قل: التحق الإخوان بالثورة ولم يخططوا لها. قل: دخل الإخوان فى تفاهمات مع المجلس العسكرى أدت إلى تعثر الثورة. قل: الإخوان تصرفوا طيلة الشهور الماضية على أن الجماعة قبل المجتمع أو حتى قبل الجميع. قل: ترك الإخوان الميدان أحيانا وساهموا فى تشويه القوى الثورية. كل هذا معقول ومقبول ولا يجافى الحقيقة من وجهة نظرى. لكن إن قلت: الإخوان قتلوا الثوار، فلا شك أنك تتحدث بما لا يُعقل، ولا يمكن لمنصف أن يصدقه. ستقول: هناك اتهام من الفريق شفيق، وهناك «فيديو» عرضته إحدى القنوات الفضائية، سأقول لك: ليس هذا دليلا كافيا. سترد علىَّ وتقول: ظهر الدكتور محمد البلتاجى والأستاذ صفوت حجازى يضربان شابا يعمل محاميا، وهو من طنطا ظنا منهما أنه ضابط أمن دولة. سأقول لك: وارد طبعا، ففى الأيام الثمانية عشر الأولى للثورة، كانت هناك أقاويل تتردد بأن جهاز أمن الدولة والمخابرات الحربية أرسلا ضباطاً إلى ميدان التحرير يحملون بطاقات هوية مسجلة فيها مهن أخرى، أطباء ومهندسون ومدرسون وأصحاب أعمال حرة. كانت مهمتهم جمع المعلومات، وإطلاق الشائعات، والحيلولة دون اتفاق الثوار على رأى موحد أو اختيار قيادة للثورة، ولاحظت أنا بنفسى هذا، وبعضهم كان يقترب من الشخصيات المؤثرة فى الميدان ويقدم نفسه إليهم على أساس مهنته المنتحلة، ثم يطلب بلغة غارقة فى الود والبساطة منهم أن يتبنوا تصورات معينة، تبدو منطقية فى مظهرها لكنها تنطوى على رؤية تريدها السلطة، لتفتيت الميدان وتدميره معنويا. ستقول: لكن الإخوان هاجموا أقسام الشرطة فى وقت واحد يوم 28 يناير. سأرد عليك: ما أعرفه من شهادات للناس فى الأحياء الشعبية أن مهاجمة الأقسام وحرق بعضها كان فعلا عفويا، مثله جرى فى ثورة 19، وكان السبب أن المواطنين نظروا إلى هذه الأقسام باعتبارها رمزا لقهر السلطة وبطشها، وكثيرون منهم عانوا طويلا من المعاملة القاسية والإذلال والإهانة. أحد هؤلاء قال لى يوم 25 بميدان التحرير: أنا نقاش وهذه أول مرة أشارك فى مظاهرة بسبب الاعتداء المتكرر من أمين شرطة علىَّ. ربما كان شباب الإخوان ضمن المهاجمين، لكن هذا يناقضه كل ما يقال عن أن الإخوان نزلوا كتنظيم وليسوا كأفراد يوم 29 يناير. ستقول: الهجوم على مقرات أمن الدولة كان ممنهجا، سأقول لك هذا صحيح، وواضح للجميع، وهنا يمكن أن نفكر فى مسئولية الإخوان، بعض من تضرروا من الأفعال الكريهة لهذا الجهاز، وربما أرادوا أن يستولوا على ملفاتهم المتكدسة بمقراته. كل هذا وارد، بما فيه إعانة حماس على تهريب سجنائها. أما أن تقول: الإخوان لديهم قناصة قتلوا الثوار، فهذا اتهام جزافى، فالجماعة كانت تحت بصر وعين أجهزة الأمن ليل نهار، وهناك مؤسسات أخرى فى الدولة لديها قناصة، وهناك من استخدم مرتزقة تابعين لشركة «بلاك ووتر».. فلنتحرَ الحقيقة.