ميدو منذ أن تم تعيينه مديراً فنياً لنادي الزمالك، وهو يتعرض لضغط إعلامي كبير من قبل الصحف ووسائل الإعلام المصرية كونه لاعب معتزل حديثاً ولا يملك أي خبرة في مجال التدريب ليصبح فجأة مدرب لأحد قطبي الكرة المصرية. ما زاد من الأمر الهجوم الناري والشرس من قبل الجماهير الأهلاوية على ميدو والذي يعد أحد أكثر الشخصيات واللاعبين المكروهين في القلعة الحمراء بشكل عام، خاصة بعد تلويحه مؤخراً بإشارة "خمسة" في صورة نشرها على موقع التواصل الإجتماعي والتي تشير إلى هزيمة الأهلي من مونتيري المكسيكي بخمسة أهداف في كأس العالم للأندية. ومن يعرف ميدو، يدرك جيداً أنه يعشق نادي الزمالك ويتصرف في مواقع التواصل الإجتماعي الخاصة به كأنه مشجع لهذا الفريق الأبيض وليس كمحلل رياضي أو نجم منتخب مصر سابقاً، فهو لم يخف في أي مرة حبه وعشقه للزمالك خاصة في هذا الوقت الذي يمر به الفريق الأبيض بأسوأ فتراته الكروية. وانتظرنا جميعاً مباراة الزمالك الأولى تحت قيادة ميدو لمشاهدة ماذا سيفعل وكيف سيكون أداء الفريق الأبيض وكيف سيتعامل مع اللاعبين؟ إلا أن المفاجأة الأكثر إثارة هى العدد الكبير من جماهير الأهلي التي باتت تتمنى خسارة الزمالك مع ميدو بل وتشجيع المنيا مثل "أيام زمان"، هؤلاء ربما يتمنوا فقط هزيمة ميدو ليس لمصلحة الأهلي أو ما شابه ولكن للكره الشديد الذي يحملونه لميدو. ولكن.. بعيداً عن هذا الكره الشديد لميدو من قبل جماهير الأهلي، ما دخل الأهلاوية في تعيين ميدو "الصغير" مديراً فنياً للزمالك؟ فهو إذا فشل الضرر سيعود على الزمالك فقط! وإذا ذهب بالزمالك إلى الهاوية فعادة هذا ما تتمناه جماهير الأهلي فأين المشكلة إذن؟ إلا أن الواقع يقول أن ميدو يمتلك "كاريزما" وشخصية قوية ولديه مكونات المدير الفني "العصري" و"الأوروبي"، في بداية سنبدأ بالحديث عن من هم ينتقدون تعيين ميدو كونه مجرد لاعب معتزل ومحلل رياضي ولا يملك أي خبرات تدريبية أو شهادات تدريب، فألان شيرار نجم منتخب إنجلترا وهداف نيوكاسل يونايتد السابق تم تعيينه مديراً فنياً للماكبايس في أبريل 2009 دون الحصول على أي شهادات أو خبرات تدريبية، وهناك أيضاً باول إنس نجم خط وسط إنجلترا سابقاً تم تعيينه كلاعب ومدرب في فريق سويندون تاون دون الحصول على أي شهادات تدريبية ومن ثم رحل إلى ماكليسفيلد تاون كمدير فني، وأخيراً وليس آخراً كلارنس سيدورف النجم الهولندي الكبير الذي أجبره آسي ميلان على اعتزال كرة القدم أثناء لعبه في نادي بوتافجو البرازيلي ليصبح المدير الفني الجديد للروسونيري خلفاً للمقال أليجري، وغيرهم من اللاعبين الذين تولى الإدارة الفنية لفرق كبيرة وعريقة في الكرة الأوروبية. ثانياً.. هناك عامل مهم في تعيين ميدو مدير فني للزمالك حيث أنه كلاعب خاض فترة احتراف طويلة للغاية في أوروبا وبغض النظر عن نجاحها أو لا؟ فأنه تعايش في أندية أوروبية كبيرة مثل روما الإيطالي وتوتنهام الإنجليزي وأياكس الهولندي ومارسيليا الفرنسي، عرف كيف يتعامل المدربين الكبار مع نجوم أوروبا، اكتسب خبرات رائعة ومميزة نادر وجودها في مصر، احتك بكبار المدربين والنجوم الأوروبية بشكل يومي وهو ما يجعله يمتلك خبرة كبيرة للغاية في هذا الشأن. ثالثاً.. ميدو نضج كثيراً بعد اعتزاله وهو ينضج أكثر وأكثر بتقدمه في العمر، وشاهدنا جميعاً كيف يحاول تطبيق المنظومة الأوروبية في مصر بالتحديد مثل المؤتمرات الصحفية التي تسبق المباريات ومصافحة المدرب عقب كل لقاء ولاعبي الفريق الخصم وما إلى غير ذلك. رابعاً.. مع الاحترام الكامل للجميع، فأن ميدو شئنا أم أبينا هو المدرب المصري الوحيد القادر على التدريب في إنجلترا إذا نجح في مسيرته مع الزمالك كونه يمتلك علاقات وصداقات قوية مع عدد كبير من المسؤولين واللاعبين والمدربين المتواجدين في البريميرليج وحتى في الشامبيونشيب وهو ما قد يجعله أحد أبطال مصر في أوروبا بل وربما يصبح محبوباً في الأهلي مثل محمد صلاح. فإذن لماذا كل هذا الهجوم؟ فالسبب المنطقي الوحيد هو أن هؤلاء الأهلاوية الذين يهاجمون ميدو ربما يخشون من نجاحه مع الزمالك أو خائفون من أن يقوم هذا النجم الصغير فإعادة بناء كرة الزمالك الجميلة وعودته للبطولات ليصبح بطل شعبي في القلعة البيضاء، ربما يشعرون أن ميدو بتجربته مع الزمالك الفريدة قد يهدد عرش الأهلي أو يضفي على الزمالك نكهة أوروبية لم تتواجد يوماً في الكرة المصرية. تجربة ميدو المسؤول الأول والأخير عنها نادي الزمالك فهم المتضررين إذا فشلت وهم أيضاً المستفدين في حالة نجاح التجربة، وبقليل من العقلانية لا يوجد أي مبرر يجعل أحمد حسام ميدو لا يستطيع قيادة الزمالك فنياً. فصبراً جميلاً.. ودعونا نحاول تطوير هذه الكرة المصرية "السخيفة" التي تهتم فقط بالمهاترات والتفاهات وتترك المعنى الحقيقي لكرة القدم، فمثلما حلمنا يوماً بارتداء صلاح أحد قمصان البريميرليج لما لا نحلم بتدريب ميدو أحد فرق إنجلترا. بالتوفيق لميدو ولأي مدرب صغير أو لاعب صغير يحمل فكر ومنظومة يحاول تطبيقها في هذه البلد الفقيرة بالطموح والعقول الناضجة والمثمرة. ملحوظة: الكاتب لا ينتمي حالياً ومنذ فترة طويلة لأي فصيل أو تيار رياضي مصري، لا زملكاوي ولا أهلاوي رغم عشق الأهلي من الصغر. محمد عمارة