيعى فى حلبة المنافسة الشريفة بين القوى السياسية الوطنية، وإنما ل«يتمكنوا» من الهيمنة واختطاف دولة ومجتمع المصريين بحيث يستبدلون «جماعتهم» وأغنياءهم وعصبتهم المالية والتجارية بعصابة المخلوع وحزبه المنحل ونظامه الفاسد. ومع ذلك، ولأن مولانا جل شأنه كريم ورحيم بعباده فقد سلّط على الظالمين جشعهم وغباوتهم، فإذا بهم وهم مندفعون مهجوسون بوهم «التمكين» يرتكبون شتى أنواع الحماقات والجهالات التى فضحتهم وكشفت بؤس مراميهم الخطرة وأوقعتهم فى شر أعمالهم فتآكلت بسرعة تاريخية وغير مسبوقة ثقة أغلبية خلق الله فيهم (راجع الفرق الشاسع بين عدد الأصوات التى حصدوها فى انتخابات البرلمان، وما حققه الدكتور مرسى فى جولة الانتخابات الرئاسية الأولى). غير أن موضوع سطور اليوم (وغدًا) ليس كل مظاهر تهور وعربدة عصبة «الإخوان» وما فعلوه، هم ينفذون (بدعم لا محدود من المجلس العسكرى) خطة «التمكين» وخطف البلد، ابتداءً من فرض عملية سياسية انتقالية معطوبة وشاذة على المجتمع بأسره أنتجت أزمات ومآسى وجرائم لا أول لها ولا آخر، وانتهاء بأثقل كارثة وطنية قد تهبط على رؤوس المصريين قريبًا إذا تمكنت هذه العصبة وتوابعها من إتمام جريمة اختلاس واحتكار صنع دستور البلد الجديد وتفصيل بنوده على مقاس أشد الأفكار تخلفًا وظلامية وعداء لحريات الناس وحقوقهم الإنسانية الأصيلة التى اعترف بها كل وثائقنا الدستورية منذ فجر تأسيس الدولة المصرية الحديثة (راجع من فضلك ما تيسر من تسريبات ومعلومات مفزعة عما أنتجته لجنتهم الدستورية الشوهاء المشؤومة). كل هذا سأنحيه جانبًا وأتوقف فحسب أمام واحدة من أخطر المعارك والفضائح والعربدات الدائرة حاليا، ألا وهى محاولة جماعة الإخوان وراثة أسوأ وأوسخ مخلفات نظام مبارك المدحور واستخدامها للسطو على وسائل الإعلام العامة المملوكة للشعب ومن ثم تحويلها إلى أبواق دعاية رخيصة تخاصم كل أصول وقواعد وأخلاقيات المهنة لكنها تنعق وتهلل وتكرس منتجها كله لترويج وتزويق حكم «الجماعة» كما كانت تفعل أيام حكم «العصابة»، بذريعة أن القانون القائم (وهل قامت الثورة إلا للتخلص من النفايات التشريعية التى أنتجها نظام مبارك؟!) ينص على اختراع لا مثيل له فى بلدان الدنيا المتمدينة بمقتضاه تتولى تلك «الزائدة البرلمانية»، التى لا فائدة منها ولا شغلانة لها المسماة مجلس الشورى، ممارسة الهيمنة على الصحف القومية، بما فى ذلك انتقاء قادتها ورؤسائها من صفوف فيالق المنافقين المستعدين لخدمة أى سيد يقعد على كرسى العرش مهما كان!! و.. لقد تآكلت المساحة، وأكمل تفاصيل الفضيحة المدوية غدًا إن شاء الله.